أعلنت مجموعة “أوكسفورد بيزنس غروب” انه مع وصول أسعار النفط إلى أعلى مستوياتها في فترة تتراوح بين 5 سنوات و7، كشفت دول عديدة في الشرق الأوسط عن اتخاذ اجراءات وتدابير مالية مصمّمة لإضفاء التوازن على موازناتها بعد عامين من المعاناة في مجال الإنفاق الذي فرضته تداعيات ڤيروس كورونا.
وقالت المجموعة في تحليل لها تحت عنوان “الإنفاق والادخار: كيف يواجه الخليج من عام 2022؟ إنه على رغم ارتفاع أسعار النفط، إلا أن العديد من دول الخليج تتبع استراتيجيات صارمة مالياً.
السعودية
فقد أعلنت المملكة العربية السعودية، صاحبة الاقتصاد الخليجي الاكبر أنها تتوقع في عام 2022 تحقيق أول فائض في الموازنة منذ 8 سنوات.
وقدّرت الحكومة السعودية أنها ستحقق فائضاً قدره 90 مليار ريال سعودي (24 مليار دولار) هذا العام، أي ما يعادل 2.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وذلك بعدما سجلت عجزاً بنسبة 2.7 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العام الماضي، والذي أعقب عجزًا بنسبة 11.2 في المئة في عام 2020 ، حيث أثر فيروس كورونا بشدة على الاقتصاد.
وقالت “أوكسفورد بيزنس غروب” إنه “مع ارتفاع أسعار النفط حالياً فوق 100 دولار للبرميل – وهي مستويات لم نشهدها منذ عام 2014 – فإن التحول المتوقع سيكون مدفوعاً بكل من زيادة الإيرادات وانخفاض الإنفاق”.
وتوقعت أن تزيد الإيرادات بنحو 12 في المئة لتصل إلى 1.05 تريليون ريال سعودي (266.7 مليار دولار). وقالت إنه على رغم هذه الزيادة في الإيرادات، من المقرر أن ينخفض الإنفاق الحكومي السعودي بنسبة 6 في المئة.
وكان وزير المالية السعودي محمد الجدعان لوسائل إعلام محلية، إن الفائض سيُستخدم في تعزيز الاحتياطيات الحكومية المتضررة من الوباء، ودعم صناديق التنمية الوطنية ، وتعزيز المشاريع الاقتصادية والاجتماعية الاستراتيجية، وسداد الديون جزئياً.
وفي ما يتعلق بالشق الأخير، توقعت الحكومة انخفاض الدين العام من 29.2 في المئة إلى 25.9 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام، بينما من المتوقع أن ينمو الاقتصاد بنسبة 7.4 في المئة في عام 2022 ، ارتفاعاً عن 2021 والبالغ 2.9 في المئة.
البحرين
وتحدثت “أوكسفورد” عن استراتيجية الترشيد المالي للبحرين، التي أصدرت أواخر العام الماضي موازنة يفترض أن تكون متوازنة بحلول عام 2024.
وتتضمن الخطة، الإضافة إلى مضاعفة ضريبة القيمة المضافة إلى 10 في المئة، خفض الإنفاق وتبسيط الإعانات النقدية للمواطنين وإدخال مبادرات جديدة للإيرادات.
وقالت “أوكسفورد”: “في خضم اتجاه التعافي الاقتصادي في عام 2021 وبيئة أسعار نفط مرتفعة، يمكن للمرء أن يتوقع أداء اقتصادياً قوياً في عام 2022 ، مما سيدعم الوضع المالي للحكومة بشكل أكبر”.
الإمارات والضريبة على الشركات
في أواخر يناير/كانون الثاني، أعلنت الإمارات أنها ستفرض ضريبة على أرباح الشركات. ستدخل الضريبة البالغة 9 في المئة، وستطبق على الأرباح التي تزيد عن 375 ألف درهم (102 ألف دولار)، حيث تسعى الدولة إلى مواءمة نفسها مع معايير الضرائب الدولية.
وبحسب “أكسفورد”، فإن الضريبة “ستساعد أيضاً على تنويع إيرادات موازنة الإمارات وتقليل اعتمادها على الهيدروكربونات”.
وذكّرت بأن إدخال ضريبة الشركات هو الأحدث في سلسلة من الإجراءات المالية من الحكومة الاتحادية. ففي عام 2018 ، طبقت الدولة ضريبة القيمة المضافة بنسبة 5 في المئة، تلتها رسوم جمركية بنسبة 5 في المئة على الواردات.
وقالت: “على الرغم من التطبيق المخطط لضريبة الشركات، لا تزال البلاد وجهة تجارية تنافسية. تعفى الشركات العاملة في المناطق الحرة من الضريبة ولا توجد ضريبة شخصية”.
ولفتت “أكسفورد” إلى أن فرض الضرائب أو رفعها هو نهج استخدمه عدد من دول الخليج في السنوات الأخيرة. فقد رفعت المملكة العربية السعودية ضريبة القيمة المضافة إلى 15 في المئة في 2020 ، بينما فرضت سلطنة عمان في أبريل من العام الماضي، عمان ضريبة القيمة المضافة بنسبة 5 في المئة.
وأشات إلى أن قطر والكويت هما العضوان الوحيدان في مجلس التعاون الخليجي اللذان لم يطبقا ضريبة القيمة المضافة بعد توقيع اتفاقية ضريبة القيمة المضافة المشتركة في عام 2016.
تمويل التحول
وقالت “أكسفورد بيزنس غروب” إن جهود دول الخليج لتحسين أوضاعها المالية تأتي في الوقت الذي تتطلع فيه إلى التعافي من الوباء وتقليل اعتمادها على الهيدروكربونات. فخلال العديد من السنوات، سعت الحكومات في جميع أنحاء المنطقة إلى تنويع اقتصاداتها من خلال الاستثمار بكثافة في الصناعات غير النفطية والطاقة المتجددة.
ولكن مع الوباء الذي أدى إلى إنفاق حكومي ضخم لمعالجة التداعيات الصحية والاقتصادية الناتجة، كانت هناك مخاوف بشأن كيفية تأثير ذلك على خطط التنمية الاقتصادية طويلة الأجل.
وختمت “أكسفورد” قائلة: “على الرغم من أن التحفيز الأولي أدى إلى توجيه قدر كبير من الإنفاق نحو قطاع الرعاية الصحية والمساعدة المالية للمواطنين، إلا أن دول الخليج تظل ملتزمة عموماً باستراتيجيات التحول الخاصة بها، بل إن البعض يتطلع إلى تسريعها”.