العام 2021 كان تاريخياً من حيث الاكتتابات الأولية العامة في أسواق منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، والتي بلغت 21 اكتتاباً جمعت 7.9 مليارات دولار، وفق شركة “أرنست أند يونغ”. فهل ستسجل المنطقة الوتيرة نفسها هذا العام؟
سؤال يطرح اليوم في ظل النجاج الكبير الذي حققه الاكتتاب العام الأولي لهيئة كهرباء ومياه دبي (ديوا) والذي جمع 22.3 مليار درهم، ليكون الأكبر في أوروبا والشرق الأوسط خلال العامين الأخيرين. وسبقها تصدّر اكتتاب شركة “النهدي الطبية” في السعودية (وقيمته 4.6 مليارات ريال سعودي) باقي الاكتتابات الاولية التي سُجلت في المملكة في الربع الأول من هذا العام. إذ طرحت سبع شركات أسهمها في البورصة السعودية بقيمة إجمالية 12.7 مليار ريال.
وقد كان لافتاً أن تكون قيمة طرح “ديوا” لوحدها مضاعفة عن الطروحات الأجمالية التي تحققت في المملكة السعودية.
نشاط محموم في أبوظبي والسعودية
في العام الماضي، شهدت السوق المالية في كل من السعودية وأبوظبي نشاطاً محموماً بإدراجات بمليارات الدولارات. قامت الشركات العملاقة المملوكة للدولة في أبوظبي بطرح وحدات لها، في حين تصدرت قائمة الاكتتابات العامة الأولية في الرياض شركة “أكوا باور إنترناشيونال”، التي جمعت 1.2 مليار دولار من المستثمرين، ومجموعة “تداول” التي جمعت مليار دولار. وبالنسبة لعام 2022، تلقت “تداول” أكثر من 70 طلب اكتتاب عام تقوم بمراجعتها.
وكانت حكومة دبي أعلنت في أواخر العام الماضي، عن خطط لإدراج 10 شركات مدعومة من الدولة (من ضمنها “ديوا) وإنشاء صندوق لصانع السوق بقيمة ملياري درهم (545 مليون دولار) لتعزيز نشاط التداول.
الإصلاح طريق النجاح
كل المعطيات تشير إلى أن سوق الاكتتابات الأولية في منطقة الخليج مرشحة لأن تسجل رقماً قياسياً هذا العام، بفعل عدد من العوامل، يبقى أبرزها الاجراءات الاصلاحية التي تقوم بها السلطات في دول الخليج من أجل جعل أسواقها المالية أكثر جاذبية بالنسبة للمستثمر. بالاضافة الى توافر السيولة في هذه الأسواق مع ارتفاع أسعار النفط، توازياً مع توجه الحكومات في دول الخليج الى طرح شركاتها في الأسواق المالية لتعزز من قيمتها السوقية.
السعودية والامارات في الطليعة
الواضح أن السعودية والامارات تتصدران الاكتتابات العامة وستكونان، كما العام الماضي، قاطرة للاكتتابات العامة في 2022. وهو ما أبرزته بيانات جمعتها وكالة “بلومبرغ” والتي قالت إن الاكتتابات العامة الأولية من الرياض إلى أبوظبي جمعت 4.8 مليارات دولار هذا العام، مقارنة بالطروحات الأوروبية البالغة 3.9 مليارات دولار.
الأسواق المالية في السعودية والامارات جاذبة
أمر نادر أن تتفوق منطقة الشرق الأوسط على أسواق أوروبا. وكانت الأسواق الخليجية تفوقت للمرة الأولى على الأسواق الأوروبية مع فورة البورصات عام 2009، فيما كانت المرة الثانية في 2019 مع إدراج “أرامكو” الأكبر على الإطلاق في العالم، بحسب “بلومبرغ”.
لكن يبدو أن المستثمرين العالميين يجدون منطقة الخليج جذابة، وهم يبتعدون عن الاقتصادات الاوروبية التي تعاني بفعل الحرب الروسية – الأوكرانية والتي تشكل مخاطر عالية بالنسبة لهم. كما أن المنتجات الجديدة التي تطرحها دول الخليج تجذب المستثمر، وخصوصا الاجنبي، والذي يرى فيها استثماراً مربحاً.
كما يلاحظ اهتمام من العديد من صناديق الأسواق الناشئة الكبيرة وحتى مديري الأصول التقليديين في قصص النجاح التي تحققها السعودية والامارات على هذا الصعيد، في وقت لم تكن قبل سنواات قليلة تتطللع الى هذه الاسواق.
في العادة، يركز المستثمرون على ثلاثة معطيات لاتخاذ قرار حول وجهة استثماراتهم:
- الاولى، قدرة الشركات التي يريدون الاستثمار فيها على النمو والمنافسة.
- الثانية، تلك التي تركز على التكنولوجيا.
- والثالثة، مرتبطة بتغير عادات الإنفاق بعد كورونا.
هذه المعطيات تتوافر في الاكتتابات التي تحصل اليوم والتي ستكون كثيرة جداً في القادم من الايام، سيما وان هناك توقعات بأن تقو الشركات العائلية في دبي بإدراج اسهمها في السوق المالية، في خطوة كانت قامت بها منذ العام 2008 شركة داماس للمجوهرات التي أدرجت أسهمها في سوق دبي المالي.