أشار التقرير الأسبوعي الصادر عن اتحاد أسواق المال العربية أنه خلال الأسبوع المنصرم، أدّت الحرب الروسية – الأوكرانية المتصاعدة إلى ارتفاع أسعار السلع والطاقة، وعززت الملاذات الآمنة، وأرخت بثقلها على اليورو وأسواق الأسهم العالمية. فارتفعت أسعار المواد الخام من القمح إلى المعادن المختلفة إلى أعلى مستوياتها منذ سنوات، حيث عطلت العقوبات الغربية الشحنات الجوية والبحرية للسلع التي تنتجها وتصدرها روسيا.
في موازاة ذلك، ارتفعت أسعار خام برنت بنسبة 21 في المئة خلال الأسبوع، لتغلق عند أعلى مستوياتها منذ العام 2013 لتقترب من 120 دولاراً للبرميل، حيث يتجنب المشترون والشاحنون بشكل متزايد إمدادات النفط الروسية التي يصل مجموعها إلى 5 ملايين برميل يومياً. وارتفعت أسعار الذهب يوم الجمعة، متطلعةً نحو أفضل مكاسب أسبوعية لها منذ مايو/ايار 2021، بينما تراجع عائد سندات الخزانة الأميركية إلى حدود 1.70 في المئة مع تعزّز الطلب على الملاذ الآمن.
الأسواق العالمية تغلق على تراجعات ملموسة
انخفض عائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات إلى 1.68 في المئة يوم الثلاثاء، مع اندفاع المستثمرين باتجاه استثمارات الملاذ الآمن، حيث واصلت روسيا غزوها لأوكرانيا. إلا أن عوائد سندات الخزانة الأميركية عاودت ارتفاعها بشكل حاد يوم الأربعاء مع تخلي المتداولين عن الملاذات الآمنة التقليدية وتوجههم نحو الأصول ذات المخاطر العالية مثل الأسهم، في خطوة تحسبية لتغير الوضع الأوكراني الروسي نحو الأفضل في القريب العاجل. عليه، ارتفع العائد على سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات إلى 1.89 في المئة، وهو ما يمثل أكبر قفزة في يوم واحد منذ مارس/آذار 2020، قبل أن يعاود تراجعه مرة أخرى إلى حوالي 1.73 في المئة يوم الجمعة، حيث واصل المستثمرون شراء أصول الملاذ الآمن وسط الصراع المتصاعد بين روسيا وأوكرانيا. وقد جاء هذا التراجع في العوائد حتى بعد تقرير الوظائف القوي حيث نمت الوظائف غير الزراعية لشهر يناير/كانون الثاني بمقدار 678,000 مع معدل بطالة بحدود 3.8 في المئة، حسبما أفاد مكتب إحصاءات العمل بوزارة العمل يوم الجمعة، وذلك بالمقارنة مع تقديرات بـ440 ألفاً للوظائف و3.9 في المئة لمعدل البطالة، وفق مدير الأبحاث لدى اتحاد أسواق المال العربية الدكتور فادي قانصو.
في موازاة ذلك، أرخت حرب روسيا المتصاعدة في أوكرانيا بثقلها على العملة الأوروبية الموحدة وأسواق الأسهم فيها. فانخفض اليورو إلى ما دون 1.10 مقابل الدولار الأميركي يوم الجمعة للمرة الأولى منذ ما يقارب من عامين، بعد أن فقد أكثر من 3 في المئة مقابل الدولار خلال الأسبوع في أكبر انخفاض أسبوعي له منذ مارس/آذار 2020. وأدت الاضطرابات القائمة في الأسواق الأوروبية مع تفاقم حالة عدم اليقين بشأن التوقعات الاقتصادية والرهان على رفع أسعار الفائدة، إلى حرص المستثمرين على اقتناص سندات الملاذ الآمن.
في ألمانيا، مصدر السندات في منطقة اليورو، تراجعت عائدات السندات لأجل 10 سنوات 30 نقطة أساس خلال الأسبوع في أكبر انخفاض لها في أسبوع واحد منذ أزمة ديون اليورو في العام 2011.
وول ستريت
في المقابل، أغلقت وول ستريت على انخفاض يوم الجمعة حيث طغت الحرب في أوكرانيا على مفاعيل تسارع نمو الوظائف في الولايات المتحدة الشهر الماضي. فتراجعت معظم مؤشرات قطاع ستاندرد آند بورز الإحدى عشر الرئيسية، مع تصدّر القطاع المالي الخسائر، بانخفاض نسبته 2 في المئة، مع قلق المستثمرين بشأن كيفية تأثير عقوبات الغرب ضد موسكو على النظام المالي العالمي. كما هبط مؤشر المصارف ستاندرد آند بورز بنسبة 3.4 في المئة، لتصل خسارته خلال الأسبوع إلى ما يقارب من 9 في المئة، وهو أسوأ انخفاض أسبوعي له منذ يونيو/حزيران 2020. وانخفض مؤشر داو جونز بنسبة 1.3 في المئة، بينما تراجع مؤشر ناسداك بنسبة 2.8 في المئة. في موازاة ذلك، كانت أسواق الأسهم في جميع أنحاء آسيا أيضاً في الخانة الحمراء، حيث خسرت أسواق اليابان ما نسبته 2.4 في المئة وكوريا الجنوبية 1.2 في المئة والصين 0.9 في المئة وهونغ كونغ 2.5 في المئة.
ارتفاع أسعار النفط
انتعشت أسعار النفط يوم الجمعة حيث طغى تعطّل صادرات النفط الروسية بسبب العقوبات الغربية على احتمال زيادة الإمدادات الإيرانية جراء اتفاق نووي محتمل. فقفزت العقود الآجلة لخام برنت القياسي الدولي إلى 116.6 دولاراً للبرميل، بعد أن تجاوزت في وقت سابق مستوى 119 دولاراً للبرميل، لترتفع أسعار النفط وسط مخاوف من أن تؤدي العقوبات الغربية على روسيا بسبب الصراع في أوكرانيا إلى تعطيل الشحنات من روسيا، أكبر مصدر في العالم للنفط الخام والمنتجات النفطية مجتمعة. إذ يبدو أن نشاط تداول النفط الخام الروسي مجمّد بالفعل حيث يتردد المشترون في الشراء بسبب العقوبات المحتملة.
الجدير بالذكر أن أسعار النفط استمرت في الارتفاع في تعاملات صباح يوم الاثنين حيث تفاعلت السوق مع اضطرابات الإمدادات الناجمة عن الغزو الروسي المستمر لأوكرانيا واحتمال فرض حظر على النفط والغاز الطبيعي الروسي. عليه، اخترق سعر برميل النفط يوم الإثنين عتبة الـ140 دولاراً للبرميل وذلك للمرة الأولى منذ العام 2008، سجلت أسعار الغاز البريطانية والأوروبية مستويات قياسية يوم الجمعة حيث استمرت الحرب في أوكرانيا في إحداث فوضى في أسواق الطاقة، مما يهدد بتفاقم أزمة تكلفة المعيشة، بينما تجاوزت أسعار الغاز الأميركي 4 دولارات للغالون على مستوى البلاد، وقد يسجل رقماً قياسياً على الإطلاق هذا الأسبوع وفق قانصو.
في المقابل، أشار “جيه بي مورغان” في مذكرة يوم الخميس أن خام برنت قد ينهي العام عند 185 دولاراً للبرميل إذا استمرت الإمدادات الروسية في التعطل. إذ أن ما نسبته 66 في المئة من النفط الروسي يكافح للعثور على مشترين. وقد قال المحللون إن حجم شح المعروض كبير للغاية على المدى القصير لدرجة أن أسعار النفط بحاجة إلى أن تصل وتبقى عند 120 دولاراً للبرميل لعدة أشهر، على افتراض أنه لن تكون هناك عودة فورية لبراميل الخام الإيرانية. وأشار المحللون إلى أنه مع اتساع نطاق العقوبات وتحول أمن الطاقة إلى أولوية عاجلة، من المحتمل أن يكون هناك تداعيات على مبيعات النفط الروسية في أوروبا والولايات المتحدة، مما قد يؤثر على ما يصل إلى 4.3 ملايين برميل يومياً.
أسعار السلع الأساسية إلى أعلى مستوى منذ العام 2008
وصلت أسعار الذهب إلى مستوى أساسي، في حين قفزت أسعار البلاديوم إلى مستوى قياسي مع اشتداد الصراع بين روسيا وأوكرانيا واستجابة الدول الغربية التي أثّرت على المعروض من معادن ثمينة معينة ودفعت المستثمرين نحو الأصول الآمنة. فقفزت أسعار الذهب الفورية إلى 1970 دولاراً للأونصة مع نهاية الأسبوع، لكنها تجاوزت عتبة الـ2000 دولار في التداولات المبكرة يوم الاثنين. كما واصل البلاديوم ارتفاعه ليقترب من أعلى مستوى في 10 أشهر على مستوى قريب من 3000 دولار للأونصة يوم الجمعة، حيث تصاعدت المخاوف بشأن نقص الإمدادات من روسيا أكبر منتج، وعززت الحرب في أوكرانيا الطلب على السلع كملاذ آمن.
في المقابل، ارتفعت أسعار المواد الخام من القمح إلى المعادن المختلفة إلى أعلى مستوياتها منذ عدة سنوات حيث عطلت العقوبات الغربية الشحنات الجوية والبحرية للسلع التي تنتجها وتصدرها روسيا. إذ تعدّ روسيا وأوكرانيا من أكبر مصدّري القمح في العالم، والذي ارتفعت أسعاره يوم الجمعة إلى الذروة منذ 14 عاماً، بعد أن ارتفعت بما يقارب من 40 في المئة منذ غزو روسيا لأوكرانيا في 24 فبراير/شباط. كما وأن روسيا هي أيضاً من أكبر موردي المعادن، فقد سجل الألمنيوم مستوى قياسياً في يوم الجمعة، بينما كان النحاس، حيث توفر البلاد 3.5 في المئة من الإمدادات العالمية، يقترب أيضاً أعلى المستويات القياسية على الإطلاق، وفق قانصو.