كل المؤشرات تظهر أن الاقتصاد العُماني آخذ في الإرتفاع، حيث سجلت السلطنة فائضاً بقيمة 2.04 ملياري دولار في النصف الأول من العام الحالي، في مقابل عجز بقيمة 2.88 ملياري دولار في الفترة نفسها من العام الماضي.
هذا الفائض يمثل انتعاشاً اقتصادياً مهماً لعُمان، والتي يبدو أنها ستنهي العام 2022 بفائض هو الأول لها منذ العام 2013.
الاثنين، رفعت وكالة “فيتش” للتصنيف الائتماني تصنيف سلطنة عمان إلى BB من BB- مع نظرة مستقرة.
هذا التصنيف المحسّن بحسب “فيتش” “يعكس تحسينات كبيرة في مقاييس المالية العامة في عمان، وتقليل ضغوط التمويل الخارجي والجهود المستمرة لإصلاح المالية العامة. وستدعم عائدات النفط المرتفعة فوائض الموازنة في عامي 2022 و2023 والانخفاض الحاد في الدين الحكومي إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى أقل من متوسط BB . بينما نتوقع أن تتجه أسعار النفط إلى الانخفاض على المدى المتوسط وكان هناك بعض التخفيف من الإصلاح المالي في عام 2022، فإننا نعتقد أن الالتزام بضبط أوضاع المالية العامة من خلال الخطة المالية متوسطة الأجل للدولة سيكون كافياً للحد من التدهور المتجدد في مقاييس التمويل العام والخارجي”.
تشير بيانات “MEES” المتخصص بتحليلات النفط والغاز الأسبوعية في الشرق الأوسط، إلى أن إنتاج عمان من النفط الخام والمكثفات بلغ مستويات قياسية خلال الأشهر الستة الأولى من العام. إذ وصل متوسط الإنتاج إلى رقم قياسي هو 1.05 مليون برميل في اليوم، متجاوزاً الرقم القياسي السابق البالغ 1.00 مليون برميل في اليوم الذي بلغته السلطنة في النصف الأول من العام 2016. ويمثل رقم النصف الأول من عام 2022 زيادة بنسبة 10 في المئة عن متوسط 955 ألف برميل في اليوم مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
وتتوقع “فيتش” فوائض في الموازنة تبلغ 5.5 في المئة و3.4 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في عامي 2022 و 2023، على التوالي، وهي أول فوائض في عمان منذ عام 2013، حيث يفوق نمو عائدات النفط الإنفاق الإضافي بسهولة. وذلك بافتراض أن متوسط أسعار خام برنت يبلغ 105 دولارات للبرميل في عام 2022 و85 دولاراً للبرميل في عام 2023، وأن إنتاج النفط الخام والمكثفات سينمو بنسبة 8.8 في المئة في عام 2022 و3.5 في المئة في عام 2023، ليصل إلى مستوى قياسي 1.1 مليون برميل في اليوم. كما ستعزز الأسعار المؤاتية إيرادات الموازنة من الغاز.
وفي المقابل، تتوقع الوكالة عجزاً صغيراً في موازنة العام 2024، حيث سيؤدي انخفاض أسعار النفط (من المفترض أن يبلغ متوسط 65 دولاراً للبرميل) ونمو الناتج المحلي الإجمالي المتواضع، إلى تعويض المكاسب الناتجة عن الإصلاحات المالية الجارية التي ستعزز الإيرادات غير النفطية وتخفّض الإنفاق الإجمالي. ويتوقع أن تزداد الإيرادات الضريبية غير الهيدروكربونية بعد إدخال ضريبة القيمة المضافة في أبريل/نيسان 2021، وضريبة الدخل الشخصي المخطط لها لعام 2023، واحتمال تحقيق عائدات ضريبية أقوى على الشركات.
التقدم والتحديات في الإصلاح المالي
تترقب “فيتش” أن يكون الإنفاق أعلى مما هو مقدّر له في موازنة العام 2022، وبنسبة 6 في المئة، بسبب دعم الوقود للتخفيف من الأثر المحلي لارتفاع أسعار الطاقة، وتباطؤ إصلاح أشكال الدعم الأخرى، وزيادة النفقات الرأسمالية. مع الاشارة إلى انه تم تمديد الإطار الزمني للإلغاء التدريجي لدعم الكهرباء من خمس سنوات إلى 10 سنوات.
الدين الحكومي
توقعات “فيتش” تشير الى انخفاض نسبة الدين الحكومي الى الناتج المحلي إلى 46.7 في المئة في عام 2022 و44.9 في المئة في عام 2023، من حوالي 70 في المئة في عام 2020، على خلفية تحسن أداء الموازنة ونمو الناتج المحلي الإجمالي الإسمي المدعوم بالنفط بنسبة 24 في المئة في عام 2022.
وقد استخدمت الحكومة جزءاً من عائدات النفط غير المتوقعة لإعادة شراء 700 مليون دولار من السندات المستحقة خلال 2025-2032، والدفع مسبقاً لما تبقى من تسهيلات تمويل ما قبل التصدير التي تم الحصول عليها في عام 2017 (1.3 مليار دولار)، وسداد قرض مستحق الدفع بقيمة 3.6 مليارات دولار من الصين. وسيكون صافي الاقتراض الخارجي في عام 2022 سلبياً بما يقارب 4 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.
عُمان في طريقها لتخطي خططها
هذا التصنيف الجديد يشير إلى أن عُمان في طريقها لتخطي الخطط التي وضعتها في موازنة العام 2022. فمثلا، تبلغ الإيرادات الفعلية للنصف الأول ما يقرب من 64 في المئة من موازنة العام بأكمله البالغة 27.48 مليار دولار. مع العلم أن السلطنة كانت احتسبت موازنتها عند إعدادها على أساس سعر متحفظ لبرميل النفط وهو 50 دولاراً، وتوقعت عجزاً بقيمة 4 مليارات دولار. بحسب صندوق النقد الدولي، تحتاج عُمان إلى سعر نفط يبلغ 73 دولاراً للبرميل لموازنة مواردها المالية لعام 2022.
ومع تخطي أسعار النفط الخام العماني الـ100 دولار للبرميل في الأشهر الأخيرة وبلوغ أسعار الغاز الطبيعي المسال عند مستويات قياسية، لم يكن من المفاجئ أن الإيرادات الضخمة للسلطنة في النصف الأول كانت مدفوعة بقطاع النفط والغاز الذي وفر 74 في المئة من إيرادات النصف الأول.
وتعتبر الصادرات أمراً جوهرياً للاقتصاد العماني، حيث يتم تصدير حوالي 86 في المئة من إنتاج النفط العماني. وبحسب البيانات المستقاة من أكثر من جهة، وصلت صادرات النفط إلى مستوى قياسي قريب من 897 ألف برميل في اليوم في النصف الأول من عام 2022، بزيادة قدرها 125 ألف برميل في اليوم عن الفترة نفسها من العام الماضي، مع تخفيف قيود “أوبك +” على الإنتاج.
في حين أن الأرقام الرسمية ليست متوافرة بعد، تحتسب MEES أن عائدات تصدير النفط الخام العماني قد تضاعفت تقريباً على أساس سنوي لتصل إلى 14.7 مليار دولار في النصف الأول من عام 2022.
النمو والتضخم
كل هذه التطورات الإيجابية تدفع السلطنة إلى تحقيق نمو جيدة متوقعة بـ4.4 في المةئ في 2022 من 3 في المئة في 2021، بحسب “فيتش”.
اما التضخم، فمن المتوقع أن يظل عند حدود الـ3.5 في المئة في المتوسط هذا العام بدعم من ضوابط الأسعار الحكومية، قبل أن ينخفض الى أقل من 2 في المئة في 2023. وكانت السلطنة أعلنت أن التضخم السنوي بلغ حتى يونيو/حزيران ما نسبته 2.85 في المئة على اساس سنوي.