اشتعل التضخم في لبنان مرتفعاً بنسبة 264 في المئة في مارس/آذار، فيما ارتفع تضخم المواد الغذائية والمشروبات بنسبة 350 في المئة سنوياً، وذلك عقب أول خفض رسمي للعملة المحلية في فبراير/شباط.
وتشير التوقعات إلى أن التضخم سيستمر في الارتفاع أكثر خلال عام 2023، مما سيزيد من أزمة تكلفة المعيشة في لبنان ويزيد الضغط على الحكومة لتمرير إصلاحات اقتصادية يمكن أن تساهم في حصول لبنان على القروض التي يحتاج إليها بشدة.
ويعيش لبنان حالة فراغ رئاسي منذ الأول من نوفمبر/تشرين الأول بعد فشل الأحزاب المختلفة فيه على انتخاب رئيس. وهذا يعني ان الحكومة الموجودة اليوم هي حكومة تصريف أعمال لا تستطيع تمرير إصلاحات جوهرية قبل انتخاب رئيس وتشكيل حكومة جديدة.
وكان لبنان تبنى في فبراير/شباط سعر صرف رسمي جديد للعملة، أدى إلى خفض قيمة الليرة اللبنانية بنحو 90 في المئة. وكانت هذه خطوة نحو سعر الصرف الموحد الذي حض عليه صندوق النقد الدولي.
ومع ذلك، لا يزال هناك فرق كبير بين السعر الرسمي (15 ألف ليرة لبنانية لكل دولار واحد) وسعر السوق السوداء (حوالي 100 ألف ليرة لبنانية لكل دولار واحد).
وكان مدير الشرق الأدنى وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي جهاد أزعور شدد مؤخراً على أن “الصندوق ملتزم بلبنان، وكان دوماً على تواصل مع السلطات لمساعدة البلاد على الخروج من الأزمة التي تعيشها”.
وقال إن الصندوق على بينة من صعوبة الأوضاع التي يعيشها المواطن اللبناني والتضاؤل الكبير في الثقة، مضيفاً “لهذا السبب أكد الصندوق في مناسبات عديدة أهمية دعم لبنان للخروج من أزمته وعلى هذا الأساس حصلت مشاورات وتم التوصل إلى اتفاق مبدئي في أبريل/نيسان عام 2022 لمساعدة لبنان للخروج من إحدى أصعب الأزمات الاقتصادية التي يعيشها، والتي تحولت اليوم لأزمة إنسانية واجتماعية”.
وأشار إلى فريق الصندوق الذي قام بزيارة إلى لبنان، أخيراً، ضمن مشاورات المادة الرابعة والتي تقول بضرورة القيام بعمل متكامل لمعالجة الأزمة المالية التي تعيشها البلاد وتأثيرها على الاقتصاد وضرورة عودة الثقة وبناء اقتصاد يعالج التشوهات والتداعيات على الشرائح الاجتماعية الأكثر ضعفاً، وكذلك إعادة هيكلة بعض المؤسسات العامة لإعادة إطلاق النمو وتعزيز الحركة الاقتصادية.
وأضاف أن تحقيق تلك الأهداف يتطلب معالجة بعض المشاكل التي تراكمت على الصعيد المالي، مشدداً على ضرورة معالجة كاملة لهذه الأزمات لتمكين لبنان من الخروج من محنته.
وقال إن صندوق النقد قدم دعماً تقنياً إلى لبنان إضافة إلى التوقيع على برنامج مبدئي، مشيراً إلى أنه يتم حالياً توجيه بعثات إلى لبنان بالتعاون مع السلطات للعمل على وضع أطر وإصلاحات للمرحلة المقبلة على صعيد المالية العامة وإدارة الدين النقدي والمالي وإعادة هيكلة الاقتصاد.
وكان لبنان توصل في ابريل/نيسان من العام الماضي الى اتفاق على مستوى الموظفين مع صندوق النقد على أمل الحصول على مبلغ 3 مليارات دولار مقابل تمريره وتنفيذه سلة من الإصلاحات الجوهرية التي لا تزال عالقة.
ووصف البنك الدولي الأزمة المالية التي يشهدها لبنان بإحدى أسوأ الأزمات على مستوى العالم منذ منتصف القرن التاسع عشر، إذ دفعت ثلاثة أرباع سكان البلاد إلى حافة الفقر، فيما قضى مزيج من التضخم ثلاثي الأرقام وانهيار العملة على مدخرات الناس.
زيادة رواتب بلا فائدة
ويبدو أن قرار مجلس الوزراء في لبنان في 18 أبريل/نيسان الجاري، الذي منح الموظفين 4 أضعاف رواتبهم ابتداءً من نهاية مايو/أيار المقبل ولمدة شهرين على أن يعاد تقييم القرار لاحقاً، لم يعط مفعوله.
إذ لا يزال الكباش بين موظفي القطاع العام والحكومة مستمراً، في وقت يرفض موظفو القطاع العام هذه الزيادة، وأعلنوا استمرارهم بالإضراب.
أما القطاع التربوي، فهو يحتاج أيضاً الى إيضاحات من الحكومة ليعلن موقفه النهائي من الزيادات.
وهكذا، فان كل المؤسسات مشلولة في لبنان حتى إشعار آخر، فيما المواطن يئن من الارتفاع الجنوني للدولار مقابل الليرة في ظل غياب شبه كلي للخدمات الاساسية التي يحتاج إليها.