تعدّ ظاهرة العملاء الآليين إحدى أكبر فرص النمو الجديدة خلال العقد الحالي، الأمر الذي يستدعي أن يسارع قادة الأعمال إلى اتخاذ الخطوات التي يمكنها أن تشقّ لهم طريقا إلى مواكبة هذه الظاهرة التجارية الكبرى، والتي يتوقّع لها ألا تقلّ أهمية عن دخول عصر التجارة الرقمية، وذلك وفقا لما أوردته شركة “جارتنر” للأبحاث.
والعملاء الآليون عبارة عن عامل اقتصادي غير بشري يمكنه اتخاذ قرارات تتعلق بالحصول على المنتجات و/أو المنتجات لقاء مقابل مادي.
وفي الكتاب الجديد الصادر عن “جارتنر” بعنوان عندما تصبح الآلات عملاء، فإن دون شيبنريف، نائب الرئيس للأبحاث لدى “جارتنر” وقائد فريق أبحاث تجربة العملاء لديها، إضافة إلى مارك راسكينو، نائب الرئيس للأبحاث وقائد فريق أبحاث الرؤساء التنفيذيون لدى “جارتنر” يحاولان استعراض ظاهرة العملاء الآليين التي سوف تلعب دورا مهما في مجموعة واسعة من قرارات شراء المستهلكين وقطاع الشركات على حد سواء. كما يحاول المؤلفان في الكتاب نفسه استعراض وتوقّع التحديات الأساسية والفرص المتاحة أمام الشركات، والطرق الأمثل لاستفادة هذه الشركات منها.
يقول شيبنريف:” لقد بدأ عصر العملاء الآليين بالفعل. فعدد الآلات التي تمتلك القدرة على اتخاذ قرارات الشراء يفوق عدد البشر فوق هذا الكوكب. فاليوم، هنالك ما يزيد عن 9.7 مليار جهاز مستخدم يدعم إنترنت الأشياء IoT، بما في ذلك مراقبة المعدات، وكاميرات المراقبة، والسيارات المُتّصلة، والإضاءة الذكية، والأجهزة اللوحية، والساعات الذكية، ومكبرات الصوت الذكية، والطابعات المُتّصلة. فكل من هذه الأجهزة لديه القدرة المتنامية على تحليل البيانات واتخاذ القرار. فجميع المنتجات التي تدعم عمل إنترنت الأشياء IoT يمكن أن تكون عميلا يوما ما. في الواقع، فإن “جارتنر” تتوقّع أنه وبحلول العام 2027 فإن 50% من الأشخاص في الاقتصادات المتقدمة سوف يمتلكون مساعدات شخصية تعمل بالذكاء الاصطناعي AI لمساعدتهم في شؤونهم اليومية”.
ولا مفرّ من تعاون المسؤولين عبر مختلف أقسام المؤسسات من أجل الاستعداد لظاهرة العملاء الآليين. فقد يمتد الأمر ليشمل المسؤول القانوني (المستشار العام) الذي سيحتاج إلى البحث عن التعريفات ويبدأ بوضع الأطر التنظيمية للعمل وسبُل إدارة المخاطر التي يمكن للشركات من خلالها إتمام التعامل التجاري، ومسؤولين تقنية المعلومات الذين يشرفون على إنشاء المنصات القادرة على تلبية احتياجات أسواق العملاء الآليين، وفرق التسويق التي تتولى إعادة صياغة تعريفهم لماهية العميل وكيفية استيعاب متطلبات العملاء الآليين. كما أن لاعبين مثل مسؤولين الموارد المالية، وسلاسل الإمداد، إدارة الإيرادات إضافة إلى مدراء المبيعات، يجب عليهم جميعا أن يأخذوا بعين الاعتبار مدى تأثير العملاء الآليين على عمل مؤسساتهم.
تطور من ثلاثة مراحل لظاهرة العملاء الآليين
اليوم، نعيش المرحلة الأولى لظاهرة العميل الآلي، والتي تتجلى في خدمات مثل خدمة الطلب الفوري لأحبار الطابعات من شركة “إتش بي”، وخدمة تجديد الطلبات Dash Replenishment من “أمازون” وسيارات “تسلا”. فهذه تعدّ أمثلة على الأداء التلقائي لبعض الوظائف المحدودة بصفة “عملاء مشاركين” بالنيابة عن المالك الأساسي. حيث يقوم الأشخاص بوضع الشروط، لتتولى الآلة عملية التنفيذ ضمن منظومة محددة ومعرّفة مسبقا. لهذا تعدّ هذه الآلات بمثابة “عملاء مواظبين”، وهم يمثّلون فقط المرحلة الأولى من التطور الذي يتضمّن ثلاثة مراحل (انظر الشكل 1).
ويضيف راسكينو:” في المرحلة التالية – المرحلة الناشئة – سيبقى الدور منوط بالأشخاص لوضع القواعد التي تضبط عمل هذه الآلات بكونها عميلا قابلا للتكيّف”. وتشمل الأمثلة على ذلك أنظمة التداول الآلي ومركبات القيادة الذاتية.
أما في المرحلة الأخيرة، فإن هؤلاء اللاعبين الاقتصاديين يصبحون “عملاء مستقلون”. إذ سيمتلكون الذكاء الكافي للتصرف باستقلالية نيابة عن البشر، مع درجة عالية من القدرة على تقدير الأمور وتولي مهام معظم الخطوات العملية المرتبطة بإجراء هذه المعاملات.
يقول شيبنريف:” إن العامل المشترك ما بين العملاء الآليين في كل من هذه المراحل هو أنهم سيقومون باتخاذ القرار بطريقة تختلف عن القرار البشري من ثلاث وجهات. فهذه الآلات تعمل بمنطقة وتتخذ قراراتها بالاعتماد على القواعد الموضوعة والتي قد تكون أو لا تكون شفافة. ثانيا، هذه النوعية من العملاء تبدو وقادرة على معالجة كمية كبيرة من المعلومات. أخيرا، فإن الآلات تركّز على إتمام المهام بكفاءة ودون أي تدخّل للعاطفة، ولا يمكن التأثير على قراراتهم بالطعام والشراب”.
أنقر هنا لمتابعة المزيد من الأخبار التقنية.