شهد سوق المشروعات العمرانية في الكويت تحسنًا في الأداء في الربع الأخير من العام 2022 حتى مع استمرار الانخفاض في إجمالي قيمة الصفقات الممنوحة خلال السنة.
وأدّت اضطرابات سلاسل التوريد التي سادت منذ جائحة “كوفيد-19” وتفاقمت مع اندلاع الحرب الروسية على أوكرانيا خلال العام الماضي، إلى ارتفاع التكاليف وزيادة الضغوط التضخمية على السوق، مما أدى إلى مستويات نشاط منخفضة بشكل عام على مستوى القطاع طوال العام الماضي تقريباً.
وفي تقرير نشره في وقت سابق من يناير/كانون الثاني، أشار بنك الكويت الوطني إلى أن أداء سوق المشاريع حافظ على ثباته في العام 2022 وسط مناخ اقتصادي هو مزيج يتألف من “تأخيرات تشريعية واضطرابات على صعيد سلاسل التوريد وارتفاع تكاليف المواد والعمالة”.
إقرأ المزيد: مستقبل غامض أمام المغتربين بعد حملة التكويت الهائلة
وارتفعت التكاليف العمرانية في الكويت في العام 2022، وإن كان ذلك بمعدل أبطأ من الدول الخليجية المجاورة مثل السعودية والإمارات.
ولفت المركز المالي الكويتي (المركز) في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، إلى أن ارتفاعات التي تشهدها أسعار سلع البناء في الكويت، مثل الحديد والصلب والأسمنت، تراوحت بين 8.7 في المئة إلى ما يزيد عن 100 في المئة بين يناير/كانو الثاني وأوائل يونيو/حزيران 2022.
أدت الزيادات في أسعار المواد الخام الأولية مثل الكمرات الفولاذية الهيكلية وحديد التسليح والأخشاب اللينة والأنابيب والكابلات النحاسية، بالإضافة إلى نقص العمالة داخل قطاع البناء في دول مجلس التعاون الخليجي، إلى ارتفاعات حادة في تكاليف البناء.
وقال المركز إن تكاليف البناء المنخفضة نسبيًا في الكويت – مقارنة بالإمارات والسعودية – جاءت على الأرجح بسبب الأسعار المدعومة من الحكومة لمواد البناء والحظر المفروض على استيراد وإعادة تصدير مواد البناء الرئيسية مثل الخشب والحديد.
التحدّيات الإدارية
يعدّ تعزيز عملية الرقابة والإشراف عاملاً ضروريًا للتعافي في سوق مشاريع البناء في الكويت، لا سيّما فيما يتعلق بمخططات البنية التحتية الصخمة التي تتطلب دعمًا حكوميًا.
وكانت التوترات المستمرة بين الحكومة والبرلمان أدّت إلى توقف الإصلاحات الاقتصادية التي يمكن أن تساعد في إطلاق تمويل إضافي لسلسلة من المشاريع الضخمة في البلاد.
إقرأ المزيد: بدلات الإيجار التي تدفعها الدولة للكويتيين تتجاوز “تكلفة” بناء مدينة
في 23 يناير/كانون الثاني 2022، قدمت حكومة رئيس الوزراء الشيخ أحمد نواف الصباح استقالتها بعد أسابيع من العلاقات المتوترة مع مجلس الأمة بسبب طلبات استجواب وزيرين.
وذكرت وسائل إعلام محلية أن هذا التطور يمثل خامس استقالة جماعية للحكومة الكويتية خلال عامين.
كما أشارت مجموعة “أكسفورد للأعمال” في تقريرها للعام 2022 حول الكويت إن تفضيل الحكومة “للتّمويل العام على القطاع الخاص فيما يتعلق بمشاريع البنية التحتية الرئيسية قد ساهم في تأخير المشاريع العمرانية في السنوات الأخيرة”.
يمتلك قِطاعا البناء والعقارات في الكويت إمكانات كبيرة للنمو والتوسع. وفي حال تمّ اجتياز العقبات الحالية، واستمرت لوائح وإجراءات الاستثمار في التّحسن، يُتوقع أن يبدأ التمويل الخارجي في الدخول إلى البلاد، لا سيّما وأن المستثمرين الدوليّين يبدون رغبة كبيرة في المشاركة في مشاريع البنية التحتية في دول مجلس التعاون الخليجي”.
مستقبل المشاريع العمرانية في الكويت
بلغ إجمالي قيمة ترسية المشاريع في الكويت خلال العام الماضي 832 مليون دينار كويتي (2.73 مليار دولار)، بانخفاض 46.6 في المئة على أساس سنوي، في ثاني أدنى نتيجة سنوية كاملة منذ العام 2005.
وارتفعت قيم الترسية في الربع الرابع من العام 2022 بنسبة 688 في المئة على أساس ربع سنوي لتصل إلى 383 مليون دينار كويتي، بقيادة عقود شركة “نفط الكويت”، لكن الرقم انخفض بنسبة 32.5 في المئة على أساس سنوي.
وبحسب بنك الكويت الوطني، من المتوقع ترسية عقود بقيمة 4.9 مليار دينار كويتي في عام 2023، لا سيّما في قطاعي الطاقة والمياه.
إقرأ المزيد: الكويت على أعتاب طفرة اقتصادية كبيرة
ومن المتوقع كذلك أن يكون الأداء في العام 2023 مدعومًا بالعقود المقررة لمشاريع مثل المواقع الأربعة في جسر الشيخ جابر الأحمد الصباح (165 مليون دينار كويتي) والمرحلة 2.2 من مشروع تطوير مدينة ميناء الأحمدي التابع لشركة نفط الكويت (129 مليون دينار كويتي).
في المقابل، أوضح بنك الكويت الوطني أن تباطؤ ارتفاع أسعار الفائدة والالتزام الحكومي بتطوير البنية التحتية – تماشياً مع مسودة “برنامج عمل” واستراتيجية رؤية 2035 طويلة المدى، يُعتبران عاملان ضروريان للحفاظ على التعافي الذي تمّ تحقيقه في نهاية العام الماضي على مستوى سوق المشاريع في الكويت.
أنقر هنا للاطلاع على المزيد من التقارير العقارية