استوقفني الأرقام الخطيرة التي نشرها معهد التمويل الدولي حول نمو تراكم الديون العالمية في الربع الأول من العام الحالي وتوقعاته المقلقة جداً حول استمرار مستوياتها في الارتفاع بوتيرة متسارعة.
وقال جو شدياق، الرئيس التنفيذي لمجموعة “جي سي ميديا جروب”: “ما نُشر ينذر بتفجر أزمة كبيرة وخطيرة تضاف إلى “مجلّد” الأزمات التي قلبت حياتنا واقتصاداتنا رأسا على عقب”.
لقد ارتفع الدين العالمي بمقدار 45 تريليون دولار من مستوياته ما قبل وباء كوفيد، وبلغ مستويات غير مسبوقة إلى 305 تريليونات دولار، ثلثها كان من نصيب الأسواق الناشئة، بحسب أرقام المعهد!
إقرأ أيضاً: آفاق الخليج المستقبلية
منبع القلق هو أن الدول ذات المديونية العالية والتي تلجأ عادة الى الأسواق للاقتراض بسبب عجزها عن خدمة ديونها، قد لا تنجح في محاولاتها الحثيثة لإخراج نفسها من فخ الديون وحتى أنها قد تكون اليوم تقف على شفاها وسط استمرار ارتفاع معدلات الفائدة المعيقة للتعافي.. وهذا قد يقود إلى تنامي مخاطر تخلفها عن السداد، عدا أنه يمثل تهديداً للاستقرار الاقتصادي، ويؤخر تحقيق أهداف التنمية المستدامة المنشودة.
في جانب القطاع الخاص، تسببت الاضطرابات الأخيرة في القطاع المصرفي إلى تسريع اتجاه الديون المتعثرة لدى الشركات. فشروط الائتمان الأكثر تشدداً التي باتت المصارف تفرضها تعني أن الشركات ذات الديون الثقيلة والأرباح المنخفضة ستكافح على الأرجح لإعادة تمويل ديونها، أو أنها قد تضطر إلى إعلان إفلاسها..
أما في منطقتنا العربية، لا شك أن الصورة متباينة بين دولة وأخرى. فالدول المستوردة للنفط تواجه مخاطر متنامية مع توسع محفظة ديونها وضآلة القدرة على تمويلها بتكلفة مقبولة في ظل معدلات الفائدة الراهنة. في حين أن الدول النفطية تقارب هذا الملف بتأنٍ مع توسع عمليات تنويع اقتصادها والتي ساهمت في رفع ميزان الايرادات غير النفطية.
لقد رفعت المؤسسات المالية الدولية جرس الإنذار حول مخاطر ملف الديون إلى أعلى مستوى في جدول أعمال سياساتها وعقدت اجتماعات مكثفة حولها (كان هذا الموضوع محوراً أساسياً من اجتماعات الربيع).
من المفترض أن تستدعي التحديات التي تواجه الاقتصاد العالمي تحركاً حاسماً من قبل صانعي السياسات لمساعدة الدول على التعامل مع عبء الديون.
ويختتم شدياق بقوله: “من الأهمية بمكان عدم تأجيل مواجهة هذه المشكلة إلى درجة أن يصبح حلّها أشد تعقيداً. ونستعيد صورة أزمة الديون الأوروبية التي تفجرت عام 2009 وطالت شظاياها دولاً كثيرة.
أنقر هنا للاطلاع على المزيد من مقالات الرأي بقلم جو شدياق.