أعلن حاكم مصرف لبنان رياض سلامه أن احتياطيات النقد الأجنبي لدى المصرف المركزي تدنت بواقع 2.3 ملياري دولار منذ نهاية العام 2021 وحتى 15 يونيو/حزيران 2022، إلى حوالي 11 مليار دولار.
وكان لبنان لدى لبنان أكثر من 30 مليار دولار من احتياطي النقد الأجنبي عندما بدأت الأزمة الاقتصادية المالية والنقدية المركبة في العام 2019، لكن سلامه قال إن المبلغ أصبح الآن ثلث ذلك.
وتظهر أرقام ميزانيّة مصرف لبنان التي اطلع عليها “إيكونومي ميدل إيست” تراجع احتياطات المصرف المركزي من العملات الأجنبيّة بـمليارين و318 مليون دولار منذ بداية العام الحالي وحتى 15 حزيران/يونيو، لتقتصر على 10.4 مليارات دولار منتصف هذا الشهر. وهو رقم تستثنى منه محفظة مصرف لبنان من سندات اليوروبوندز التي يحددها المصرف في ميزانيته بقيمة 5.03 مليارات دولار.
وكان لبنان أعلن في مارس/آذار 2020 تخلفه عن سداد استحقاقاته من سندات اليوروبوندز التي تبلغ 31 مليار دولار والتي كانت المصارف اللبنانية تحمل جزءا مهماً منها (حوالي 14 مليار دولار).
كما أظهرت الميزانية التي ينشرها مصرف لبنان كل 15 يوماً، تراجع الموجودات بالعملات الأجنبية ففي ترة اسبوعين بواقع 508.8 ملايين دولار، وهو من أكبر أرقام التراجع بعد إعلان مصرف لبنان التدخل في منصة الالكترونية “صيرفة” التي أنشأها المصرف المركزي بهدف إعادة السيطرة على سعر الصرف في ظل تعدد أسعاره والتدهور الكبير في سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار.
سلامه الذي يواجه تحقيقاً قضائياُ في مزاعم إساءة سلوك وفساد، قال إنّ “القرارات الخاطئة التي اتخذت والتي كان لها عواقب علينا جميعا وعلى الثقة بالبلد هي التي أدت الى الازمة على العملة ومن قاموا بذلك هم أنفسهم يلومون مصرف لبنان وحاكمه. وسيعمل مصرف لبنان بطريقة ما لتخفف الخسائر على اللبنانيين.”
كما أشار إلى أنّ “المصرف المركزي مستقل عن الدولة ودفعنا ثمن المواجهة بوجه محاولات وضع اليد عليه والجهات واضحة للجميع.”
وشدد سلامه على أنه لولا تحويلات المغتربين لم يكن هناك اي دولارات في السوق، لكنه لفت إلى ان “الاقتصاد لا يمكن أن يستند على هذه التحويلات وحسب، بل يجب أن تكون هناك قطاعات منتجة تجذب الدولارات.”
أين صرفت الاموال؟
وكشف أن المصرف المركزي أعد ورقة توضح اين صرفت دولارات المصرف المركزي. فبين أعوام 2010 و2021، تم انفاق مبلغ 24 ملياراً و537 مليون دولار على قطاع الطاقة واستيراد المحروقات لصالح مؤسسة كهرباء لبنان. وتم انفاق 8 مليارات و320 مليون دولار على القطاع العام من أجل تشغيله، و7 مليارات و572 مليون دولار على الاستيراد المدعوم. وأنفقت الدولة بموجب قوانين أقرت في مجلس النواب خلال 10 سنوات مبلغ 62 ملياراً و670 مليون دولار. كما ان الخسائر الاجمالية لمصرف لبنان من سندات اليوروبوندز التي هبط سعرها بعد إعلان التخلف عن السداد، هي بمقدار 7 مليارات و446 مليون دولار.
وأكّد أنّ “اتهام المصرف المركزي أنه يضارب على الليرة في السوق السوداء هو سخافات. مستمرون بتجفيف الليرة اللبنانية وبدفع رواتب القطاع العام بالدولار الأميركي ما يكبح التلاعب بالسوق”.
وكشف سلامه أن مصرف لبنان المركزي سيقترح على مجلس الوزراء الجديد في حال تشكيله، قانونا لإصدار عملة بفئات أكبر لتسهيل استخدام الليرة في ظل خفض قيمة العملة.
مع السرية المصرفية
وقال سلامه أيضا إنه يؤيد الحفاظ على السرية المصرفية في لبنان.
وتتناقض هذه التصريحات مع موقف نائب رئيس الوزراء اللبناني سعادة الشامي الذي قال إنه لا يرى أي فوائد للحفاظ على السرية المصرفية في البلاد.
كما وضع صندوق النقد “تعديل قانون السرية المصرفية لجعله يتماشى مع المعايير الدولية” شرطاً مسبقاً للحصول على أموال الإغاثة للبنان.
وأعدت حكومة الرئيس نجيب ميقاتي خطة للتعافي المالي والاقتصادي التي تعتبر ركيزة للتفاوض مع صندوق النقد الدولي. لكن هذه الخطة تلقى اعتراضات واسعة من المصارف والمودعين على حد سواء كونها تحمّلهما أكبر حصة من الخسائر المسجلة. وبالتالي، فإن إمرارها في مجلس النواب سيكون صعباً قبل اعادة تعديلها من أجل توزيع الخسائر بشكل عادل تحمل الدولة جزءاً من المسؤولية.