تراجعت أسواق الأسهم العالمية بعدما قادت أسهم التكنولوجيا انخفاضاً واسعاً، في حين بلغ تضخم الأسعار في الولايات المتحدة حوالي 8 في المئة، مما يجعل من شبه المؤكد أن يرفع مجلس الاحتياطي الفدرالي أسعار الفائدة الأسبوع الجاري، في حين سارع المصرف المركزي الأوروبي إلى إنهاء برنامج التحفيز الخاص به، بحسب ما جاء في التقرير الأسبوعي عن الاسبوع الماضي والصادر عن اتحاد أسواق المال العربية.
يقول التقرير إن أسعار النفط تراجعت الأسبوع الماضي، بعدما صرّح مسؤول أميركي أن روسيا تظهر دلائل على أنها قد تكون على استعداد لإجراء مفاوضات جوهرية بشأن أوكرانيا، ناهيك عن قيام المتداولين بتقييم التحسينات المحتملة للإمدادات المتوقعة من النفط والتي تعطلت بسبب الأزمة الأوكرانية.
كما تراجع الذهب يوم الجمعة حيث تضاءلت جاذبية الملاذ الآمن للمعدن بعد التقدّم المحتمل في المحادثات الروسية مع أوكرانيا، مع احتمال أن يؤدي رفع وشيك لأسعار الفائدة الاميركية إلى زيادة الضغط على تداول السبائك قبل أن يعاود ارتفاعه إلى حدود الألفي دولار للأونصة.
الدولار في أعلى مستوى منذ عامين
ارتفع عائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات فوق 2 في المئة يوم الخميس، حيث جاءت بيانات التضخم أعلى قليلاً من المتوقع، ليصل العائد على سندات الخزانة القياسية لأجل 10 أعلى مستوياته للمرة الأولى منذ 25 فبراير/شباط. وارتفع العائد على سندات الخزانة لأجل 30 عاماً إلى 2.374 في المئة.
في الواقع، ارتفع مؤشر أسعار المستهلك، الذي يقيس سلة واسعة النطاق من السلع والخدمات، بنسبة 7.9 في المئة، وهو أعلى مستوى خلال 40 عاماً. في وقت توقع الاقتصاديون الذين شملهم الاستطلاع من قبل “داو جونز” أن يرتفع معدل التضخم العام على أساس سنوي بنسبة 7.8 في المئة و0.7 في المئة للشهر.
عليه، سجل الدولار الأميركي أعلى مستوى جديد له في عامين يوم الجمعة بعد تقرير التضخم القوي، في حين كافح اليورو للحفاظ على ثباته حيث قوبل التحول المرتقب في سياسة المصرف المركزي الأوروبي بمخاطر النمو الناشئة عن أزمة أوكرانيا. وقال المصرف المركزي الأوروبي يوم الخميس إنه سيتوقف تدريجياً عن التحفيز في الربع الثالث، ليفتح الباب أمام رفع أسعار الفائدة قبل نهاية العام 2022 لمكافحة التضخم المرتفع.
عليه، ارتفع الدولار إلى أعلى مستوى له عند 116.39 يناً في التعاملات المبكرة، وهو أفضل مستوى له منذ يناير/كانون الثاني 2017، بينما تراجع الجنيه الإسترليني عند 1.309 دولاراً أميركياً، بعد أن هبط بنسبة 0.8 في المئة إلى أدنى مستوى خلال 16 شهراً، وفق مدير الأبحاث في اتحاد أسواق المال العربية الدكتور فادي قانصو.
ويعتقد المحلّلون أن حرب روسيا ضد أوكرانيا سترفع أكثر نسب التضخم في جميع أنحاء العالم لأنها سترفع أسعار النفط والسلع الأخرى. في وقت خفّض مصرف “غولدمان ساكس” توقعاته لنمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للولايات المتحدة للعام 2022 إلى 1.75 في المئة من 2.0 في المئة سابقاً، لتعكس ارتفاع أسعار النفط والتحديات الأخرى المرتبطة بتداعيات الحرب في أوكرانيا. بينما تتوقع الأسواق على نطاق واسع أن يقوم الاحتياطي الفدرالي برفع سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في ختام اجتماع السياسة النقدية هذا الأسبوع.
وقد أشارت بيانات مؤشر أسعار المستهلكين إلى أن اللجنة الفدرالية للسوق المفتوحة يمكن أن تتحرك “بقوة أكبر” لكبح التضخم، كما وعد رئيس الاحتياطي الفدرالي، جيروم باول مؤخراً.
الأسهم الآسيوية
وواصلت الأسهم الآسيوية تراجعها يوم الجمعة، حيث اجتاح البائعون أسواق الأسهم الصينية بعد أن تراجعت الأسهم الصينية المدرجة في الولايات المتحدة عقب تسمية أولى الشركات الصينية التي يُحتمل إلغاء إدراجها في الولايات المتحدة.
فقد تراجع مؤشر MSCI لأسهم آسيا والمحيط الهادئ خارج اليابان بنسبة 1.7 في المئة، حيث امتد التراجع في وول ستريت إلى العديد من مؤشرات الدول في المنطقة والتي تحولت إلى اللون الأحمر.
أسعار النفط تسجّل أكبر انخفاض أسبوعي منذ نوفمبر
تراجعت أسعار النفط في تحرك مفاجئ يوم الأربعاء، متخلية عن بعض الارتفاع هذا الشهر وسط اضطرابات الإمدادات الناجمة عن الغزو الروسي لأوكرانيا. فانخفض خام غرب تكساس الوسيط بأكثر من 12 في المئة ليستقر عند 109 دولارات للبرميل، مسجلاً أسوأ أداء له منذ 26 نوفمبر/تشرين الثاني.
وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، تجاوز خام غرب تكساس الوسيط 130 دولاراً للبرميل لفترة وجيزة، وهو أعلى مستوى في 13 عاماً. وانخفض خام برنت، المعيار الدولي، بنسبة مماثلة 13 في المئة إلى 111 دولار، مسجلاً أكبر انخفاض في يوم واحد منذ أبريل/نيسان 2020. ووصل خام برنت للتو إلى 139 دولاراً يوم الاثنين، وهو أعلى مستوى منذ العام 2008، وذلك بعد إعلان الرئيس الأميركي جو بايدن أن الولايات المتحدة ستحظر واردات النفط الروسي رداً على غزو موسكو لأوكرانيا. في حين أعلنت المملكة المتحدة عن قيودها الخاصة على شراء واردات النفط الروسية، قائلة إنها ستتوقف تدريجياً عن المشتقات النفطية من روسيا في نهاية السنة.
وقد تراجعت الأسعار بعد أن أصبح واضحاً أن الاتحاد الأوروبي، الذي يعتمد بشدة على الطاقة الروسية، لن ينضم إلى الولايات المتحدة وبريطانيا في حظر النفط الروسي. وجاء انخفاض أسعار النفط وسط مؤشرات على إحراز تقدم محتمل من قبل الولايات المتحدة في تشجيع المزيد من إنتاج النفط من مصادر أخرى. وكانت ذكرت “رويترز “أن العراق قال إنه قد يزيد الإنتاج إذا طلبت “أوبك+” ذلك، كما أشار وزير الخارجية أنتوني بلينكين إلى أن الإمارات العربية المتحدة ستدعم زيادة إنتاج “أوبك+”. بالإضافة إلى ذلك، كافح بعض منتجي “أوبك+”، بما في ذلك أنغولا ونيجيريا، لتحقيق أهداف الإنتاج، مما حدّ من قدرة المجموعة على تعويض خسائر الإمدادات الروسية.
الذهب يستقر بالقرب من 2000 دولار
عاود سعر الذهب الفوري ارتفاعه في نهاية الأسبوع إلى 1996 دولاراً للأونصة بعد انخفاضه بنسبة 3 في المئة يوم الأربعاء، كما ارتفعت العقود الآجلة للذهب في الولايات المتحدة عند 2000 دولار. وقد حفّز الاندفاع نحو الأصول الآمنة في وقت سابق من الأسبوع الذهب بالقرب من المستويات القياسية التي سجلها في أغسطس/آب 2020. كما قام المستثمرون بتقييم بيانات التضخم لشهر فبراير/شباط من الولايات المتحدة، والتي كانت متوافقة مع التوقعات.
بالإضافة إلى ذلك، لم تحرز المحادثات بين وزيري خارجية روسيا وأوكرانيا أي تقدم واضح نحو وقف إطلاق النار، مما أضعف الشهية للأصول الأكثر خطورة.
هذا وارتفع البلاديوم، الذي تستخدمه شركات صناعة السيارات في المحولات للحدّ من الانبعاثات، إلى 2949 دولاراً للأونصة. وسجل المعدن رقماً قياسياً بلغ 3441 دولار اًيوم الاثنين وسط مخاوف من تعطل الإمدادات من روسيا أكبر منتج. وعلى خلفية ارتفاع أسعار النفط والسلع، ينتظر المستثمرون الآن بيان مجلس الاحتياطي الفدرالي في 16 مارس/آذار.
في موازاة ذلك، من المتوقع أن تتجاوز أسعار الفحم 500 دولار للطن في العام 2022، مدعومة بارتفاع أسعار الغاز مما قد يدفع الدول الأوروبية إلى التحول نحو الفحم. وقد اجتمع زعماء الاتحاد الأوروبي يوم الخميس لصياغة ردّ مشترك على الغزو الروسي لأوكرانيا، مع اختلاف وجهات النظر بشأن المدى الذي ينبغي المضي فيه مع العقوبات الاقتصادية. في الواقع، يتمّ استيراد حوالي 14 في المئة من قوالب الفحم العالمية من روسيا، مما يجعلها ثالث أكبر مصدّر في العالم لهذه السلعة الاستراتيجية التي تُستخدم بكثافة في توليد الطاقة والتصنيع المكثف للطاقة. واعتباراً من العام 2020، أصبح يشكّل الفحم أكثر من 27 في المئة من إجمالي استهلاك الطاقة في العالم، ويحتل المرتبة الثانية بعد النفط بنسبة 31 في المئة.