كل التوقعات تشير إلى أن اقتصاد سلطنة عمان و وضعه المالي سوف يحققان نتائج إيجابية هذا العام مع إدخال إصلاحات اقتصادية ومالية من شأنها أن تعيد النبض إليه بعدما أنهكته جائحة كورونا وانخفاض أسعار النفط خلال السنوات الماضية.
اصلاحات اقتصادية
فمنذ العام الماضي، ومع تراجع تفشي جائحة كورونا، قررت الحكومة العمانية اتخاذ اجراءات لتحسين أوضاعها المالية الصعبة. فقررت فرض ضريبة على القيمة المضافة بنسة 5 في المئة في إبريل/نيسان من العام 2021 لتعزيز ايراداتها، ثم توجهت إلى صندوق النقد الدولي في يونيو/حزيران وطلبت منه مساعدة فنية من أجل وضع إستراتيجية للدين في الأمد المتوسط وتقوية إطار المالية العامة.
وكانت الدولة الخليجية قد بدأت تسجل ارتفاعاً في نسبة دينها الى الناتج المحلي الاجمالي منذ انهيار أسعار النفط في 2014، فقفزت هذه النسبة من حوالي 15 في المئة في 2015 إلى أكثر من 80 في المئة.
موازنة العام 2022: اقل عجز منذ 11 عاماً
وجاء إعلان السلطنة عن أرقام موازنتها للعام 2022 ليؤكد تصميمها على مواجهة التحديات المالية والاقتصادية. هذه الموازنة تمثل العام الثاني من خطة التنمية الخمسية العاشرة (2021-2025)، والتي تمهد الطريق لتنفيذ أهداف التنمية لرؤية عمان 2040.
فالموازنة تتوقع أقل عجز مسجل منذ 11 عاماً، ونسبة دين إلى الناتج في حدود 75 في المئة، وهو أقل مما كان متوقعًا في المستهدفات السابقة بنحو 86 في المئة.
ومن المتوقع أن يبلغ عجز الموازنة العامة هذا العام 5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، حيث إنه من المستهدف أن يصل إلى 1.5 مليار ريال (4 مليارات دولار تقريباً) يمثل حوالي 15 في المئة من جملة الإيرادات والمقدرة بـ10.58 مليارات ريال مقابل نفقات بـ12.13 مليار ريال.
أي أنه سيظل داخل حدود المستهدف في الخطة المالية متوسطة الأجل التي أطلقتها السلطنة في 2020 لإصلاح ماليتها المنهكة بالديون.
كما يمثل العجز المتوقع أقل بنسبة 30 في المئة من تقديرات موازنة 2021 والتي كانت تستهدف عجزاً بواقع 2.24 ملياري ريال.
احتساب برميل النفط بـ50 دولاراً
وقد وضعت عُمان تقديراتها لموازنة العام 2022 على أساس سعر برميل نفط يبلغ 50 دولاراً، ما يعني أن هذه الدولة الخليجية ستستفيد كبقية الدول الاخرى المصدرة للنفط، من ارتفاع أسعار النفط وزيادة إنتاجها، ما سيساعد في تحقيق التوازن في دفاترها الحكومية ودفع نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي.
فإيرادات النفط والغاز تمثل 68 في المئة من مجموع الإيرادات (مقابل 63 في المئة في 2021)، في حين تمثل الإيرادات غير النفطية ما نسبته 32 في المئة.
وبحسب المركز الوطني للإحصاء والمعلومات في عمان، ارتفع انتاج النفط إلى 971 ألفا و200 برميل يومياً بنهاية ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي من 950 ألفا و700 برميل يوميا حتى نهاية ديسمبر/كانون الاول 2020.
PWC: ما هو سعر التعادل المالي؟
بحسب ما جاء في تقرير لشركة “برايس ووترهاوس كوبرز” PWC عن موازنة السلطنة، أن احتساب أرقام الإيرادات المتوقعة على أساس سعر برميل نفط مفترض هو 50 دولاراً جاء أعلى مما تم احتسابه في العام الماضي عند 45 دولاراً.
وقالت “يبدو أن متوسط سعر النفط المتوقع متحفظ بالنظر إلى أن أسعار النفط الحالية أعلى نسبياً. سيكون سعر التعادل المالي للنفط في سلطنة عمان اللازم لتحقيق التوازن في موازنتها للعام 2022 هو 67 دولاراً للبرميل، مقارنة بـ 74 دولاراً للبرميل في عام 2021”.
وهذا يعني أن العجز المالي سيتراجع بشكل كبير سيما وأن أسعار برميل النفط دنت من المئة دولار.
علام يرتكز التفاؤل بتحسن اقتصاد عمان؟
لقد أتاح العام 2021 عدداً من الإيجابيات التي يبدو أن المسؤولين في السلطنة أخذوها في الاعتبار عند إعدادهم لموازنتهم الطموحة للعام 2022، أبرزها:
- إيرادات عمان الفعلية لعام 2021 التي تتجاوز توقعات الموازنة في العام الماضي، وهذا ما يساهم في تعزيز جهود السلطنة للوفاء بخطتها المالية متوسطة الأجل (2020-2024) للحد من عجزها.
- بدء تطبيق الضريبة على القيمة المضافة سمحت لسلطنة عمان بإدراج تدفق جديد للإيرادات في موازنة 2022 والبدء في جني فوائد تنفيذ السياسات المالية الجديدة.
- تحسن النظرة الائتمانية للسلطنة عبر الوكالات الرئيسية الثلاث. فوكالة “ستاندرد آند بورز” عدّلت نظرتها المستقبلية للسلطنة من مستقرة إلى إيجابية مع التأكيد على التصنيف الائتماني عند B+/B . فيما قامت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني بمراجعة توقعاتها المستقبلية لسلطنة عمان إلى “مستقرة” من “سلبية” مع التأكيد على التصنيف الائتماني طويل الأجل عند –BB. أما وكالة “موديز” فعدلت النظرة المستقبلية إلى “مستقرة” من “سلبية” وابقت تصنيفها الائتماني عند Ba3.
جميع هذه المؤشرات تؤكد أن الاقتصاد في سلطنة عُمان يسير حسب ما خطط له المسؤولون من ضمن رؤية 2040 التي تستهدف تنويع الاقتصاد، نحو تحقيق نمو مستدام يساهم في تحويل العجوزات الى فوائض.