ماذا لو قررت الهند تقييد شحنات القمح؟ سؤال طرحناه منذ حوالي عشرة أيام وكانت إجابته جلية: سيتسبب ذلك في زيادة مضافة في أسعار القمح العالمية التي قفزت بعد الحرب الروسية – الاوكرانية.
هذه التوقعات أصبحت حقيقة. فالهند قررت أن تعلّق صادراتها من القمح للسيطرة على أمنها الغذائي، وهذا بدوره أدرى إلى بلوغ أسعار القمح الحد الأقصى المسموح به في البورصة، متسببةً بفوضى جديدة في أسواق السلع الغذائية عالمياً.
فالعقود الآجلة المعيارية ارتفعت 6 في المئة لتصل إلى 12.47 دولاراً للنصف بوشل في شيكاغو، وهو أعلى مستوى في شهرين. وقفزت الأسعار بنحو 60 في المئة هذا العام، مما أدى إلى زيادة تكلفة كل شيء.
ضربة لأسواق القمح
خطوة الهند هذه تعتبر ضربة لأسواق القمح والتي تعاني أصلا على وقع الحرب الروسية- الأوكرانية. فهي تصنّف من أكبر الدول المصدّرة للقمح بالعالم، وترتيبها هو الثامن في قائمة تلك الدول من بعد أوكرانيا مباشرة. وكان يعول على صادراتها من القمح للتعويض بعض الشيء عن نقص امدادات القمحين الروسي والأوكراني. إذ ملأت الفجوة في الأسواق التي خلّفها انخفاض الإنتاج من أوكرانيا. ويرجع الفضل في ذلك جزئياً إلى الحصاد الوفير الذي بلغ 7 ملايين طن العام الماضي.
لكن، وبعد أن أنكرت أنها ستوقف الصادرات، عكست الهند مسارها خلال عطلة نهاية الأسبوع بعد أن قفز التضخم المحلي إلى أعلى مستوى في ثماني سنوات على خلفية ارتفاع أسعار المواد الغذائية والوقود. وهذا دفع مصرف الهند المركزي إلى رفع أسعار الفائدة هذا الشهر للمرة الأولى منذ أربع سنوات.
كما أن موجات الحر غير المعهودة على مدى الأشهر الثلاث الماضية التي تسببت بانخفاض انتاج محصول القمح لديها بنسبة 5 في المئة، عزز اتخاذها هذه الخطوة. فبادرت الى اعتماد إجراءات حمائية لتأمين أمنها الغذائي، خاصة وأن الهند تعاني من ارتفاع معدلات التضخم بنحو 7 إلى 8 في المئة.
ويتوقع على نطاق واسع ان تعزز خطوة الهند توقعات خفض النمو الاقتصادي العالمي، اضافة الى تبعاتها السلبية على الامن الغذائي العالمي.
يذكر انه تم الإعلان عن حظر التصدير بعد أيام فقط من توقعات وزارة الزراعة الأميركية بانخفاض إنتاج القمح العالمي لأول مرة منذ أربع سنوات في 2022 – 2023.
كذلك، قال برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة هذا الشهر إن الحرب في أوكرانيا كشفت هشاشة سلاسل التوريد العالمية لصدمات مفاجئة، مع عواقب وخيمة على الأمن الغذائي.
ومن المرجح أن يضرب قرار الهند الأسواق النامية في إفريقيا والشرق الأوسط بشكل أكبر، حيث تحرك العالم المتقدم لدعم الإمدادات.
ولكن ماذا عن مصر؟
أعلن وزير التموين المصري علي مصيلحي توصل الحكومة لاتفاق شراء نصف مليون طن من القمح من الهند.
وكان مصيلحي أكد في تصريحات سابقة أن حظر صادرات القمح الذي فرضته الهند لا يسري على الاتفاقات التي تم التوصل إليها بين الحكومتين.
وصرح مسؤول في وزارة الزراعة المصرية بأن مصر اشترت نحو 1.75 مليون طن من القمح المحلي منذ بداية موسم الحصاد الحالي.