تعمل قمة البريكس كمنصة لقادة الاقتصادات الناشئة لمعالجة الأمور الحاسمة، وتعزيز التعاون، وتضخيم نفوذهم العالمي.
كما توفر سبيلاً للمناقشات الثنائية والمتعددة الأطراف بين القادة، والتي تغطي مجالات مثل التعاون الاقتصادي والحوكمة العالمية والأمن والتبادلات بين الشعوب.
شهدت القمة الخامسة عشرة لمجموعة البريكس التي عقدت في جوهانسبرغ بجنوب إفريقيا إنجازات كبيرة وأحداثًا لافتة. ومع ذلك، كان التركيز الأساسي على توسيع المجموعة.
علاوة على ذلك، توصلت دول البريكس بنجاح إلى توافق في الآراء حول المبادئ التوجيهية والمعايير والإجراءات المطلوبة لتسهيل عملية التوسع.
ما هي البريكس؟
اكتسبت مجموعة البريكس، التي تألفت في البداية من البرازيل وروسيا والهند والصين، مع ضم جنوب إفريقيا لاحقًا، اسمها في العام 2001 على يد أحد الخبراء الاقتصاديين الذي أدرك إمكاناتها باعتبارها القوى الأسرع نموًا والتي يحتمل أن تكون مهيمنة في الاقتصاد العالمي بحلول العام 2050.
في عام 2009، عقدت المجموعة التي أشير لها بـ “بريك” أول قمة لها بهدف رئيسي يتمثل في زيادة نفوذها العالمي في القطاع المالي وإنشاء أنظمة بديلة للنظام الدولي الذي يهيمن عليه الغرب.
انضمت جنوب إفريقيا في العام 2010، ليتحول اسم المجموعة إلى “بريكس”. منذ ذلك الحين، احتضنت هذه البلدان هويتها الجماعية، وشكلت كتلة جيوسياسية واقتصادية هائلة. سوية، يمثل التحالف أكثر من 42 في المئة من سكان العالم، مشكلاً ربع الاقتصاد العالمي.
اقرأ أيضاً: البريكس.. بلوَرة نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب
توسع تحالف البريكس
حققت مجموعة البريكس إنجازاً بارزاً من خلال توسيع عضويتها، مما يرمز إلى الوحدة والتصميم الجماعي على التعاون. من المتوقع أن يكون لهذا التوسع تأثير إيجابي على الحوكمة العالمية، وفقًا للخبراء.
تلقت الأرجنتين ومصر وإثيوبيا وإيران والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة دعوات للانضمام إلى دول البريكس. اعتبارًا من 1 يناير/كانون الثاني 2024، ستصبح هذه الدول رسميًا أعضاء، مما يمثل بداية مرحلة جديدة من التعاون.
وأشاد الرئيس الصيني شي جين بينغ بهذا التوسع باعتباره لحظة تاريخية، مؤكداً أهميته في بدء فصل جديد من تعاون البريكس. وسلط الضوء على التزام هذه البلدان بالوحدة والتعاون مع الدول النامية الأخرى.
في حين أن التحديات لا تزال قائمة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في ظل سعي البريكس جاهدة للتوفيق بين العلاقات الثنائية المتوترة، يعتقد الخبراء أن إضافة دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الأربعة يمكن أن تعزز الديناميكيات التعاونية داخل الكتلة.
أشارت ميشيل غريز، الباحثة في شركة RAND، إلى العلاقات المعاد تأسيسها بين الإمارات وإيران، وكذلك المملكة العربية السعودية وإيران. واقترحت سيناريو تتعايش فيه هذه البلدان بشكل متناغم داخل إطار بريكس.
وتوقعت غريز كذلك أن تساعد عضوية البريكس كلاً من السعودية والإمارات في موازنة علاقاتهما مع الولايات المتحدة مع تعزيز العلاقات الاقتصادية مع الصين.
تجاوز التوسع في مجموعة البريكس التوقعات، مما يشير إلى الزخم القوي لآلية التحالف، بحسب الخبراء. إلى ذلك، فإن الاهتمام المتزايد من جانب البلدان النامية بالانضمام إلى المجموعة يعكس تطلعها إلى تعزيز نفوذها واستقلالها الذاتي في الشؤون العالمية.
اعتماد إعلان جوهانسبرغ الثاني
ومن الإنجازات الهامة التي حققها مؤتمر قمة البريكس لهذا العام اعتماد إعلان جوهانسبرغ الثاني. ويؤكد هذا الإعلان من جديد التزام بلدان مجموعة البريكس بالقيم والمبادئ الأساسية التي تجسد روح المجموعة. وتشمل هذه المبادئ الاحترام المتبادل والتفاهم والمساواة في السيادة والتضامن والديمقراطية والانفتاح والشمول وتعزيز التعاون وتوافق الآراء.
كما تم التوصل إلى توافق في الآراء بشأن الشراكات الحاسمة التي تهدف إلى تهيئة بيئة سلمية ومزدهرة من خلال تعددية الأطراف الشاملة. لا تسعى هذه المبادرات التعاونية إلى تعزيز النمو الاقتصادي داخل كتلة بريكس فحسب، بل تهدف أيضًا إلى مواجهة التحديات العالمية من خلال التنمية المستدامة. وبالإضافة إلى ذلك، تسعى إلى تعزيز التعاون الثقافي والتعليمي مع تعزيز التنمية المؤسسية.
أهداف إزالة الدولرة
بالإضافة إلى التوسع، ركزت قمة بريكس بشكل كبير على تقليل الاعتماد على الدولار الأميركي.
وخلال رسالته عبر مقطع الفيديو، سلط الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الضوء على عملية “إزالة الدولرة” وأكد أنه لا رجعة فيها. وجه قادة مجموعة البريكس وزارات المالية والبنوك المركزية لاستكشاف أدوات الدفع بناءً على العملات الوطنية.
وشدد إعلان القمة على أهمية استخدام العملات المحلية في التجارة الدولية وتعزيز الشبكات المصرفية المراسلة. يتوقع الخبراء أنه مع إدراج كبار منتجي النفط مثل السعودية وإيران في مجموعة البريكس، سيتم تسهيل عملية إزالة الدولرة في تجارة النفط.
تجري إيران بالفعل مبيعات بترولية باستخدام عملات أخرى غير الدولار، ويعتقد المراقبون أن المملكة ستستفيد هي الأخرى من تقليل اعتمادها على الدولار.
بنك التنمية الجديد
واعترافًا بالدور الحيوي لبنك التنمية الجديد في تعزيز البنية التحتية والتنمية المستدامة، أشادت قمة بريكس بديلما روسيف، الرئيسة السابقة للبرازيل، لتعيينها رئيسة لمجلس التنمية الوطني. وأعرب القادة عن ثقتهم في مساهماتها في نمو البنك.
وشدد مؤتمر القمة على مسؤولية بنك التنمية الجديد تقديم حلول تمويل فعالة للتنمية المستدامة وشدد على ضرورة توسيع عضويته. كما شددوا على أهمية تعزيز حوكمة الشركات والكفاءة التشغيلية بما يتماشى مع الاستراتيجية العامة لبنك التنمية الوطني للفترة ما بين 2022 و2026.
علاوة على ذلك، أقر مؤتمر القمة بالمساهمات القيمة لتحالف الأعمال النسائية لمجموعة البريكس ورحب بمشاركة الممثلين الشباب.
كما تم التأكيد من جديد على أهمية التبادلات بين الناس في تعزيز التفاهم المتبادل والصداقة والتعاون بين دول البريكس. وأشادت القمة بجنوب إفريقيا لاستضافتها قمة البريكس الخامسة عشرة كرئيس لمجموعة البريكس في العام 2023.
بالإضافة إلى ذلك، قدمت الكتلة دعمها الكامل لروسيا بينما تستعد لتولي دور رئيس مجموعة البريكس في العام 2024.
كلمة أخيرة
تحظى قمة البريكس 2023 بأهمية كبيرة لكل من الدول الأعضاء والشؤون العالمية. بصفتها كتلة اقتصادية، تحتل مجموعة البريكس موقعًا حاسمًا في تشكيل مسار السياسات الاقتصادية العالمية المستقبلية. ولديها القدرة على تقديم بدائل مجدية يمكن أن تسهم في تحقيق الاستقرار المالي في جميع أنحاء العالم.
انقر هنا للاطلاع على المزيد من التقارير الاقتصادية.