Share

مركز أبوظبي للمشاريع والبنية التحتية: الموازنة بين الابتكار والهوية

يشكل العمل مع القطاع الخاص حجر أساس في استراتيجية مركز أبوظبي للمشاريع والبنية التحتية لتقديم البنية التحتية
مركز أبوظبي للمشاريع والبنية التحتية: الموازنة بين الابتكار والهوية
سعادة المهندس ميسرة محمود عيد، مدير عام مركز أبوظبي للمشاريع والبنية التحتية

يكشف سعادة المهندس ميسرة محمود عيد، مدير عام مركز أبوظبي للمشاريع والبنية التحتية، في حوار مع “إيكونومي ميدل إيست” عن كيف تعمل أبوظبي على مزج التقاليد مع التصميم الحضري لوضع معايير أعلى للعيش والمرونة والابتكار المستدام.

هناك أكثر من 600 مشروع قيد التنفيذ للبنية التحتية في أبوظبي، تُقدّر قيمتها بأكثر من 54 مليار دولار. ما هي الأولويات الاستراتيجية الرئيسية التي تُحرّك هذا الاستثمار الضخم في البنية التحتية، وما هي القطاعات التي ستشهد أكبر تطور تحوّلي؟

تعتمد استراتيجية أبوظبي للبنية التحتية على رؤية واضحة وطموحة، تهدف إلى تعزيز جودة الحياة والاستدامة والمرونة الاقتصادية. في مركز أبوظبي للمشاريع والبنية التحتية، يرتكز عملنا على ثلاثة ركائز استراتيجية: الرفاه الاجتماعي والتنويع الاقتصادي والاستدامة البيئية، لضمان تحقيق كل مشروع قيمة مستدامة وتعزيز مجتمعات نابضة بالحياة وشاملة، بما يتماشى مع رؤية 2030.

ويعدّ الإسكان أولويةً رئيسية، حيث تم تخصيص 38 مليار دولار لـ140 مشروعًا. وتستخدم ابتكارات مثل برنامج الفلل النموذجية عمليات البناء خارج الموقع لتقليل التأخير وزيادة الكفاءة وخفض الانبعاثات.

ويعدّ الاستثمار الثقافي أيضاً من الأولويات، حيث تم تخصيص 6 مليارات دولار لدعم مشاريع بارزة مثل متحف جوجنهايم ومتحف زايد الوطني، مما يجعل أبوظبي وجهةً ثقافيةً عالمية. بالإضافة إلى ذلك، فإن الاستدامة ليست مجرد هدف لمركز أبوظبي للمشاريع والبنية التحتية، بل هي مبدأٌ توجيهي. باستثمار 8 مليارات دولار في 163 مبادرة نقل، تُعيد أبوظبي تصور مفهوم التنقل الحضري.

تركز هذه المشاريع على توسيع نطاق النقل العام وتقليل الازدحام ودمج خيارات النقل منخفضة الانبعاثات. من الحافلات الكهربائية إلى البنية التحتية الأكثر ذكاءً، يتمثل الهدف في إنشاء مدينة أنظف وأكثر ترابطًا، تدعم الأهداف البيئية والاحتياجات المتطورة لسكانها.

أبوظبي للمشاريع والبنية التحتية
هناك أكثر من 600 مشروع قيد التنفيذ للبنية التحتية في أبوظبي، تُقدّر قيمتها بأكثر من 54 مليار دولار

يتعاون مركز أبوظبي للمشاريع والبنية التحتية بنشاط مع القطاع الخاص في مشاريع البنية التحتية. ما هي الفوائد الرئيسية لهذا النهج في تنفيذ المشاريع وكيف يسهّل المركز التعاون الناجح مع الشركات الخاصة؟

يُعدّ العمل مع القطاع الخاص حجر أساس في استراتيجية مركز أبوظبي للمشاريع والبنية التحتية لتنفيذ مشاريع البنية التحتية، مما يُتيح لنا تسخير الخبرات ودفع عجلة الابتكار وتسريع الجداول الزمنية. وتساعد هذه الشراكات على ضمان تنفيذ المشاريع بكفاءة وقيمة طويلة الأجل للمجتمع.

من جانبنا، نُسهّل هذا التعاون من خلال عمليات الشراء الشفافة والبيئة التنظيمية الداعمة، والمنصات التي تُمكّن من التخطيط والتنفيذ المشتركين. ويتعاون المركز باستمرار مع مكتب أبوظبي للاستثمار (ADIO) لتعزيز وضوح فرص الاستثمار في المشاريع الرأسمالية في المراحل المبكرة من عملية الموافقة.

ومن المتوقع أن تُسهم هذه الخطوة الاستراتيجية في زيادة عدد المشاريع التي يتم تقييمها لنماذج شراكة القطاع العام، مما يُمهد الطريق لمشاركة أكبر من القطاع الخاص. ومن خلال الجمع بين طموح القطاع العام وقدرات القطاع الخاص، يبني مركز أبوظبي للمشاريع والبنية التحتية أنظمة بنية تحتية مرنة وشاملة وعالية الأداء تدعم النمو والفرص على المدى الطويل.

تهدف قمة أبوظبي للبنية التحتية، التي تُعقد يومي 17 و18 يونيو/حزيران، إلى طرح مفهوم تصميم أسلوب الحياة المستقبلي. بالإضافة إلى تحقيق النمو الاقتصادي، كيف ستُحسّن هذه الاستثمارات في البنية التحتية جودة الحياة للسكان والزوار بشكل ملموس؟

في مركز أبوظبي للمشاريع والبنية التحتية، نعتبر البنية التحتية ركيزةً أساسيةً لمجتمعٍ مزدهر. نصمم جميع استثماراتنا في البنية التحتية لتحسين جودة حياة السكان والزوار بطرقٍ ملموسةٍ متعددة، تتجاوز المقاييس التقليدية للنمو الاقتصادي. نركز على بناء مدينة لا تقتصر على الازدهار فحسب، بل تشمل أيضًا الصحة والسعادة والإنجاز.

لنأخذ التنقل مثالًا. يُحدث توسيع شبكة ركوب الدراجات في أبوظبي نقلةً نوعيةً في طريقة تنقل السكان في المدينة. ويهدف هذا المشروع إلى زيادة عدد مستخدمي وسائل النقل العام إلى 327,000 راكب، وتوسيع شبكة مسارات الدراجات الهوائية بمقدار 2,750 كيلومترًا، مما يجعل التنقل اليومي أسهل وأكثر صحةً وصديقًا للبيئة.

تدمج مختلف المجتمعات التي نُديرها في أبوظبي المدارس ومرافق الرعاية الصحية والمساحات الترفيهية، مما يُعزز الأحياء النابضة بالحياة والمترابطة. ويُعدّ توفير فرص متساوية للحصول على السكن مثالاً بارزاً آخر. وتُظهر مبادرات مثل مشروع بناء الفلل النموذجية، الذي نجحنا في تجربته في منطقة المزن (شمال بني ياس)، الأثر التحويلي للحلول المبتكرة.

تم إنجاز هذا المشروع في غضون ثلاثة أشهر فقط، مما يُقلل بشكل كبير فترة انتظار مواطني دولة الإمارات للحصول على السكن من 8 سنوات إلى عامين فقط. ومن خلال خفض وقت البناء بنسبة 30 في المئة وتقليل هدر المواد، فإن هذه المبادرة لا تُعزز الرفاه الاجتماعي لمواطني دولة الإمارات فحسب، بل تتماشى أيضاً مع أهداف الاستدامة في الإمارة.

كما أن الاستثمارات في الوجهات الثقافية تُتيح للزوار الوصول إلى الفنون والثقافات عالمية المستوى، مما يثري تجاربهم ويعزز هويتهم المجتمعية. ومن خلال تصميم بنية تحتية تُولي الأولوية للرفاهية وسهولة الوصول والشمولية، نُسهم في رسم ملامح مستقبل تُقاس فيه جودة الحياة بأنماط حياة صحية وروابط مجتمعية متينة وتجارب مُثرية لا بالناتج الاقتصادي فحسب.

أبوظبي للمشاريع والبنية التحتية
يرتكز عمل مركز أبوظبي للمشاريع والبنية التحتية على ثلاثة ركائز استراتيجية: الرفاه الاجتماعي والتنويع الاقتصادي والاستدامة البيئية

تتضمن قمة أبوظبي للبنية التحتية جلسات حول التطوير العقاري الفاخر وبناء اقتصاد عافية بمليار دولار. كيف تتحضر أبوظبي للمنافسة في سوق نمط الحياة الفاخر العالمي، وما هي المزايا الفريدة التي تُقدمها للمستثمرين في هذا القطاع؟

يرتكز نهجنا على ابتكار مشاريع تمزج بين الحصرية والأصالة، مُلبيةً احتياجات الجمهور العالمي. وتوفر المدينة ترابطًا لا مثيل له، مما يجعلها مركزًا مثاليًا للسياحة والتجارة الفاخرة. تُجسد مشاريعنا الرائدة، مثل متحف اللوفر أبوظبي، و”تيم لاب فينومينا“، ومتحف جوجنهايم أبوظبي، ومتحف التاريخ الطبيعي، ومتحف زايد الوطني، المرتقب افتتاحهما، قدرتنا على تقديم وجهات عالمية المستوى.

بالإضافة إلى ذلك، يضمن التخطيط المتكامل لأبوظبي سهولة الوصول إلى وسائل الراحة الفاخرة ومتاجر التجزئة الحصرية والضيافة الراقية، مما يُعزز عروض نمط الحياة الفاخر بشكل عام. ويُوفر هذا التركيز الاستراتيجي فرصًا جذابة للمستثمرين الذين يسعون إلى الانخراط في سوق يجمع بين الثراء الثقافي والرقي الحديث.

الاستدامة والابتكار هما المحوران الرئيسيان في قمة أبوظبي للبنية التحتية. في ظل التحديات البيئية التي تواجه منطقة الخليج، ما هي مبادئ البناء والتصميم المستدامة التي تحظى بالأولوية في هذه المشاريع؟

في مركز أبوظبي للمشاريع والبنية التحتية، نحرص على دمج الاستدامة في جميع مشاريع البنية التحتية لدينا من خلال مواد مبتكرة وتقنيات متطورة. ونُعدّ رائدين في استخدام الأسمنت سلبي الكربون، الذي تم تطويره بالشراكة مع شركة “بارتانا” (Partanna)، والذي يُقلل بشكل كبير من انبعاثات الكربون من خلال امتصاص ثاني أكسيد الكربون أثناء المعالجة. وتُعدّ كفاءة الطاقة محورًا رئيسيًا آخر، حيث نستخدم أنظمة بناء ذكية مُصممة لتحسين الاستهلاك وتقليل النفايات.

بالإضافة إلى ذلك، نُولي أهمية للبنية التحتية المستدامة للنقل لتقليل الاعتماد على المركبات الخاصة وتعزيز التنقل الصديق للبيئة. ومن خلال دمج هذه المبادئ في كل مرحلة من مراحل التطوير، نعالج التحديات البيئية ونضع معايير جديدة للنمو الحضري المسؤول والتطلعي.

أبوظبي للمشاريع والبنية التحتية
باستثمار 8 مليارات دولار في 163 مبادرة نقل، تُعيد أبوظبي تصور مفهوم التنقل الحضري

اقرأ أيضاً: امتياز للتطوير العقاري: التميز في تقديم ما هو أكثر من المتوقع 

في قمة أبوظبي للبنية التحتية، يسعى مركز أبوظبي للمشاريع والبنية التحتية إلى بناء شراكات مع أصحاب المصلحة الدوليين في قطاعات متعددة. ما هي الفرص المتاحة للشركات والمستثمرين الأجانب الذين لم يفكروا سابقًا في أبوظبي، وكيف تدعم القمة دخولهم إلى السوق؟

تبرز أبوظبي بسرعة كمركز عالمي للابتكار والاستثمار، مقدمةً فرصاً قيّمة لأصحاب المصلحة الدوليين في قطاعات التصنيع المتقدم والتكنولوجيا والسياحة والتمويل. ومن أبرز الأمثلة على ذلك شركة “جريدورا”، وهي منصة جديدة للبنية التحتية أطلقتها كل من “القابضة” (ADQ) والشركة العالمية القابضة ومدن القابضة، والتي وقّعت مؤخراً أول مذكرة تفاهم لها مع مركز أبوظبي للمشاريع والبنية التحتية.

تُرسي هذه المذكرة أسس تطوير البنية التحتية الاستراتيجية للنقل، والتعاون طويل الأمد بين القطاعين العام والخاص. ومع إشراف مركز على مجموعة مشاريع بقيمة 54 مليار دولار، تُشير هذه الشراكة إلى التزام قوي بالتنمية القابلة للتطوير وعالية التأثير.

وتلعب قمة أبوظبي للبنية التحتية دورًا حيويًا في ربط المستثمرين والشركات العالمية بالقطاعين العام والخاص في أبوظبي، وتعزيز الشراكات التي تتماشى مع الأهداف الاستراتيجية طويلة المدى للمدينة. ومن خلال التواصل المُركّز وتبادل المعرفة وعرض المشاريع الرائدة، تُوفر القمة بوابةً فريدةً للقادمين الجدد لاستكشاف السوق والمساهمة في المشهد الاقتصادي المتطور لأبوظبي.

انقر هنا للاطلاع على المزيد من المقابلات الخاصة.