التقرير السنوي الذي أطلقته البورصة المصرية خلال حصادها عن العام 2022، كشف الكثير من الخطوات التي سيصار إلى تطبيقها هذا العام. وأبرزها أن مصر جهّزت 4 شركات حكومية تمهيداً لطرح حصص منها في البورصة ضمن برنامج الطروحات التي خططت لها.
وكانت الحكومة المصرية تبنت رؤية لزيادة مساهمة القطاع الخاص في الاقتصاد الوطني من خلال إتاحة أصول مملوكة للدولة بقيمة 40 مليار دولار للشراكة مع القطاع الخاص المحلي أو الأجنبي خلال السنوات الأربع المقبلة. إضافة إلى طرح 10 شركات قطاع عام وشركتين للقوات المسلحة بالبورصة. لكن الحرب الروسية – الأوكرانية فرملت هذه الخطة.
وتعيش مصر راهناً أزمة اقتصادية حادة تبلورت بتدهور سعر الجنيه وشح كبير في العملات الأجنبية. وهي أزمة انفجرت منذ مارس/آذار الماضي بعد بدء الحرب حين سارع المستثمرون الأجانب بالتخارج من اسواق المال المصرية بمبالغ كبيرة قدرت بحوالي 20 مليار دولار.
ومنذ ذلك الحين، بدأ الاحتياطيات بالعملات تتناقص لتصل إلى حدود حرجة، ما اضطر الحكومة المصرية الى البحث عن بدائل أخرى لتوفير العملات الصعبة للمساعدة في سداد 28 مليار دولار من الديون والفوائد المستحقة وتمويل العجز في الحساب الجاري بحلول نهاية العام 2023. ومن بين هذه البدائل طرح مبادرات للاستفادة من تحويلات المصريين في الخارج والمقدرة بحوالي 22 مليار دولار.
كما وافق صندوق النقد الدولي مؤخراً على إقراض مصر 3 مليارات دولار توزع على مدى أربع سنوات.
وكشف تقرير البورصة الذي أعلنه رئيسها رامي الدكاني في مؤتمر صحافي، أن الشركات النوي طرحها تشمل تضمنت كلاً من بنك القاهرة، ومصر لتأمينات الحياة، والحفر المصرية، و”إيلاب” التابعة لقطاع النفط.
ويتوقع التقرير طرح حصص من 8 شركات ضمن برنامج الطروحات الحكومية، والتي تضم شركات “إنبي”، و”مصر للتأمين”، وبنك الإسكندرية، و”ميدور”، و”إيثيدكو”، و”أسيوط لتكرير البترول”، و”المصرية ميثانكس” لإنتاج الميثانول، و”الوادي” للصناعات الفوسفاتية والأسمدة.
ويعتبر تخفيف انخراط المؤسسة العسكرية في الاقتصاد المصري تحدياً بالنسبة الى القاهرة، وهو أمر كان أشار إليه بوضوح صندوق النقد الدولي في مراجعته السنوية للاقتصاد المصري في يونيو/حزيران 2021، حين دعا للمرة الأولى إلى وجوب خصخصة جميع الشركات العامة، بما فيها تلك التي يملكها الجيش.
وكشف الدكاني خلال المؤتمر أن الحكومة تستهدف طرح 23 شركة حكومية في البورصة المصرية، منها 9 شركات مدرجة بالفعل خلال الفترة المقبلة بقيمة إجمالية متوقعة للطروحات 80 مليار جنيه. وتعمل الشركات المقرر طرحها في 7 قطاعات اقتصادية، ومن المستهدف طرح حصص تتراوح بين 15-20 في المئة من الطروحات.
والشركات التي تم قيدها وطرح جزء من أسهمها ومؤهلة لزيادة الأسهم المطروحة في السوق وهي: “الإسكندرية للزيوت المعدنية”، وبنك الإسكان والتعمير، و”إي فاينانس” للاستثمارات المالية والرقمية، و”مدينة نصر للإسكان والتعمير”، و”مصر الجديدة للإسكان والتعمير”، و”مصر للألومنيوم”، و”سيدي كرير للبتروكيماويات-سيدبك”، و”أبو قير للأسمدة والصناعات الكيماوية”، و”الإسكندرية للتداول الحاويات والبضائع”.
ويُتوقع أن تؤدي الطروحات الجديدة إلى زيادة معدلات السيولة وجاذبية السوق للمستثمرين غير المصريين، وتحقيق أكبر قدر من الاستقرار للسوق، والحد من تقلبات الأسعار.
ويشرح التقرير أن الجولة الترويجية الخارجية التي بدأت في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وتضمنت لقاء 16 مستثمراً وصندوق استثمار، فضلاً عن 4 مؤسسات عالمية، أظهرت أن أزمتي سعر الصرف، وقلة الطروحات كانتا على رأس المعوقات التي تعرقل دخول المستثمرين سوق المال المصرية.
وبالاضافة الى ذلك، أعلنت البورصة المصرية أن زيادات رؤوس الأموال التي شهدتها خلال العام الماضي 2022، بلغت 30.2 مليار جنيه، سواء التي تمت في صورة زيادات نقدية عن طريق الإكتتابات أو من خلال التوزيعات المجانية للأسهم للشركات، وذلك مقابل 18.4 مليار جنيه في 2021 بزيادة نسبتها 64 في المئة.
وبحسب الدكاني، زاد عدد المستثمرين الجدد في العام الماضي بنسبة 202 في المئة حيث بلغ عدد المستثمرين الجدد نحو 175 ألفاً في 2022، مقابل دخول 58 ألف مستثمر جديد فقط في 2021، ليبلغ إجمالي عدد مستثمري السوق 526 ألف مستثمر.
كما ارتفع إجمالي عدد الشركات المقيدة في البورصة خلال العام الماضي، ليصل إلى 242 شركة، مقارنة مع 237 شركة في 2021، بالإضافة إلى قيد سندات خزانة بقيمة 331.5 مليار جنيه.
وفي شق آخر، كشف الدكاني أن إدارة البورصة تستهدف أن تصبح مصر المركز الرئيسي لتداول شهادات الكربون في القارة الإفريقية، بهدف مساعدة الشركات على خفض الانبعاثات وإصدار شهادات الكربون للمشاريع مباشرة، وإنشاء سوق منظم يسمح للشركات بشراء وبيع أرصدة الكربون المرتبطة بحجم انبعاثاتها.
أخيرا، لا شك أن خطة الحكومة المصرية والطروحات المنوي تنفيذها هذا العام تعتبر طموحة جداً وتسهم في انتشال الاقتصاد من الحال التي هو عليه اليوم. والتحدي الأهم هو مدى الاهتمام الذي سيبديه المستثمرون والصناديق السيادية مع تنامي جاذبية أسعار أسهم الشركات المصرية بعد تحرير سعر الصرف.