رغم ارتفاع قيمة التجارة العالمية إلى مستوى قياسي بلغ 7.7 تريليونات دولار في الربع الأول من عام 2022، إلا أن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الاونكتاد) يرى أن هذا الاتجاه الإيجابي قد ينتهي قريباً.
فبحسب تقرير هذه الهيئة التابعة للأمم المتحدة تحت عنوان “تحديث التجارة العالمية”، هناك سلسلة من التحديات التي سيكون لها انعكاس سلبي على حجم التجارة لما تبقى من العام؛ منها تصاعد أسعار الفائدة وتصفية حزم التحفيز الاقتصادي وسلاسل التوريد العالمية واتجاهات وسياسات الأقلمة التي تدعم التحول نحو اقتصاد عالمي أكثر اخضراراً. كما سيستمر التقلب في أسعار السلع الأساسية والعوامل الجيوسياسية في جعل التطورات التجارية غير مؤكدة.
و”نظرًا لارتفاع مستويات الديون العالمية، من المرجح أن تتزايد المخاوف بشأن القدرة على تحمل الديون في الأرباع القادمة بسبب الضغوط التضخمية المتزايدة وما يرتبط بها من زيادات في أسعار الفائدة”، بحسب “الاونكتاد”.
وقال التقرير: “من المتوقع أن يؤدي التشديد المستمر للأوضاع المالية إلى زيادة الضغط على الحكومات المثقلة بالديون، مما يضخم نقاط الضعف ويؤثر سلبًا على الاستثمارات وتدفقات التجارة الدولية”.
هذه العوامل دفعت بـ”الاونكتاد” الى أن يقول: “الاتجاه الإيجابي للتجارة الدولية قد ينتهي قريباً”.
التجارة العالمية في الربع الأول
لقد ارتفعت قيمة التجارة العالمية بنحو 15 في المئة إلى مستوى قياسي بلغ 7.7 تريليون دولار في الربع الأول من عام 2022، بزيادة قدرها نحو تريليون دولار مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وفقًا لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية.
وذكر التقرير أن قيمة التجارة زادت بنحو 250 مليون دولار عن الربع الأخير من عام 2021. وارتفعت التجارة في كل من السلع والخدمات في الفترة من يناير/كانون الثاني إلى مارس/آذار.
نمو تجاري قوي لكل من البلدان المتقدمة والنامية
وفقًا للتقرير، ظلت معدلات نمو التجارة في الربع الأول من عام 2022 قوية في جميع المناطق الجغرافية، رغم انخفاضها إلى حد ما في مناطق شرق آسيا والمحيط الهادئ.
وكان نمو الصادرات أقوى بشكل عام في مناطق تصدير السلع الأساسية، حيث ارتفعت أسعار السلع الأساسية.
وبلغ حجم التجارة في السلع السلعية حوالي 6.1 تريليونات دولار، بزيادة حوالي 25 في المئة مقارنة بالربع الأول من عام 2021، وقفزة بنحو 3.6 في المئة مقارنة بالربع الرابع من عام 2021.
وكانت قيمة الصادرات السلعية من البلدان النامية أعلى بنحو 25 في المئة في الربع الأول من عام 2022 عنها في الربع الأول من عام 2021. وبالمقارنة ، فإن هذا الرقم يبلغ حوالي 14 في المئة بالنسبة للبلدان المتقدمة.
كما نمت تجارة البضائع بين البلدان النامية بقوة خلال الربع الأول من عام 2022.
ونمت التجارة في الخدمات إلى حوالي 1.6 تريليون دولار، بزيادة حوالي 22 في المئة مقارنة بالربع الأول من عام 2021 ، وزيادة بنحو 1.7 في المئة مقارنة بالربع الرابع من عام 2021.
زيادات كبيرة عبر القطاعات
يُظهر التقرير أن معظم القطاعات الاقتصادية سجلت زيادات كبيرة على أساس سنوي في قيمة تجارتها في الربع الأول من عام 2022.
كان ارتفاع أسعار الوقود وراء الزيادة الكبيرة في قيمة التجارة في قطاع الطاقة. كما كان نمو التجارة أعلى من المتوسط بالنسبة للمعادن والكيميائيات.
على النقيض من ذلك، ظلت التجارة في قطاع النقل ومعدات الاتصالات دون مستويات 2021 و 2019.
تباطؤ النمو الاقتصادي والحرب في أوكرانيا آفاق قاتمة
يقول التقرير إن تطور التجارة العالمية للفترة المتبقية من عام 2022 من المرجح أن يتأثر بنمو اقتصادي أبطأ من المتوقع بسبب ارتفاع أسعار الفائدة والضغوط التضخمية والمخاوف بشأن القدرة على تحمل الديون في العديد من الاقتصادات.
يذكر التقرير أن الحرب في أوكرانيا تؤثر على التجارة الدولية من خلال زيادة الضغط التصاعدي على الأسعار الدولية للطاقة والسلع الأولية.
وكان صندوق النقد الدولي خفّض في أبريل/نيسان الماضي توقعاته للنمو العالمي لعام 2022 إلى 3.6 في المئة، بانخفاض عن تقديراته السابقة البالغة 4.4 في المئة في يناير/كانون الثاني. وأعلنت رئيسة الصندوق كريستالينا جورجييفا أن “التوقعات منذ آخر تحديث لنا في أبريل/ نيسان أصبحت قاتمة بشكل كبير”، وكشفت أن الصندوق سيخفض خلال الأسابيع المقبلة توقعاته للنمو للمرة الثالثة هذا العام.
وفي الشهر الماضي، خفض البنك الدولي توقعاته للنمو للاقتصاد العالمي للمرة الثانية هذا العام حيث أدت حرب أوكرانيا، التي دخلت شهرها الخامس الآن، إلى تفاقم التباطؤ الناجم عن الوباء.
ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة
على المدى القصير، بسبب الطلب العالمي غير المرن على المنتجات الغذائية والطاقة، من المرجح أن يؤدي ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة إلى ارتفاع قيم التجارة وانخفاض حجم التجارة بشكل هامشي، بحسب “الاونكتاد”.