أنهى الاقتصاد الأميركي عام 2022 في حالة صلبة حتى مع استمرار التساؤلات حول ما إذا كان النمو سيتحول إلى سلبي في العام الحالي.
فقد استمرّ الأميركيون في الاستهلاك رغم انخفاض القوة الشرائية بسبب ارتفاع أسعار الفائدة والتضخّم.
وأفادت وزارة التجارة يوم الخميس أن الناتج المحلي الإجمالي للربع الرابع، وهو مجموع جميع السلع والخدمات المنتجة في الفترة من أكتوبر/تشرين الاول إلى ديسمبر/كانون الاول، ارتفع بمعدل سنوي قدره 2.9 في المئة. في حين كان توقع الاقتصاديون الذين شملهم الاستطلاع من قبل داو جونز قراءة 2.8 في المئة.
وجاء ذلك بعدما شهد العام السابق أكبر انخفاض في الناتج المحلي الإجمالي منذ العام 1946 (-3.5 في المئة) وشهرين من الركود بسبب كوفيد-19ز
وربما يكون هذا هو آخر ربع سنوي يحقق فيه الاقتصاد نمواً قوياً قبل أن يظهر التأثير المتأخر لأسرع دورة تشديد نقدي ينفذها مجلس الاحتياطي الفدرالي منذ الثمانينات.
فمعظم الاقتصاديين يتوقعون أن يشهد النصف الثاني من العام ركوداً إلا أنه سيكون متوسطا مقارنة بنوبات ركود سابقة.
وتشير المؤشرات الاقتصادية أكثر نحو ركود بدأ في مطلع العام، أي في شهري ديسمبر/ كانون الأول –يناير/كانون الثاني.
فقد تراجعت مبيعات التجزئة بشدة خلال الشهرين الماضيين ودخل قطاع الصناعات التحويلية في ركود في ما يبدو مقتفياً أثر سوق الإسكان. وفي حين أن سوق العمل ما زالت قوية فإن معنويات الأعمال تواصل تراجعها وهو ما قد ينال في نهاية المطاف من عمليات التوظيف.
وكان إنفاق المستهلكين، الذي يشكل اكثر من ثلثي النشاط الاقتصادي في الولايات المتحدة، هو الدافع الرئيسي للنمو وشهد طفرة في الإنفاق على السلع في بداية الربع.
واستمد الإنفاق الدعم من متانة سوق العمل إلى جانب فائض المدخرات الذي تراكم خلال جائحة كوفيد-19.
لكن الطلب على السلع المعمرة، التي يتم شراؤها بالآجل في غالب الأحوال، تراجعت واستنفدت بعض الأسر، ولا سيما منخفضة الدخل، مدخراتها. وفقد إنفاق الشركات بعض قوته هو الآخر مع نهاية الربع الرابع.
وقالت مديرة مكتب الموازنة في البيت الأبيض شالاندا يونغ عبر “تويتر”، إنّ “أول عامين من النمو الاقتصادي (في عهد جو بايدن) هما أقوى أول عامين (في هذه الناحية) مقارنة بأي رئيس آخر منذ الرئيس (بيل) كلينتون”.
وكان العام 2022 بدأ بشكل سيء، مع انخفاض الناتج المحلّي خلال فصلين (-1.6 في المئة في الفصل الأول، ثمّ -0.6 في المئة في الفصل الثاني)، قبل العودة إلى النمو في الفصل الثالث (+3.2 في المئة).
ولا شك أن تهديداً كبيراً يهدد الاقتصاد الاميركي يتمثّل في سقف الدين العام الذي تمّ بلوغه الأسبوع الماضي.
فبدون اتفاق في الكونغرس، قد تجد الولايات المتحدة نفسها في نهاية المطاف في حالة تخلّف عن السداد.
وتترقب الأسواق الأسبوع المقبل اجتماع الاحتياطي الفدرالي الذي سيحدد زيادة وإن بوتيرة ابطأ لاسعار الفائدة الفدرالية.
ومن المتوقع أن تستمر سلسلة من الزيادات القوية في أسعار الفائدة بهدف ترويض التضخم الجامح هذا العام.
وكان الاحتياطي الفدرالي رفع سعر الاقتراض القياسي بمقدار 4.25 نقاط مئوية منذ مارس/آذار 2022 إلى أعلى معدل له منذ أواخر عام 2007.
ووتعمل زيادات أسعار الفائدة عمومًا على فترات تأخير، مما يعني أن تأثيرها الحقيقي قد لا يكون محسوسًا حتى الوقت المقبل.
وترى الأسواق شبه مؤكد أن الاحتياطي الفدرالي سوف يقر زيادة أخرى بمقدار ربع نقطة مئوية أخرى في اجتماعه الأسبوع المقبل ومن المحتمل أن يتبع ذلك برفع آخر مماثل الحجم في مارس/آذار.