يمثل العام الجديد فرصة لتسريع مبادئ البيئة والاجتماعية والحوكمة (ESG) في القطاع العقارات في دولة الإمارات مع استعداد الدولة لاستضافة قمة مؤتمر الأطراف (COP 28) في نوفمبر/تشرين الأول من العام الحالي.
في حين أن قمة المناخ المقبلة قد وفرت دفعة متجددة لتشجيع الاستدامة في القطاع العقاري، كان اللون الأخضر هو اللون الأسود الجديد في الشرق الأوسط منذ عدة سنوات وحتى اليوم، لا سيما خلال مرحلة ما بعد الوباء.
تشير “نايت فرانك” في استطلاع عالمي للمشترين صدر في أكتوبر/تشرين الأول من العام 2021 إلى أن 50 في المئة من مشتري المنازل في المنطقة يرغبون فيي أن تكون مشترياتهم العقارية القادمة، سواء كانت فيلا أو شقة، فعالة من حيث استخدام الطاقة، بالإضافة إلى تضمّنها عوامل جذب أخرى بالنسبة للمشترين مثل جودة الهواء وقربها من المساحات الخضراء (18 في المئة لكل منهما).
وتبيّن شركة الاستشارات في تقرير منفصل في أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي أن المشترين التجاريين والمستأجرين أصبحوا أيضًا أكثر صراحة بشأن الحاجة إلى مساحات مكتبية مستدامة، حيث تساعد الاستجابة النشطة لحالة الطوارئ المناخية في جذب المواهب والاحتفاظ بها.
محفّز للاستثمار
يتطلب إطلاق العنان للطلب من جيل جديد من المستثمرين الأكثر وعيًا اجتماعيًا التزامًا مؤسسيًا – وقابل للقياس – بالامتثال للحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية.
في حين أن الاستدامة البيئية كانت تقليديًا ميزة مجردة تعكس النوعية في مجال البناء، فإن القاعدة المتنامية للمستثمرين الواعين بالحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية تعني أن الالتزام بالاستدامة سيتم قياسه بشكل متكرر من الناحية الكمية أيضًا.
خلال السنوات الأخيرة، حصل كذلك المطوّرون في دولة الإمارات على تمويل أخضر، ضمن سلسلة من الخطوات التي تؤكد على الدور المتزايد الذي يلعبه الامتثال للحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية في ملاءمة المستثمرين في مناخ ما بعد الوباء.
في أغسطس/آب 2021، وقّعت شركة ماجد الفطيم، عملاق العقارات في دبي، قرضًا مرتبطًا بالاستدامة بقيمة 5.5 مليارات درهم، لتصبح أول شركة خاصة في دبي تقترض من خلال مثل هذه التسهيلات.
إقرأ أيضاً: “الفطيم” الإماراتية تحصل على قرض بـ1,25 مليار دولار لتعزيز أهدافها في مجال الاستدامة
يراعي التسهيل الائتماني المتجدد لمدة خمس سنوات التنوع بين الجنسين، بالإضافة إلى هدف للمطور للتصديق على جميع مراكز التسوق التابعة له على أنها LEED Gold أو مرافق عليا (سامية).
شركة “الدار” كمثال
تبرز شركة الدار العقارية العملاقة في أبو ظبي كمثال على تبني مبادئ ESG لتأمين التمويل والامتثال للمعايير.
في يناير/كانون الثاني الماضي، وقّعت شركة “الدار” العقارية اتفاقية ستشهد تشغيل جميع أصولها التشغيلية المملوكة والمدارة بواسطة مصادر الطاقة النظيفة لشركة مياه وكهرباء الإمارات لمدة تصل إلى خمس سنوات.
أطلقت الشركة أيضًا مشروعًا العام الماضي لتقليل استهلاكها للطاقة بنسبة 20 في المئة تقريبًا عبر 80 أصلًا وتعهدت باستثمار 25 مليون درهم في مجال تحسين استخدام الطاقة لـ 13 من المجمّعات السكنية التي تديرها.
في يوليو/تموز 2021، أصبحت الدار أول شركة عقارية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا توقّع اتفاقية تسهيلات بقيمة 300 مليون درهم مع عملاق المصارف البريطانية HSBC، لربط هامش الفائدة المستحق بتحقيق أهداف الاستدامة.
يشتمل القرض المرتبط بالاستدامة لمدة خمس سنوات على آلية لتعديل هامش الفائدة لشركة “الدار” سنويًا بما يتماشى مع تحقيق الأهداف المتعلقة بتركيز الطاقة والمياه، وإعادة تدوير النفايات ورفاه العمال.
كما وافقت “الدار” على استثمار مبلغ ثابت في واحد أو أكثر من مشاريع ESG المؤهلة إذا لم تصل إلى الأهداف السنوية المتفق عليها.
يلاحظ المجتمع الدولي الذي يضم مراقبين وصناع قرار في مجال الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية هذه المساعي.
حصلت “الدار” على درجة محسّنة تبلغ 16.1 على مقياس شركة Sustainanalytics لتقييم المخاطر البيئية والاجتماعية والحوكمة لعام 2022، ممّا يشير إلى انخفاض مستوى مخاطر الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية، مقارنةً بـ 16.6 في العام 2021. كما تحسّن تصنيف MSCI ESG من BB في العام 2021 إلى BBB في العام 2022، وحققت الشركة 60 نقطة على مؤشر الاستدامة S&P Dow Jones في العام 2022، ارتفاعًا من 58 نقطة في العام 2021.
وأشارت شركة التطوير إلى أن تحسين الكشف عن البيانات، وعمليات إدارة المخاطر، وتحسين سلسلة التوريد والإدارة البيئية قد أسهم في تحسين تصنيفاته على المعايير.
نهج شامل
تنجح الاعتبارات البيئية في الحصول على أعلى التمويلات في غالبية مناقشات ESG على مستوى العالم، في ظل الجهود المبذولة على المستوى الوطني والمجتمعي للتخفيف من تأثيرت تغير المناخ.
ومع ذلك، فإن العوامل التي تحقق التميز الاجتماعي والحوكمة – مثل التنوع والشمولية وشفافية السوق والأطر التنظيمية المتكاملة – سوف تتطلب مزيدًا من الاهتمام، في ظل انتقال المزيد من المستثمرين إلى مبادئ ESG في السنوات القادمة.
في هذا الإطار، يقول أسد رحمن، المدير الأول للتمويل العقاري والاستشارات في بنك المشرق، في ورقة إحاطة في أكتوبر/تشرين الأول 2021 أن “معايير الشمولية والتنوع والتوازن بين العمل والحياة يجب أن تحصل على الحيّز نفسه من الأهمية”.
“يتعلق الأمر أيضًا بصحة ورفاهية المجتمع، وسيؤدي ذلك دورًا مهمًا في قرارات المستثمرين في السنوات المقبلة”، يضيف رحمن.
أنقر هنا لقراءة المزيد من التقارير العقارية