يواجه كوكب الارض عوامل عديدة باتت معروفة للجميع تهدد بقاءه واستمراريته. ولكن ما هو غير مألوف الحديث عنه هو النفايات الطبية التي تعتبر القنبلة الموقوتة التي تهدد بتفجير الكوكب بأكمله.
أزمة تراكم هذه الانواع من النفايات قديمة – جديدة، ولكن برزت بشكل كبير في الآونة الاخير مع انتشار كورونا.
يأتي ذلك بالتزامن مع تراكم عشرات الآلاف من أطنان النفايات الطبية في أنحاء العالم والتي تهدد صحة الانسان والبيئة، بحسب ما كشفت منظمة الصحة العالمية.
في حين، أن مستلزمات فحوص الكشف عن كورونا خلّفت ما يصل إلى 2600 طن إضافية من النفايات و731 ألف لتر من النفايات الكيميائية.
إضافة الى أن مليارات اللقاحات ضد الوباء خلّفت ما لا يقل عن 144 ألف طن من المحاقن وحاويات التجميع.
أما لجهة الاقنعة البلاستيكية أحادية الاستخدام، فقد تسببت في تلوث الأرض والمياه، خصوصًا في الدول التي تعاني من إدارة نفايات أقل تطورًا.
وقد كشفت إحدى الدراسات أنه جرى التخلص من 3.4 مليار قناع للاستخدام الشخصي يوميًا في عام 2020 فقط في العالم.
كل ذلك تسبب بازدياد النفايات في مرافق الرعاية الصحية بمقدار 3 إلى 4 مرات منذ بداية الجائحة وحتى الآن، بحسب المسؤولة عن قسم “المياه والتطهير” في منظمة الصحة العالمية.
تجربة الخليج
وبخلاف البلدان التي أخفقت في إدارة تلك المخلفات، برزت تجربة الإمارات الرائدة في هذا المجال والتي تعاملت معه بشكل حذر وخاص.
فمثلًا أبو ظبي التزمت سياسة خاصة لتلف هذه النفايات، إذ جرى نقلها في أكياس بلاستيكية حمراء محكمة الإغلاق في صناديق آمنة عبر شاحنة معقمة مخصصة لنقل مثل هذه النفايات الطبية.
وبعد الانتهاء من عملية الحرق بصورة معتمدة وآمنة، تكون بقايا الرماد الناتجة آمنة للمس وقابلة للتحلل الحيوي، كما يمكن نقلها لمكبات القمامة دون الإضرار بالأرض.
أما دبي، فكانت لها تجربتها الخاصة في هذا المجال بعد أن حددت ضوابط لإدارة النفايات في المنشآت الصحية.
وطلبت هيئة الصحة توفير منطقة تخزين مستقلة في حاويات مبردة مخصصةمع التحكم في درجة الحرارة، مع حاويات مخصصة للتخلص من النفايات، اضافة الى تهوية المنطقة بشكل صحيح.
السعودية من جهتها، نجحت في إدارة هذا الملف، والتخلص الآمن من نفايات الرعاية الصحية بطرق بيئية مستدامة للحفاظ على الصحة العامة، بالتعاون مع جميع الشركات العاملة ملتزمة بالمعايير التقنية والفنية والبيئية.
نمو السوق
الى جانب كورونا، من البديهي أن يؤدي تطور قطاع الرعايا الصحية في دول مجلس التعاون الخليجي الى زيادة كمية النفايات الناتجة عن المختبرات والعيادات والمستشفيات.
وهذا يعني أن سوق إدارة النفايات الصحية سيستمر في النمو، ومن المتوقع أن تصل قيمةالسوق العالمية لإدارة النفايات الطبية 21 مليار دولار بحلول عام 2024.
وتشير الارقام الأخيرة إلى أن دول مجلس التعاون الخليجي تنتج حوالي 150 طنًا من النفايات الطبية يوميًا، حيث تنتج المملكة العربية السعودية وحدها 80 طنًا.
أما الإمارات فتعد ثاني أكبر منتج لنفايات الرعاية الصحية، حيث تنتج حوالي 21.5 طن من النفايات الطبية كل يوم. وأبوظبي وحدها تنتج 12 طنًا يوميًا.
وفي هذا السياق، تلحظ الارقام الى أن ما بين 15-25 في المئة من إجمالي كمية النفايات الطبية التي تنشأ في الشرق الأوسط تعتبر خطرة أو معدية.
أضرار النفايات الصحية
بالانتقال الى أضرار هذه النفايات، فهناك العديد من الآثار الضارة الناجمة عن عدم الادارة والمعالجة بشكل آمن، لاحتوائها على كميات كبيرة من المواد الخطرة المعدية ذات الآثار الصحية الضارة للأفراد العاملين والمحيطين لهم.
كما تعتبر المخلفات الحادة مثل الإبر أو الأدوات الحادة الطبية الأخرى الملوثة مثل المشارط من أكثر المخاطر الصحية لتلك المخلفات،وذلك لسهولة إدخال الفيروسات للجسم عبر الوخز أو القطع إلى مجرى الدم مباشرة.
فمثلًا يتسبب التعرض لإصابات وخز الإبر في العديد من حالات عدوى التهاب الكبد B وC كل عام
الى ذلك، فالتعرض للأدوية المستعملة لعلاج الكيماوي للأمراض السرطانية عند تحضيرها أو إعطاءها للمرضى أو عند تصريفها والتخلص منها قد يسبب أضرار للعاملين بالصحة.
الى جانب الاضرار الصحية التي تسببها هذه النفايات، يُضاف أيضًا الاضرار البيئية، إذ تنطوي المخاطر عند حرق النفايات، وخاصةً البلاستيك منها والتي يمكن أن تؤدي إلى إطلاق الديوكسينات والمواد المسببة للسرطان.
إضافةً الى تأثيرها على النظام الحيوي في المنطقة التي تتجمع فيها النفايات، وذلك عبر استجلاب القوارض والحشرات، وتلوث المياه الجوفية.
قانون موحّد
وفي سبيل حماية المجتمعات، اجتمعت حكومات دول مجلس التعاون الخليجي على دعم تطبيق القانون الموحد لإدارة النفايات الطبية ما أدى الى نمو السوق.
ويهدف هذا القانون إلى تطوير التخزين السليم والنقل والمعالجة والتخلص من النفايات الخطرة إضافة إلى تطوير طرق مختلفة لمعالجة النفايات الطبية بطريقة تحافظ على الصحة العامة وتمنع التلوث البيئي.