لن يمكنك بسهولة أت تتمكن من شراء أي شيء بليرة تركية واحدة. و ان حاولت أن تعطيها لشخص ما مثل بقشيش لتراه ينظر إليك مستغرباً. اما بمئة ليرة تركية فبالأمكان أن تشتريي زجاجة واحدة من الحليب، وكيس من رقائق البطاطس، وكيس متوسطة الحجم من Nescafe و Coffee Mate ، إذا كنت تحب هذا المزيج كما العديد يفعلون.
أما إذا كنت تكسب راتيك بالدولار، فأنت من المحظوظين القلائل.
يتراوح متوسط الرواتب في تركيا للوظائف المتوسطة بين 7 آلاف و8 آلاف شهريًا. هذا حوالي 500 دولار. لن يغطي هذا المبلغ الإيجار و فواتير المياه والكهرباء والطعام والأدوية، ما لم تتشارك في الإقامة، ول تمتنع عن التدخين، ولا تروّج عن نفسك أطلاقا، ولا تخطط للزواج. إنه وضع سيء ولن يتحسن في أي وقت قريب.
التضخم الأعلى في ربع قرن
توّج التضخم الاستهلاكي في تركيا أعلى مستوى له في 24 عامًا عند 73.5 في المئة، بينما فقدت الليرة التركية 65 في المئة من قيمتها منذ سبتمبر/ايلول الماضي.
تواصل القيادة التركية اتباع سياسة صديقة للأعمال للحفاظ على أسعار الفائدة المنخفضة وتعزيز النمو على حساب التضخم.
ارتفعت أسعار المستهلك بنسبة 2.98 في المئة في مايو/أيار، وفقًا لمعهد الإحصاء التركي (TUIK) الجمعة الماضي. لكن تقديرات “رويترز” تضعها أكثر بنحو 4.8 في المئة. في كلتا الحالتين، كان انخفاضًا من أكثر من 7 في المئة في أبريل/نيسان، ولكن لن تشعر أنه انعكس في أسعار السلع الأساسية.
كانت هناك أيضًا ارتفاعات في الفواتير الشهرية بنسبة تصل إلى 40 في المئة في وقت سابق من الأسبوع الماضي، خاصة الغاز والكهرباء. ففي مايو/أيار، شهدت أسعار المواد الغذائية زيادة يمكن التحكم فيها بنسبة 1.6 في المئة في معدل التضخم، ولكن سنويًا، وصلت الكارثة إلى ارتفاع بنسبة 91.6 في المئة.
وفي قطاع النقل، ارتفعت الأسعار بنسبة 3.4 في المئة في مايو/أيار، ليصل المعدل السنوي إلى ما يقرب من 108 في المئة. كما ارتفعت الأسعار في قطاعات الفنادق والمقاهي والمطاعم بنحو 5.5 في المئة في مايو/ايار، مع ارتفاع المعدل السنوي إلى 76.8 في المئة.
معدلات نمو عالية
الحكومة التركية حصلت على مبتغاها. أدت استراتيجية خفض أسعار الفائدة، بغض النظر عن التأثير المؤلم الذي قد يحدثه التضخم، إلى تحقيق نمو بنسبة 11 في المئة في عام 2021 و7.3 في المئة في الربع الأول من عام 2022. لكن التضخم قفز بنحو 54 نقطة مئوية منذ سبتمبر/أيلول الماضي وفقدت العملة 65 في المئة من قيمتها لتصل إلى 16.5 ليرة تركية مقابل الدولار في أوائل يونيو/حزيران.
ودعمت الحكومة مخططًا بإيداعات الليرة المحمية بالعملات الأجنبية والتي تعوض فيها الخزانة عن الخسائر المتكبدة من انخفاض قيمة العملة. وقد وصلت هذه الودائع المحمية بالعملات الأجنبية إلى ما يقرب من 875 مليار ليرة (52.9 مليار دولار) الشهر الماضي، لكنها لا تزال تمثل 13 في المئة فقط من إجمالي الودائع. إنها ليست مسابقة.
تمثل الودائع بالعملات الصعبة، بالدولار بشكل أساسي، 57 في المئة من إجمالي الودائع.
الإسكان
شهد الإسكان ارتفاعًا حادًا عندما اشترى المشترون الأثرياء عقارات للحماية من انخفاض قيمة الليرة. ارتفعت أسعار المساكن في تركيا بنسبة 110 في المئة من مارس/آذار 2021، وفقًا لبيانات المصرف المركزي، بزيادة حقيقية تقارب 30 في المئة من حيث معدلات التضخم.
في اسطنبول، ارتفعت أسعار المساكن بنسبة 122 في المئة خلال الفترة نفسها. أسعار الإيجار حذت حذوها.
جهود مكافحة التضخم
قال وزير المالية التركي، الدكتور نور الدين النبطي، إن التضخم الشهري سيميل إلى التراجع. وكتب على “تويتر” إن زيادة الإنتاج الزراعي، بفضل الظروف المناخية المؤاتية، ستساعد في تخفيف التضخم بعد ذلك. تمكنت السلطات من تقليل تأثير خفض قيمة الليرة عندما باعت احتياطيات العملة في ديسمبر/كانون الأول الماضي، وأنشأت حسابات مصرفية خاصة لحماية المودعين والشركات من هبوط الليرة الكبيرة في محاولة لمنع الهروب من الليرة إلى العملات الصعبة مثل الدولار أو اليورو أو حتى سلع مثل الذهب. لكن هذا يعني أن صافي احتياطيات المصرف المركزي انتهى بها الأمر إلى الانخفاض إلى 55 مليار دولار سلبي بمجرد حساب صفقات “مقايضة” العملات الأجنبية مع المصارف المحلية التركية.
وقالت “رويترز” إن الحكومة التركية تلقي باللوم على تداعيات الحرب في أوكرانيا في تأخير جهود موازنة الحساب الجاري بمزيج من الائتمان والصادرات والاستثمارات المستهدفة.
سجلت تركيا عجزًا تجاريًا قياسيًا بلغ 11 مليار دولار في مايو/ايار. وتم تسجيل عجز تجاري بقيمة 6 مليارات دولار في أبريل/نيسان.
قالت” رويترز” مؤخرا: “يقول المصرف المركزي إن التضخم سيهدأ بحلول نهاية العام”، مضيفة أن المصرف المركزي ترك أسعار الفائدة من دون تغيير عند 14 في المئة.
كما ارتفعت مقايضات التخلف عن سداد الائتمان لمدة خمس سنوات (CDS)، وهي تكلفة التأمين ضد التخلف عن السداد، إلى 730 نقطة أساس من 580 في الشهر الماضي.