انعكس الصراع الروسي – الأكرواني على أسواق الطاقة على الفور. فروسيا تعد واحدة من أكبر منتجي النفط والغاز الطبيعي في العالم، حيث تستحوذ على 17 في المئة من الغاز الطبيعي في العالم و12 في المئة من نفطه.
ارتفاع أسعار النفط والغاز
ومع تنامي المخاوف من أن تؤثر الأزمة الأوكرانية – الروسية في الإمدادات في جميع أنحاء العالم، اقتربت أسعار برميل النفط الى مستوى المئة دولار. فيما ارتفعت أسعار الغاز في أوروبا بشكل ملحوظ بعد إعلان ألمانيا تعليق المصادقة على تشغيل مشروع الغاز “نورد ستريم 2”. وصعدت العقود الآجلة للغاز في مارس/آذار المقبل إلى مستوى 940 دولار لكل ألف متر مكعب، اي بزيادة نسبتها 10 في المئة في يوم واحد.
ومن شأن ارتفاع أسعار النفط والغاز أن يزيد قتامة آفاق الاقتصاد العالمي، كونه سيؤدي إلى زيادة معدلات التضخم المقلقة اصلاً.
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمر قواته بدخول الأراضي الانفصالية في شرق أوكرانيا معلناً اعتراف روسيا باستقلال منطقتين انفصاليتين، ما أدى إلى انعقاد اجتماع طارئ لمجلس الأمن ليل الاثنين- الثلاثاء في محاولة لتجنب اندلاع حرب مع كييف.
وأظهرت وثيقة اطلعت عليها رويترز أن شركة “غازبروم ترانس”، وهي فرع لعملاق الغاز الروسي “غازبروم” مسؤول عن الشحنات بالسكك الحديد، توقفت عن تلقي طلبات لنقل الغاز الطبيعي المسال إلى أوكرانيا بدءا من 18 فبراير/ شباط.
وفي 2021، شحنت “غازبروم ترانس” 64 ألف طن من الغاز الطبيعي المسال إلى أوكرانيا، أو حوالي 10.7 في المئة من كل الإمدادات الروسية من ذلك الوقود إلى البلد المجاور لروسيا، بحسب بيانات للشحنات في السكك الحديد في “رفينيتيف ايكون”.
قطر: لا قدرة لدينا لسد الفراغ
وازاء هذه التطورات، أعلنت قطر– وهي واحدة من أكبر منتجي الغاز الطبيعي المسال في العالم – انها ولا أي دولة منفردة أخرى، لديها القدرة على أن تسد الفراغ أو تحل محل إمدادات الغاز الروسية لأوروبا بالغاز الطبيعي المسال في حالة تعطل الإمدادات بسبب الصراع بين روسيا وأوكرانيا.
فروسيا مسؤولة عن توريد ما بين 30 و40 في المئة تقريبا من الإمدادات لأوروبا، بحسب أعلن وزير الطاقة القطري سعد الكعبي. كما أن “أغلب الغاز الطبيعي المسال مرتبط بعقود طويلة الأجل ووجهات واضحة للغاية. لذلك فإن تعويض هذا الكم بهذه السرعة شبه مستحيل”.
وشرح الكعبي أنه نظرا لأن معظم كميات الغاز القطرية محجوزة في عقود طويلة الأجل في الغالب لمشترين آسيويين، فإن ما يمكن تحويله للشحن إلى أوروبا يتراوح بين 10 في المئة و15 فقط.
صادرات الغاز الطبيعي المسال القطرية تراجعت خلال الأيام القليلة
وقالت مصادر لـ”رويترز” إن صادرات الغاز الطبيعي المسال القطرية تراجعت خلال الأيام القليلة الماضية مع تعطل اثنين من قطاراتها العملاقة، وهو عامل آخر قد يحد من إمكانية إمداد أوروبا بالكمية الفائضة.
وقالت اليابان في وقت سابق هذا الشهر إنها ستحول بعض شحنات الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا بعد طلبات من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
ومع ذلك، فإن الشحنات القليلة التي وصلت إلى أوروبا كانت مقررة بموجب مشروع مشترك بين “جيه.إي.آر.إيه” اليابانية و”إي.دي.إف” الفرنسية، ولم تكن هناك إمدادات إضافية.
كما ان اليابان تواجه حاليا موجة برد أدت إلى استنفاد مخزونات الغاز الطبيعي المسال، وتعاني من أجل سد النقص في المخزونات لتلبية الطلب، وبالتالي فهي بحاجة إلى المزيد من الإمدادات.
وقال روبرت سونجر، محلل شؤون الغاز الطبيعي المسال لدى “آي.سي.آي.إس” المختصة بمعلومات السلع، “لم نر أي شيء ملموس يحدث للإمداد حتى الآن. من الواضح أن هذا قد يتغير، لكن من الواضح أن قطر واليابان ستكونان محدودتين في قدرتهما على المساعدة (بإرسال) الشحنات الإضافية إذا لم تتمكن أوروبا الوصول إلى الغاز الروسي”.
العقوبات
ورد الغرب بفرض عقوبات على روسيا. إذ فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على 27 شخصية ومنظمة روسية، من ضمنها مصارف. كما أنه حد من وصول روسيا إلى أسواق المال الأوروبية وحظر التجارة بين الاتحاد الأوروبي والمنطقتين الخاضعتين لسيطرة الروس.
وشملت العقوبات 351 عضوا من مجلس الدوما الروسي، أي مجلس النواب في البرلمان الروسي.
فيما أعلنت بريطانيا فرض عقوبات على خمسة مصارف روسية وثلاثة من رجال الأعمال الروس الأثرياء.
وأوقف المستشار الألماني، أولاف شولز، الإذن بفتح خط أنابيب الغاز نورد ستريم 2 والذي يهدف إلى مضاعفة صادرات عملاق الطاقة الروسي “غازبروم” من الغاز، والتي تتدفق من روسيا مباشرة إلى ألمانيا. ورد الكرملين بالتعبير عن اسفه للقرار الألماني.
وأعلنت الولايات المتحدة فرض عقوبات على خمس من النخب الروسية الرئيسية وأضافت قيوداً على الصفقات الأميركية المتعلقة بالديون الوطنية لروسيا.
وتستهدف العقوبات الاميركية الإضرار بقدرة روسيا على تمويل جهودها العسكرية. إذ تستهدف مصرفين مملوكين للدولة تقول الولايات المتحدة إنهما عنصران أساسيان في قطاع الدفاع الروسي. إذ لم يعد بإمكانهما القيام بأعمال تجارية في الولايات المتحدة أو الوصول إلى النظام المالي الاميركي.