Share

الإمارات تتطلّع لأن تصبح مركزًا طبيًا رائدًا

من خلال ضخّ الاستثمارات في مجالات التكنولوجيا والبنية التحتية ورأس المال البشري
الإمارات تتطلّع لأن تصبح مركزًا طبيًا رائدًا
لانا زيلع، مؤسِّسة Goût de Vie – مؤسسة الرعاية الصحية التكاملية

سارعت دولة الإمارات العربية المتحدة في ترسيخ مكانتها كمركز طبي عالمي رائد، حيث تجذب المرضى والمتخصصين في المجال الطبي من جميع أنحاء العالم. حققت الدولة هذا المركز من خلال ضخّها لاستثمارات ضخمة في التكنولوجيا والبنية التحتية ورأس المال البشري، ممّا ارتقى بها إلى أعلى مستوى من الرعاية الطبية.

تعدّ البنية التحتية المتطورة لدولة الإمارات عاملاً رئيسيًا في تحقيقها منزلة طبية متميزة. قامت الدولة باستثمارات كبيرة على مستوى المستشفيات والعيادات ومراكز البحوث العصرية والمجهّزة بأحدث التقنيات مثل معدّات التصوير المتقدمة وأنظمة الجراحة الروبوتية والسجلات الصحية الرقمية.

تتيح هذه المرافق للمرضى من جميع أنحاء العالم الحصول على خدمات طبية عالية الجودة. وتشهد البنية التحتية للرعاية الصحية في دولة الإمارات نمواً مستمراً، حيث يتم بناء مستشفيات وعيادات جديدة في مجموعة متنوعة من المواقع.

كما ضخّت الإمارات استثمارات ضخمة في رأس المال البشري من أجل ترسيخ مكانتها كوجهة طبية رائدة. وتحفل البلاد بأعداد كبيرة من المتخصصين في الرعاية الصحية ذوي المهارات العالية، مثل الأطباء والممرضين والعمالة الماهرة على اختلاف أنواعها.

إلى ذلك، تنشط البلاد في اجتذاب نخبة المتخصّصين في المجال الطبي من جميع أنحاء العالم للعمل لصالح مستشفياتها وعياداتها الطبية. أدت هذه الاستراتيجية إلى توسيع خدمات الرعاية الصحية وكذلك تحسين جودة الرعاية المقدّمة للمرضى.

وساعدت أيضاً استثمارات البلاد في مجال التقنية على أن تصبح مركزًا طبيًا رائدًا. في الواقع، تبنت الإمارات تقنيات طبية متقدمة تشمل التطبيب عن بعد، والسجلات الصحية الرقمية (الإلكترونية)، والروبوتات. يسمح التطبيب عن بعد للمرضى بتلقي الاستشارة والتشخيص عن بعد، وهو أمر فعّال بشكل خاص لأولئك الذين يعيشون في المناطق النائية أو الذين يعانون من مشاكل في الحركة. يتم استخدام التطبيب عن بعد في المستشفيات العامة والخاصة على السّواء، حيث أطلقت وزارة الصحة والوقاية الإماراتية في العام 2019 منصة للتطبيب عن بعد لتسهيل التواصل عن بُعد بين المرضى والأطباء.

إقرأ أيضاً: تعزيز الصحة والعافية في مكان العمل

أدى استخدام السجلات الصحية الإلكترونية (EHRs) إلى تحويل إدارة سجلات المرضى في مجال الرعاية الصحية. جعلت السجلات الصحية الإلكترونية من السهل على المتخصصين في الرعاية الصحية الوصول إلى بيانات المرضى ومشاركتها، مما أدى إلى زيادة كفاءة الرعاية الصحية وتقليل الأخطاء. وجرى بنجاح اعتماد السجلات الطبية الإلكترونية في كل من المستشفيات العامة والخاصة في الإمارات.

ويعدّ استخدام الروبوتات في المجال الطبي من الإنجازات التقنية المهمة الأخرى في دولة الإمارات، بحيث يتم استخدامها في الجراحة ورعاية المرضى والمهام الإدارية. وعلى سبيل المثال، تستخدم مدينة الشيخ خليفة الطبية في أبو ظبي الروبوتات للمساعدة في إعادة تأهيل المرضى وإجراء فحوصات العلامات الحيوية، من بين أمور أخرى.

مجال آخر تستثمر فيه الإمارات بكثافة يتمثل بعلم الجينوم. أنشأت الدولة معهد الطب الجيني بمدينة الشيخ خليفة الطبية، والذي يهدف إلى تعزيز اكتشاف الاضطرابات الوراثية وإدارتها. يستخدم المعهد أحدث التقنيات، مثل تسلسل الجيل التالي، لاكتساب فهم أفضل للأمراض الوراثية وتطوير علاجات حديثة. ويتعاون المعهد مع المؤسسات البحثية الدولية الرائدة لتزويد المرضى بإمكانية الوصول إلى أحدث العلاجات والتجارب السريرية.

بمساعدة تقنيات الذكاء الاصطناعي والتعلّم الآلي، تخطو الإمارات خطوات كبيرة في مجال الرعاية الصحية. تم إنشاء مؤتمر الإمارات للذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي في مجال الرعاية الصحية لتعزيز استخدام الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي في المجال الطبي. يجمع هذا الحدث خبراء ومتخصصين في هذا المجال لتبادل الأفكار حول أحدث التطورات واكتشاف طرق جديدة لاستخدام الذكاء الاصطناعي والتعلّم الآلي لتعزيز الرعاية الصحية وتطويرها. يتم استخدام الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي حاليًا لتحسين الطريقة التي يتم من خلالها تشخيص الأمراض وعلاجها، بالإضافة إلى تطوير عقاقير وعلاجات جديدة. وتبرز الإمارات في طليعة الدول حول العالم التي تستخدم تقنية الذكاء الاصطناعي في مجال الرعاية الصحية.

وقاد الطموح الإماراتي في جعل الدولة مركز طبي رائد إلى إنشاء العديد من المجمّعات والمناطق التقنية، بما في ذلك مجمّع الشارقة للبحوث والتكنولوجيا والابتكار وحديقة دبي للعلوم. توفر هذه المناطق والمتنزهات مجموعة متنوعة من المرافق والموارد للشركات الطبية الناشئة ومراكز البحوث والشركات التقنية، من خلال تعزيز الابتكار والبيئة التعاونية، وتطوير التقنيات والحلول الطبية المتقدمة.

قدم مجمّع الشارقة للبحوث والتكنولوجيا والابتكار مساهمات كبيرة في علوم الحياة والصحة والعافية في دولة الإمارات كمركز رائد للابتكار والبحوث. كما نجح في إدخال تقنيات وحلول طبية رائدة إلى السوق الإماراتي بفضل المرافق المتقدمة والالتزام القوي بتعزيز التعاون على مستوى القطاع والأوساط الأكاديمية.

تلتزم حديقة دبي للعلوم بتطوير البحوث العلمية والابتكار عبر مختلف القطاعات، مع التركيز بشكل أكبر على مجال الرعاية الصحية. وتوفر المختبرات والمساحات المكتبية والمرافق الأخرى دعماً لتطوير الدراسات البحثية في المجال الطبي.

إن تطوير قطاع الرعاية الصحية في دولة الإمارات لا تدعمه حديقة دبي للعلوم ومجمّع الشارقة للبحوث والتكنولوجيا والابتكار فحسب، بل العديد من المؤسسات الأخرى.

فعلى سبيل المثال، تتولّى شركة أبوظبي للخدمات الصحية (صحة) الإدارة والإشراف على مستشفيات وعيادات حكومية في أبوظبي. في المقابل، أنشأت جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا مركزًا للأبحاث مخصصًا فقط لتطوير التقنيات الطبية.

من ناحية أخرى، تعمل مدينة دبي الطبية كمركز للتدريب والتعليم والبحث من قبل متخصصين في المجال الطبي. لقد خلقت هذه المؤسسات بيئة مواتية للنمو والابتكار في مجال الرعاية الصحية، مما يعزز مكانة الإمارات كوجهة رئيسية بارزة في المنطقة في مجال التقنية الطبية وخدمات الرعاية الصحية.

يعدّ مذهلاً التقدم الملحوظ الذي حققته دولة الإمارات في مجال الرعاية الصحية، لا سيما بالنظر إلى الدولة التي لا تزال في ريعان شبابها. ففي غضون عقود قليلة، برزت الإمارات كمركز طبي رائد في المنطقة، مما يشير إلى قيادتها الرشيدة وقدرتها على التكيف مع الأوضاع المتغيرة باستمرار.

وستبقى الرعاية الصحية على رأس أولويات الخطط المستقبلية الطموحة لدولة الإمارات في المرحلة القادمة.

ويبدو جلياً أن رحلة الإمارات لتصبح مركزًا طبيًا رائدًا تسير على قدم وساق، كما يبرز من خلال أهدافها اللافتة والتزامها الراسخ بإحراز التقدم في مجال الرعاية الصحية.

أنقر هنا للمزيد من الأخبار الصحية.