Share

هل من تداعيات للحرب الروسية – الأوكرانية على الاقتصادات الناشئة؟

الأوراق المالية في الأسواق الناشئة تستقطب حوالي 17.6 مليار دولار في فبراير
هل من تداعيات للحرب الروسية – الأوكرانية على الاقتصادات الناشئة؟
الاقتصادات الناشئة

هل من تداعيات للحرب الروسية – الأوكرانية على الاقتصادات الناشئة التي تمر أصلاً بعام صعب نتيجة ارتفاع معدلات التضخم والزيادة المرتقبة لأسعار الفائدة وتباطؤ النمو؟

سؤال كان في الايام الماضية محور تشريح عدد من المؤسسات المالية الدولية التي تدرس انعكاسات الحرب على الاقتصاد العالمي الذي سيـاثر من خلال ثلاث قنوات هي العقوبات المالية الصارمة المفروضة على روسيا، والارتفاع الكبير في أسعار السلع، واضطرابات الإمدادات.

قول معهد التمويل الدولي في هذا الإطار إن الأسواق الناشئة لديها روابط مباشرة ثانوية مع روسيا وأوكرانيا، لكن الصراع يشكل صدمة عالمية من شأنها أن تعقّد النظرة المستقبلية للأسواق الناشئة التي كانت بدأت تتعافى من تداعيات فيروس كورونا.

ويلفت المعهد أن عوامل الضعف الخارجي لا تومض باللون الأحمر في معظم الاسواق الناشئة. فعجوزات الحساب الجاري صغيرة بشكل غير اعتيادي بسبب الصادرات المرتفعة على خلفية ارتفاع أسعار السلع، وهي لا تزال أقل مما كانت عليه في الصدمات العالمية السابقة.

كما أن الارصدة الاحتياطية مرتفعة مقارنة بعقد سابق وكافية بالنسبة لإجمالي حاجات التمويل. إنما في حال استمر ارتفاع اسعار السلع، فان المستوردين كالهند سيشهدون عجوزات متزايدة في الحساب الجاري لكنها لا تزال أقل مما كانت عليه في الفترة التي سبقت العام 2013.

ارتفاع التضخم

 

منذ تسعينات القرن الماضي، عندما اجتاحت أزمات الديون من آسيا إلى روسيا إلى أميركا اللاتينية في موجات عدوى متتالية، قامت العديد من الحكومات ببناء وسادات للصدمات الخارجية، مثل فوائض الموازنات والحساب الجاري والاحتياطيات الكبيرة من النقد الأجنبي. لكن وباء كورونا استنزف تلك الموارد، وترك العديد من الاقتصادات مكشوفة.

واليوم، يتوقع أن يؤدي ارتفاع أسعار السلع الأساسية نتيجة الحرب الروسية – الأوكرانية إلى ارتفاع التضخم في جميع أنحاء العالم.

وتتوقع “كابيتال انتليجينس يونيت” أن يقفز التضخم العالمي فوق 6 في المئة هذا العام.

وبالنسبة للعالم الناشئ، تشير تقديرات إلى أن ارتفاع تضخم الغذاء والطاقة يمكن أن يضيف حوالي 0.5-1.0 في المئة إلى التضخم الرئيسي في الأسواق الناشئة. وهذا سيؤدي بدوره الى اتباع سياسة نقدية أكثر صرامة.

فالمصارف المركزية في الأسواق الناشئة تبدي استعدادها لرفع أسعار الفائدة لتجنب أي تكرار للتضخم الجامح الذي ابتليت به في الماضي، حتى لو كان هذا يعني وضع كابح إضافي للنمو. وهذا من شأنه أن يزيد من خطر الركود التضخمي، مع تباطؤ النمو المصحوب بارتفاع الأسعار.

السياسة النقدية الأميركية

 

لكن حالة عدم اليقين بشأن السياسة النقدية الأميركية ترخي بثقلها على الأسواق الناشئة. فهناك من يتوقع في أن يتسبب تشديد العقوبات المالية الناجمة عن الصراع الروسي – الأوكراني في إبطاء مجلس الاحتياطي الفدرالي وتيرة ارتفاع أسعار الفائدة. فيما آخرون يرون أنه إذا أدى ارتفاع أسعار الطاقة إلى إبقاء التضخم أعلى، فقد يحدث العكس.

ولهذه الحالة آثارها العميقة بالطبع على مستثمري الأسواق الناشئة. فمن المتوقع أن تؤدي الزيادات المتوقعة في أسعار الفائدة في البلدان المتقدمة إلى تعريض ديون الأسواق الناشئة لخطر التدفقات الخارجة، لتصبح أقل جاذبية للمستثمرين الأجانب، وتزيد من تكاليف الاقتراض للحكومات التي تراكمت لديها ديون مقومة بالدولار.

ويمكن أن يؤدي رفع أسعار الفائدة الأميركية إلى جعل الأسواق الناشئة عرضة لانخفاض التدفقات الأجنبية الوافدة، إذ قد يسعى مديرو الأصول الذين يتجنبون المخاطرة إلى البحث عن عوائد جيدة بمخاطرة أقل في الولايات المتحدة.

صحيح أن الأسواق الناشئة كانت تتهيأ أصلاً، وقبل الحرب الروسية – الأوكرانية، لسيناريوهات مستقبلية حول احتمال خروج الاستثمارات المالية الأجنبية تأثرا بالقرار المرتقب للاحتياطي الفدرالي رفع الفائدة. لكن الحرب جاءت لتعجل من خروج المستثمرين مع ارتفاع المخاطر في الدول الناشئة. وهو الذي أدى الى تراجع أسواق الأسهم في جميع انحاء الاقتصادات الناشئة.

الى ذلك، قال معهد التمويل الدولي إن الأوراق المالية في الأسواق الناشئة استقطبت حوالي 17.6 مليار دولار في فبراير/شباط 2022، ذهبت 10.1 مليارات دولار منها إلى تدفقات الأسهم، و7.5 مليارات دولار إلى تدفقات الديون.