Share

هل يعيق نمو التجارة الإلكترونية المجتمع ويضر بالبيئة؟

متى نضع حد للاستهلاك السهل؟
هل يعيق نمو التجارة الإلكترونية المجتمع ويضر بالبيئة؟
التجارة الإلكترونية

من المتوقع أن تصل سوق التجارة الإلكترونية في الإمارات العربية المتحدة إلى 8 مليارات دولار بحلول عام 2025، وفقًا لغرفة تجارة دبي.

فهل سيؤثر علينا هذا النمو في مستويات المعاملات والاستهلاك اجتماعيًا وبيئيًا؟

سعت “إيكونوميكس ميدل إيست” إلى الحصول على إجابات من Liquid Retail ، وهي شركة توفر خدمات end2end  عبر جميع تجارة التجزئة، بما في ذلك سلسلة التوريد بأكملها.

تلعب الشركة دورًا استشاريًا لأفكار التجارة والحملات وتنشيط التجارة الإلكترونية وإدارة التجارة الإلكترونية والتوزيع الإلكتروني، من بين أمور أخرى تقدمها للعملاء.

أجرت “إيكونوميكس ميدل إيست”المقابلة التالية مع ريتشارد نيكول، الرئيس التنفيذي للاستراتيجية والقدرة لدى شركة  ليكويد ريتيل ، حيث سألناه:

Man with wavy hair and a goatee gazing ahead against a bright background.
ريتشارد نيكول

1- هل تشمل الـ8 مليار دولار بحلول عام 2025 الميتافيرس في ذلك؟

 

أعتقد أن الحديث عن ذلك لا يزال سابقاً لأوانه إلى حد ما، لأن الواقع يشير إلى أن التجارة تتحول من قناة معاملات بحتة إلى قناة تجريبية.

لقد دخلنا عصر التحول الرقمي للتجارة، حيث تستمر التكنولوجيا بالازدهار وتحل محل العديد من العمليات والأساليب التقليدية. وعلى الرغم من أنها جعلت حياتنا أسهل من أي وقت مضى، إلا أنه لا يزال أمامنا طريق طويل لنقطعه للحاق بالأسواق الضخمة كالسوق الصيني، الذي يتخذ التجارة الإلكترونية كمنفذ لتمضية الوقت “للتسلية” عوضاً عن طريقة لتوفير الوقت!

بعد أن قامت شركة أمازون وغيرها من الشركات العالمية الكبيرة بتطوير منصات مبتكرة للتسوق، لم تعد التجارة الإلكترونية في المنطقة مكانًا للشراء فحسب، بل أصبحت مكاناً للتسوق. أعتقد أن توسع ظاهرة الميتافيرس سيغير الطريقة التي سنتسوق بها في المستقبل. لغاية الآن، نلاحظ أن الميتافيرس يتيح التسوق الافتراضي والتسوق الشخصي المخصص والتفاعل المباشر مع العملاء، وبما أن دور الميتافيرس في التجارة يتكشف كامتداد طبيعي لسلوكياتنا الجديدة في التسوق، فإن الرقمنة الشاملة ستظل في طليعة التجارة في دولة الإمارات العربية المتحدة.

وبينما نواصل دعم عملائنا المبتكرين في استكشاف الفرص التي ستوفرها تجربة التسوق الالكترونية سواء أكانت افتراضية أو شخصية أو ترفيهية، إلا أنها ليست من النقاط الأساسية لمعظم العمليات التجارية، ولا أرى أن هذا سيتغير بشكل كبير هنا في المنطقة على مدى السنوات القليلة المقبلة.

2- في مجال التجارة الإلكترونية، هل مسألة الاستدامة ترتبط بسلاسل التوريد؟

 

مما لا شك فيه ان بروز التجارة الإلكترونية العالمية وتطورها، قد طرح تحديات على كوكب الأرض. فالتأثيرات البيئية لمهرجانات التسوق عبر الإنترنت مثل الجمعة السوداء ويوم العزاب المقام في الـ 11 من شهر نوفمبر، تتسبب بانبعاثات كربونية كبيرة، وصفتها منظمة جرين بيس بأنها “كارثة على كوكب الأرض”.

إنه موضوع حساس، ومن السهل القاء اللوم على التجارة الالكترونية ووصفها بالشرير الأكبر في عالم يتزايد فيه استهلاك المنتجات يومياً. من المؤكد أن التوجه المتزايد للتسوق عبر الإنترنت يؤثر بشكل كبير على بيئتنا.  لقد أصبحت التجارة الإلكترونية الآن مسؤولة عن جزء كبير من الانبعاثات العالمية، وذلك بسبب التعبئة والتغليف والتخلص منها إلى شحن البضائع إلى جميع أنحاء العالم.

لكن الحقيقة ليست بهذه البساطة، لأن الأبحاث التي أجراها معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا تشير إلى أنه التسوق التقليدي لديه ضعف البصمة الكربونية مقارنة بالتسوق عبر الإنترنت. وتشير الدراسة الكاملة للآثار الكربونية أن التجارة الإلكترونية يمكن أن تكون أكثر استدامة من تجارة التجزئة التقليدية. لذلك فإن المشكلة لا تتعلق بالتسوق عبر الإنترنت بقدر ما تتعلق بسلوكيات التسوق الجديدة والتوقعات التي نشأت حول البيع بالتجزئة والتجارة.

إضافة إلى ذلك، لا يقتصر ارتفاع طلب المستهلكين على طلبات الإنترنت فقط. لقد كشفت دراسة حديثة أجرتها شركة ماكينزي أن تجارة الأزياء بالتجزئة وحدها كانت مسؤولة عما يقارب 4٪ من جميع انبعاثات الغازات الدفيئة العالمية وعلى الرغم من ذلك، يستمر البيع بالتجزئة ومتطلبات المستهلكين في النمو.

Woman using a tablet to make an online purchase while holding a credit card.

3- ما هو التأثير البيئي للتجارة الإلكترونية على سهولة وزيادة الاستهلاك؟ وهل أصبحنا نستهلك أكثر مما نحتاج؟

 

لقد سهّلت مهرجانات التسوق عبر الإنترنت مثل مهرجان الجمعة السوداء على أمازون الشراء والإرجاع دون التفكير مرتين. وفي ذات الوقت، أدت التقنيات الجديدة التي تعمل على تحسين نقل البضائع إلى جعل التسليم أسرع من أي وقت مضى، مما يعني أن المزيد من المستهلكين يستلمون مشترياتهم في نفس اليوم أو فوريا.

حل المشكلة قد يكون ببساطة من خلال المزيد من الوعي والقوانين. تخطو حكومة دولة الإمارات خطوات كبيرة لتعزيز الوعي بالاستهلاك والإنتاج  بمسؤولية لتحقيق الهدف رقم 12 من أهداف التنمية المستدامة ، ويشمل ذلك وزارة التغير المناخي والبيئة، التي نفذت العديد من حملات التوعية العامة لتشجيع أنماط الإنتاج والاستهلاك الأكثر استدامة في جميع أنحاء الدولة بما يتماشى مع الأجندة الخضراء لدولة الإمارات العربية المتحدة 2030.

بفضل جهود حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة، أعتقد أن المستهلكين في الإمارات يتم تشجيعهم بشكل متزايد على الاستهلاك بمسؤولية. مع إطار العمل الذي يركز على قطاعات تجارة الجملة والتجزئة والأغذية والملابس، يبقى أن نرى ما إذا كانت هناك حاجة إلى المزيد من التشريعات لإجبار المزيد من قطاعات التجزئة على اتباع القوانين.

4- ما هو حجم مشكلة المرتجعات من السلع أو الملابس أو الأدوات الالكترونية أو الأشياء الأخرى التي  قد لا ندرك مواصفاتها الحقيقية قبل تسلمها وتفحصها عن قرب؟

 

ليس هناك من شك في أن مسألة السلع المرتجعة تمثل مشكلة كبيرة في عمليات البيع بالتجزئة عبر الإنترنت. وجد بحث أجرته شركة CNNB Solutions أن المستهلكين يعيدون 15٪ إلى 40٪ مما يشترونه عبر الإنترنت، مقارنة بـ 5٪ إلى 10٪ للتسوق داخل المتجر في الإمارات العربية المتحدة، إضافةً لذلك، فإن شركات التجارة الإلكترونية تقوم بمعالجة بضائع مسترجعة بقيمة 1.5 مليار دولار سنوياً.

أفضل طريقة للتقليل من هذه الظاهرة تكون عبر منع حدوثها في المقام الأول. مع زيادة الاعتماد على التكنولوجيا، نرى ميزات جديدة تدمج التسوق التقليدي مع التسوق عبر الإنترنت.  وتعد التحسينات في المحتوى عبر الإنترنت وتفاصيل المنتج ودعم العملاء والتصور الدقيق للمنتج، جميعها عوامل مهمة تساهم في المساعدة على التقليل من ظاهرة المرتجعات.

نشهد اليوم نمواً ملحوظا لعملية التجربة الافتراضية للملابس وغيرها من المنتجات كالأحذية ومنتجات التجميل. بدأت الظاهرة في النمو في الأسواق الرئيسية، مثل التجربة الافتراضية لأحذية الرياضية على أمازون في الولايات المتحدة. أعتقد أنها مسألة وقت لتوفر هذه الميزة في الشرق الأوسط. في الواقع، لما تتوفر لدى المستهلك الثقة الكاملة في جودة ومزايا المنتج ومظهره وملائمته قبل شرائه يمكن أن يحدث ذلك فرقًا كبيراً، مما سيؤدي إلى زيادة عمليات الشراء ومرتجعات أقل.

5- ماذا عن التأثير الاجتماعي؟ هل جعلت منا التجارة الإلكترونية، وخاصة التجارة السريعة مع خدمة التوصيل الفوري في خلال 15 دقيقة، كسالى؟

 

لطالما كانت التجارة الإلكترونية في المنطقة تتمحور حول القيمة والملاءمة، ولا يزال ذلك صحيحاً إلى يومنا هذا، حيث يُعد طلب الطعام عبر الإنترنت وتسوق البقالة وما إلى ذلك الخيار المناسب، علماً بأن المدة القصيرة التي نحتاجها للتسوق الإلكتروني تعني اتاحة المزيد من الوقت للمتسوق للقيام بأشياء أكثر أهمية، مثل ممارسة الهوايات وقضاء الوقت مع الأحباء.

لقد بدل قطاع تجارة التجزئة جهودًا كبيرة لتسهيل تجربة المتسوق وجعلها سلسة قدر الإمكان، لأنه لن ينجذب المتسوقون إليها إذا لم يكن الأمر سهلاً.

 

6- هل نعيش حياتنا على الإنترنت؟

 

في حين أن هناك أمثلة عديدة لمجتمعات تعيش حياتها على الإنترنت، كالصين التي يقضي سكانها متوسط 28.5 ساعة في الأسبوع على الإنترنت، إلا أن ذلك لا يزال موضوعاً مثيراً للجدل. يجب أن ننتظر للتعرف على التأثير المستقبلي للتسوق الالكتروني في منطقة تشهد تطوراً ملحوظاً في بنيتها التحتية الاجتماعية والتسوق. وكما رأينا في أماكن العمل على مدار العامين الماضيين، أصبح من الممكن الآن القيام بمعظم الأشياء أمام شاشة الكمبيوتر أو الهاتف المحمول.

لذلك، فإن تطور الميتافيرس سيعني أنه سيمكننا أن نعيش المزيد من حياتنا في العالم الافتراضي، وسيكون التسوق بكل تأكيد جزءاً كبيراً من تلك الحياة.