أغلق التضخم في الولايات المتحدة العام 2022 على تراجع غير متوقع، حيث سجلت أسعار المستهلكين في ديسمبر/كانون الأول أكبر انخفاض شهري لها للمرة الأولى في أكثر من عامين ونصف، وهو ما يشير إلى احتمال انتهاء أسوأ ارتفاع للأسعار.
هذا التباطؤ يحصل للشهر السادس على التوالي بالتوازي مع نهج متشدد للاحتياطي الفدرالي بعدما كان التضخم سجل ارتفاعاً كبيراً وصل الى 9.1 في المئة في يونيو/حزيران، وهو الأعلى في 40 عاماً.
ومن شأن هذا التباطؤ أن يدفع باتّجاه إبطاء وتيرة رفع معدّلات الفائدة في الاجتماع المقبل لمجلس حكام الاحتياطي الفدرالي في نهاية يانير/كانون الثاني الحالي.
لكن البيانات الصادرة لا تزال أعلى بكثير من المستويات التي يرتاح إليها مسؤولو الاحتياطي الفدرالي. فنسبة التضخم المسجلة تبقى بعيدة عن هدف الاحتياطي الفدرالي المحدد عند 2 في المئة، وهو ما يطرح تساؤلات عن امكان رفع هذا المستوى.
وواجهت الأسر الأميركية العام الماضي مستويات تضخّم هي الأعلى منذ عقود، ما دفع بالاحتياطي الفدرالي إلى رفع معدّلات الفائدة بوتيرة غير مسبوقة منذ ثمانينات القرن الماضي، سعيا إلى تخفيف الأعباء عن أكبر اقتصاد في العالم.
وقالت وزارة العمل إن مؤشر أسعار المستهلكين انخفض 0.1 في المئة الشهر الماضي بعد ارتفاعه 0.1 في المئة في نوفمبر/تشرين الثاني. وهذا هو أول انخفاض يشهده المؤشر منذ مايو/أيار من عام 2020 عندما كان الاقتصاد يعاني من تداعيات الموجة الأولى من جائحة كوفيد-19.
أقرأ: التضخم في أميركا يرتفع بأقل من المتوقع في نوفمبر
وعلى أساس سنوي، ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين في ديسمبر/ كانون الأول 6.5 في المئة، وهو أقل صعود له منذ أكتوبر/ تشرين الأول من عام 2021. وكان نوفمبر/ تشرين الثاني شهد ارتفاعا بواقع 7.1 في المئة.
وجاء في بيان وزارة العمل أن “مؤشر البنزين كان العامل الأكبر الذي ساهم في انخفاض أسعار السلع هذا الشهر”، وذلك بسبب تراجع الطلب العالمي وانخفاض أسعار النفط.
لكنّ أسعار البنزين تشهد تقلّباً، ما يعني بحسب محللين، أنّ “الاحتياطي الفدرالي لا يمكنه الاعتماد على هذا الأمر باعتباره مصدرا ثابتا لخفض التضخم”.
وأشارت وزارة العمل إلى أن الإيجارات المرتفعة لا تزال تشكل عاملا يزيد تكاليف المستهلك.
وعند استثناء قطاعي الأغذية والطاقة، تكون نواة مؤشر الأسعار الاستهلاكية ارتفعت 0.3 في المئة مقارنة بالشهر السابق، تماشياً مع التوقعات.
ويعكس هذا الأمر ارتفاعاً طفيفاً مقارنة بنسبة 0.2 في المئة المسجلة في نوفبمر/تشرين الثاني، ما يعني أن معركة خفض الأسعار لم تنته بعد.
بايدن: نسير في الاتجاه الصحيح
وعلّق الرئيس الأميركي جو بايدن على هذه البيانات قائلاً “من الواضح أنّنا نسير في الاتجاه الصحيح”، مشدّداً في الوقت نفسه على أنّ كبح التضخّم يحتاج إلى بذل مزيد من الجهود.
وأكّد بايدن أنّ تراجع التضخم يمنح “العمال والأسر الأميركية متنفّسا أكبر”.
وكان حذّر رئيس مجلس الاحتياطي الفدرالي جيروم باول حذر الثلاثاء من أن “استعادة استقرار الأسعار عندما يكون التضخم مرتفعاً قد يتطلّب إجراءات غير مستحبّة على المدى القصير فيما نرفع أسعار الفائدة لإبطاء الاقتصاد”. وفي بيان منفصل هذا الأسبوع، قالت عضو مجلس حكام الاحتياطي الفدرالي ميشيل بومان إنّه على الرغم من تراجع المؤشرات “ما زال يتعين علينا بذل مزيد من الجهود”.
معدل البطالة في أدنى مستوى
وفي ما يتعلق بسوق العمل، عاد معدل البطالة إلى أدنى مستوى له منذ خمسة عقود عند 3.5 في المئة. وتوفرت 1.7 وظيفة لكل عاطل عن العمل في نوفمبر/ تشرين الثاني.
وأظهر تقرير منفصل من وزارة العمل أن عدد المطالبات الأولية للحصول على إعانات البطالة الحكومية انخفض بمقدار ألف إلى 205 آلاف، بعد التعديل في ضوء العوامل الموسمية، للأسبوع المنتهي في السابع من يناير/ كانون الثاني.
وكان خبراء قد توقعوا أن يبلغ العدد 215 ألفا.
وذكرت الحكومة الأسبوع الماضي أن الاقتصاد نجح في توفير 223 ألف وظيفة في ديسمبر/ كانون الأول، أي أكثر من مثلي العدد مئة ألف الذي يقول خبراء إن مجلس الاحتياطي الفدرالي يستهدفه حتى يثق بأن التضخم بدأ يتباطأ. وجرى توفير 4.5 مليون وظيفة إجمالا في عام 2022، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.
ردة فعل الأسواق
كان رد فعل الأسواق باهتاً بعد الأخبار، حيث أغلقت الأسهم الأميركية على ارتفاع طفيف نسبته 0.3 في المئة ليغلق عند 3982.87 نقطة. بينما زاد المؤشر ناسداك المجمع 69.12 نقطة أو 0.65 في المئة إلى 11002.31 نقطة.
وقفزت أسعار الذهب بما يزيد على واحد في المئة متجاوزة مستوى 1900 دولار للأوقية (الأونصة) بعد البيانات.