لا توجد بيانات أكثر أهمية هذا الأسبوع – وربما هذا الشهر – من مؤشر أسعار المستهلك الاميركي لشهر سبتمبر/أيلول المتوقع صدوره يوم الخميس.
قبل هذا الموعد، سيخرج عدد من صانعي السياسة في مجلس الاحتياطي الفدرالي لتشريح الوضع الاقتصادي في ظل غياب قرار من المصرف المركزي الأميركي في شأن الفائدة لهذا الشهر. إذ تعقد اللجنة الفدرالية للأسواق المفتوحة اجتماعها في الاول من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
لكن، وبطبيعة الحال، قد تتبدل لهجة التعليقات التي سيدلي بها هؤلاء بدءاً من اليوم الاثنين (سيتحدث كل من رئيس الاحتياطي الفدرالي في شيكاغو ونائب رئيس مجلس الاحتياطي الفدرالي) بشكل كبير اعتماداً على تقرير التضخم لشهر سبتمبر/أيلول.
لا يزال معدل التضخم في الولايات المتحدة بالقرب من أعلى مستوى له منذ 40 عاماً.
و من المتوقع أن يُظهر إصدار سبتمبر/أيلول أن التضخم سينخفض على الأرجح الى حوالي 8 في المئة على أساس سنوي. إذ تشير التقديرات إلى انه سيتدنى إلى 8.1 في المئة على أساس سنوي، من 8.3 في المئة في أغسطس/آب.
مع ذلك، يتوقع المحللون أن يرتفع التضخم الأساسي إلى 6.5 في المئة على أساس سنوي في سبتمبر/أيلول، من 6.3 في المئة في أغسطس/آب.
مصرف الاحتياطي الفدرالي في كليفلاند يتوقع من جهته أن يسجل معدل التضخم ما نسبته 8.2 في المئة على أساس سنوي في سبتمر/أيلول، وأن يرتفع معدل التضخم الأساسي الى 6.64 في المئة (0.5 في المئة على أساس شهري).
و ينظر مجلس الاحتياطي الفدرالي الى بيانات التضخم الأساسي في عملية اتخاذ قراره في شأن أسعار الفائدة.
ويرتبط التضخم الأساسي بالتضخم في جميع السلع والخدمات في الاقتصاد مطروحاً منه تقلب أسعار المواد الغذائية وأسعار الوقود، وهو الذي يقيس العوامل الدافعة للتضخم ومدى اتساعها.
لقد بدأت معدلات التضخم في الولايات المتحدة تشهد زيادة منذ العام 2021 عندما عزز التحفيز المالي والنقدي الهائل خلال الوباء الطلب الكلي في مواجهة اختناقات العرض العالمي. ثم تفاقمت أزمة التضخم العالمية بسبب الحرب في أوكرانيا، مما أدى إلى ارتفاع أسعار الطاقة للنفط والغاز الطبيعي، مما أدى إلى زيادة الأسعار.
و منذ الصيف الماضي، ازدادت الضغوط التضخمية في المكونات غير المتعلقة بالطاقة، مما يعني أن التضخم انتشر كالنار في الهشيم في جميع أنحاء سلة المستهلك.
و يتوقع كبير المستشارين الاقتصاديين لشركة “أليانز” محمد العريان في حيدث الى شبكة “سي بي إس” أن ينخفض التضخم الرئيسي إلى حوالي 8 في المئة، لكنه يرى أن التضخم الأساسي “لا يزال يرتفع”.
و يضيف العريان إن الزيادة في التضخم الأساسي تعني “لا يزال لدينا مشكلة تضخم”
حتى لو استمر التضخم الأساسي في الارتفاع، قال العريان إنه سينخفض في النهاية.
“لكن السؤال هو، هل يأتي مع تباطؤ في الاقتصاد أو ركود كبير؟”
لقد أعلنت منظمة “أوبك +” عن أكبر خفض للإمدادات منذ 2020 بواقع مليوني برميل يومياً لشهر نوفمبر/تشرين الثاني.
بحسب العريان، فإن هذا القرار “يضر بالولايات المتحدة”، لأنه يخاطر بالتسبب في زيادة التضخم مرة أخرى. لكنه قال إن الخفض لم يكن مفاجئا لأن التحالف يتطلع غلى حماية أسعار النفط في مواجهة تراجع الطلب.
و قال “هذا ما يفعلونه. لكنها بالتأكيد ليست أخبارًا جيدة للاقتصاد الأميركي”.
ختاماً، إذا استمرت بيانات التضخم المقبلة في الارتفاع كما لمسنا مؤخراً، فقد يؤدي ذلك إلى رد فعل من الاحتياطي الفدرالي. صحيح أنه من المتوقع أن يرتفع الاحتياطي الفدرالي الفائدة في اجتماعاته المقبلة في نوفمبر/تشرين الثاني وديسمبر/كانون الأول، ولكن ربما تكون الزيادات أكبر، أو أن تمتد حتى العام 2023. اي من السيناريوهين هو مصدر قلق بالتأكيد.