الحدث الرئيسي للمستثمرين هذا الأسبوع هو القرار النقدي المنتظر من لجنة تحديد سعر الفائدة في مجلس الاحتياطي الفدرالي أو اللجنة المفتوحة للأسواق المالية بعد ظهر الأربعاء. فمن المتوقع أن يرفع المسؤولون خلال اجتماعهم النطاق المستهدف لسعر الفائدة القياسي للمصرف المركزي بمقدار ربع نقطة مئوية.
وهي المرة الأولى منذ العام 2018 التي يخطو فيها الاحتياطي الفدرالي باتجاه رفع معدلات الفائدة بسبب ابتعاد التضخم عن المستهدف المقدر منذ أكثر من 10 سنوات بـ2 في المئة.
فالتضخم في الولايات المتحدة اليوم اقترب من الـ8 في المئة ما يجعله عند أعلى مستوى في 40 عاماً، والترجيحات بأن يصل إلى ذروته بالقرب جداً من نسبة الـ10 في المئة أو أعلى.
كل هذه المعطيات تجعل الخيارات أمام المصرف المركزي الأميركي شحيحة جداً على رغم تطورات الحرب الروسية – الأوكرانية وتداعياتها الاقتصادية عالمياً. وبالتالي، لم يعد قادراً على الإنتظار أكثر من ذلك لفتح الباب أمام زيادات في أسعار الفائدة الصفرية والتي يتوقع أن تكن متكررة جداً هذا العام.
وهو ما أشار إليه بوضوح رئيس الاحتياطي الفدرالي جيروم باول حين حذر من أن الحرب قد تزيد من التضخم وتتسبب في تقليص الأسر للإنفاق، لكنه أشار إلى أن الصراع لم تبدل تفكير المصرف المركزي بشأن أسعار الفائدة.
ودخل على عناصر تركيب مؤشر التضخم “عامل بوتين” كما وصفه المستشار الاقتصادي لمجموعة “أليانز” ربطاً بالاضطرابات التي بثتها حرب روسيا في أسعار السلع وسلاسل التوريد والشحنات.
قبل الحرب الروسية – الاوكرانية، كان المستثمرون يتوقعون أن يقدم الاحتياطي الفدرالي على رفع لأسعار الفائدة بنطاق نصف نقطة مئوية، لكن ما يحصل فرمل هذه التوقعات ولم يلغِها. إذ ينتظرون زيادة بواقع ربع نقطة مئوية.
كما يعتزم الاحتياطي الفدرالي تقليص ميزانيته العمومية التي تصل إلى نحو 9 تريليونات دولار في وقت لاحق من العام الحالي، عقب وقف برنامج شراء السندات خلال الشهر الحالي والذي كان يرمي إلى توفير الدعم للاقتصاد خلال فترة تفشي وباء كورونا.
“غولدمان ساكس” يتخوف من ركود تضخمي
وقد تخوف مصرف الاستثمار “غولدمان ساكس” في تقرير له منذ أيام، من حصول ركود تضخمي في الولايات المتحدة. وتوقع أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي للبلاد بمعدل 2.9 في المئة هذا العام، وليس 3.1 في المئة كما كان متوقعاً سابقاً، الأمر الذي يرفع خطر الركود إلى ما بين 20 في المئة و35 في المئة.
وأشار إلى أن “الخطر الأكبر” على الاقتصاد الأميركي الناجم عن حرب روسيا على أوكرانيا، لا يزال ارتفاع أسعار السلع، وتوقع أن تدفع الأسعار على المدى القريب الدخل المتاح إلى الانخفاض بمتوسط 0.7 في المئة.
ورأى “غولدمان ساكس” أن هذا الانخفاض في الدخل من المرجح أن يجبر الأسر، والأسر ذات الدخل المنخفض خصوصا، على إنفاق حصة أكبر من الدخل على الغذاء والغاز، مما يثقل كاهل الإنفاق الاستهلاكي الإجمالي.
مصارف مركزية على مستوى العالم
ذكرت وكالة “بلومبرغ” أن المصارف المركزية على مستوى العالم تطرح خلال الأسبوع الجاري أكبر عملية تقدير جماعي لوضع الاقتصاد العالمي حيث ستتراوح القرارات الصادرة بين التشدد والتساهل في السياسة النقدية. ومن المقرر أن يعقد مسؤولو السياسات النقدية في 8 دول أعضاء من مجموعة العشرين اجتماعاً، حيث من المرجح أن تخطف الأضواء الزيادة الوشيكة في سعر الفائدة لمصرف الاحتياطي الفدرالي الاميركي.
يأتي ذلك بعد قرار مفاجئ للمصرف المركزي الأوروبي الأسبوع الماضي لتسريع عملية الخفض في برامج التحفيز المالي.
في التفاصيل، سيكون أول اجتماع لمصرف الشعب الصيني يوم الثلاثاء. ويتابع المحللون باهتمام ما إذا كان سيجري تقليص سعر الفائدة الاساسي للمرة الثانية خلال السنة الجارية.
في البرازيل، تشير التوقعات إلى أن المصرف المركزي سيزيد عقب قرار الاحتياطي الفدرالي سعر الفائدة للمرة التاسعة على التوالي، ليصل إلى 11.75 في المئة. علماً أن سعر الفائدة كان 2 في المئة قبل سنة.
في أندونيسيا، يتجه التركيز الخميس صوب مصرف إندونيسيا المركزي الذي من المتوقع أن يبقي على أسعار الفائدة من دون تغيير.
في تركيا، من المحتمل أن يبقي المصرف المركزي على سعر الفائدة عند 14 في المئة.
في انكلترا، يبدو أن مصرف إنكلترا المركزي سيعيد سعر الفائدة إلى مستوى ما قبل تفشي وباء كوفيد، وهو أول مصرف مركزي كبير سيقدم على هذه الخطوة المهمة.
وفي البابان، تشير التوقعات إلى أن مصرف اليابان المركزي سيُبقي على كافة الأوضاع من دون تعديل يوم الجمعة، وأنه سيلتزم بالظروف التي تفيد بأن نمو الأسعار المحلية ما يزال ضعيفاً للغاية.
وفي روسيا، يختتم الأسبوع بأول اجتماع دوري خاص بسعر الفائدة لمصرف روسيا المركزي، منذ غزو أوكرانيا الذي أسفر عن توقيع عقوبات صارمة ومصادرة جزء ضخم من احتياطيات المصرف من النقد الأجنبي التي تفوق 640 مليار دولار.
بحسب “بلومبرغ”، فإن هناك مبرراً بالنسبة للمسؤولين للحفاظ على الأوضاع النقدية من دون تعديل والبقاء في حالة مراقبة للتطورات، عقب مضاعفة سعر الفائدة فعلياً إلى 20 في المئة في 28 فبراير/شباط الماضي.