نستفيق كل يوم على خبر مفاده امرأة ما في بلد ما قد حجزت لها مكاناً في موقع قيادي، إما في مراكز القرار السياسي أو الاقتصادي أو المالي، أم في مناصب عالية في شركات عالمية كبيرة.
وهذا ما تؤكد عليه البيانات التي تصدر تباعاً عن مشاركة المرأة في سوق العمل ولاسيما في مناصب قيادية.
فَشركة “ماكنزي” تشير في تقريرها السنوي عن مشاركة المرأة إنه منذ عام 2015، ارتفع عدد النساء في الجناح التنفيذي من 17 إلى 28 في المئة، كما تحسن تمثيل النساء في منصبي نائب الرئيس ونائب الرئيس الأعلى بشكل ملحوظ.
فيما أشار البنك الدولي إلى أن واحدة من كل ثلاث شركات على الصعيد العالمي تضم امرأة بين المالكين الرئيسيين.
قد يجد البعض أنه من المفاجئ معرفة أن ما يقرب من ثلث المالكين الرئيسيين لجميع الشركات هم من الإناث. وإلى حد ما، فإن ملكية المرأة للأعمال التجارية هذه تتقاطع مع مستوى دخل الدولة. ففي البلدان منخفضة الدخل، يتبين أن واحدة من كل 4 شركات لديها مالكات من النساء. في حين أن مشاركة النساء في ريادة الأعمال أعلى في البلدان المتوسطة والمرتفعة الدخل، حيث تتراوح بين 36 في المئة و37 في المئة على التوالي.
يقول المنتدى الاقتصادي العالمي من جهته إن نسبة النساء المعيّنات في مناصب قيادية ارتفعت بواقع 3.6 في المئة خلال ست سنوات، من 33.3 في المئة في 2016 إلى 36.9 في المئة في 2022 (آخر الارقام المتوافرة). وبلغت مشاركة النساء في المراتب العليا والقيادية أعلى درجة على الإطلاق لتسجل 42.7 في المئة في 2022.
ويلاحظ المرصد العالمي لريادة الأعمال أن البلدان ذات الدخل المنخفض تتمتع بأعلى نسبة مشاركة لرائدات الأعمال الشابات.
مشاركة رائدات الأعمال الشابات
ووفقاً لدراسة المرصد، تتراوح أعمار رائدات الأعمال الشابات بين 18 و34 عاماً. وفي البلدان ذات الدخل المنخفض، تشكل هذه الشريحة الأصغر سنا أغلبية تبلغ 56 في المئة من رائدات الأعمال. في حين بلغت هذه الشريحة في البلدان ذات الدخل المتوسط الأعلى حوالي 50 في المئة. وفي البلدان ذات الدخل المرتفع، كانت 43 في المئة فقط.
وتعمل نحو 50 في المئة من سيدات الأعمال في جميع أنحاء العالم في قطاع الجملة والتجزئة. ويمكن العثور على حوالي 20 في المئة من رائدات الأعمال في قطاع الصحة والحكومة والتعليم والخدمات الاجتماعية.
هذا وتحقق حوالي 60 في المئة من الشركات التي تقودها النساء، درجات أعلى في مجال الحوكمة البيئية والاجتماعية والحوكمة والتي تعتبر مقياساً لمدى نجاح الشركة في معالجة المخاطر في عملها وعملياتها اليومية، وفق بنك الاستثمار الأوروبي.
المرأة والذكاء الاصطناعي
لا يمكن إنكار أن صناعة التكنولوجيا مجال يهيمن عليه الذكور، حيث تواجه النساء مجموعة من التحديات.
وتمثل النساء أقل من 25 في المئة من المتخصصين في الذكاء الاصطناعي، و14 في المئة فقط من القوى العاملة في مجال الحوسبة السحابية، و20 في المئة من المهندسين. وتبلغ نسبة النساء في طاقم أبحاث الذكاء الاصطناعي في فيسبوك 15 في المئة فقط، بينما تبلغ هذه النسبة في غوغل 10 في المئة فقط، وفق الأرقام الصادرة عن المنتدى الاقتصادي العالمي.
ووفقاً لليونسكو، فإن 30 في المئة فقط من الباحثين الأكاديميين هم من النساء. وينخفض العدد إلى 11 في المئة عندما ننظر إلى المناصب العليا.
يضاف الى ذلك أن المرأة تعاني من عدم مساواة في الأجر. فمثلاً، وفقًا لدراسة أجراها موقع “هايرد” الأميركي، وهو سوق للمواهب التقنية، تحصل النساء العاملات في مجال التكنولوجيا على أجر أقل بنسبة 3 في المئة من الرجال في المتوسط. بالإضافة إلى ذلك، تحصل النساء اللاتي يتقدمن لوظائف في مجال التكنولوجيا على رواتب أقل من الرجال بنسبة 63 في المئة من الوقت.
ولا شك أن دور الحكومات كبير في تعزيز وتشجيع المرأة على الازدهار في الوظائف المرتبطة بالتكنولوجيا. وهو ما يمكن تلمسه في الدول العربية التي تنشط حكوماتها في سبيل تعبيد الطريق للمرأة لتكون عنصراً فاعلاً في هذا العالم الجديد.
اقرأ أيضاً: النساء في الطليعة.. ثمرة مساعي السعودية لتحقيق المساواة بين الجنسين
في العالم العربي
لا شك أن هناك وعياً متنامياً في العالم العربي حول أهمية تمكين المرأة الاقتصادي لتلعب دوراً في تنمية وتعزيز النمو الاقتصادي.
والنموذج الذي يمكن التحدث عنه في هذا الإطار هو الارتفاع الملحوظ في نسبة عمل المرأة السعودية في سوق العمل، حيث بلغ 35.3 في المئة في 2023 مقارنة مع 17 في المئة في عام 2017 وفق البنك الدولي، بالإضافة إلى تمكينها في المناصب القيادية ومجالات متعددة وجديدة مثل قطاع السياحة والترفيه.
وهذا يعني ان السعودية تخطت المستهدف لها في تمكين المرأة وفق “رؤية 2030” (30 في المئة)، والتي تستهدف فتح آفاق جديدة للعمل وتقليص معدلات البطالة بين السعوديين وزيادة الفرص الوظيفية للنساء وتعزيز بيئة العمل في القطاع الخاص لجذب شرائح أكبر من الباحثين عن العمل من الجنسين.
وفي المقابل، تشير بيانات البنك الدولي إلى أن مشاركة المرأة في سوق العمل في الأردن لا تزال من بين أدنى المعدلات في العالم بنسبة 15 في المئة، مقارنة بنسبة 65 في المئة بين الرجال، كما أنّ ربع النساء في القوى العاملة عاطلات عن العمل، مقارنة بالرجال (16 في المئة).
ووفق تقييم البنك الدولي، تتخلف النساء في الأردن عن الرجال في المؤشرات الرئيسة المتعلقة بريادة الأعمال، مثل حصة الشركات التي تقودها النساء والحصول على الخدمات المالية وغير المالية.
تقول المديرة العام لصندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا “عندما تشارك المرأة بشكل كامل في الاقتصاد، تصبح المجتمعات أفضل حالا بكثير. إن زيادة الفرص الاقتصادية المتاحة للمرأة تعمل على خلق اقتصادات أقوى للجميع”.
انقر هنا للاطلاع على المزيد من المواضيع الاقتصادية.