Share

صناعة الهيدروجين في السعودية تستهدف الريادة العالميّة

تخطط السعودية لتصبح أكبر منتج للهيدروجين عالميًا بإنتاج 4 ملايين طن سنويًا في عام 2035
صناعة الهيدروجين في السعودية تستهدف الريادة العالميّة
تقدر تكلفة إنتاج الهيدروجين الأزرق والأخضر بمبلغ 1.34 و2.16 دولارًا للكيلوجرام الواحد

دخل العالم حقبة الهيدروجين بأنواعه، كبديل عن مصادر الطاقة التقليديّة. وبدأ السباق العالمي بين الدول لانتاج  الهيدروجين واستخدامه في أمن الطاقة لديها، تماشيًا مع أهداف اتفاقية باريس للمناخ، والحدّ من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري. ويُعدّ الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أكثر المناطق أهمية وملاءمة لإنتاج الهيدروجين. إذ تتمتع بأشعة الشمس الوفيرة والمساحات الشاسعة لهبوب الرياح. وتتميز بقربها من الأسواق الرئيسة في آسيا وأوروبا. وحققت صناعة الهيدروجين في السعودية وسلطنة عمان أعلى مستوى من التطور في هذا الصدد في الشرق الأوسط.

السعوديّة تخطط لتصبح أكبر منتج للهيدروجين في عام 2035

وتماشيًا مع وثيقة رؤية 2030 وتقليل الاعتماد على الدخل من صادرات النفط بالعملة الأجنبية، تولي المملكة العربية السعودية اهتمامًا خاصًا للطاقات المتجددة والهيدروجين. وتخطط السعودية لتصبح أكبر منتج للهيدروجين عالميًا بإنتاج سنوي يبلغ 2.9 مليون طن. وستصل هذه الكمية إلى 4 ملايين طن سنويًا في عام 2035.

وإذا ما قارنّا هذه الأرقام مع خطة الصين لإنتاج 100 ألف إلى 200 ألف طن من الهيدروجين سنويًا، وخطة أوروبا لإنتاج مليون طن من الهيدروجين سنويًا، يمكننا أن نرى عمق الهدف الطموح للمملكة في صناعة الهيدروجين.

علاوة على ذلك، تعتزم الرياض أن تصبح المورد الرئيسي للهيدروجين على أساس الطاقات المتجددة في المدى الطويل. بسبب الإمكانات العالية للسعودية في قطاعَي الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، إذا زادت من قدرة توليد الكهرباء من الطاقات المتجددة.

اقرأ أيضا: توقعات إنتاج الهيدروجين في السعودية تقدم فرصًا هائلة للمملكة

استخدام الغاز الطبيعي لإنتاج الهيدروجين في السعودية

وكشفت دراسة جديدة إن إمكانات الطاقة المتجددة الهائلة واحتياطيات الغاز الطبيعي في السعودية ستدعم المملكة في إنتاج بعض أرخص أنواع الهيدروجين الأخضر والأزرق على مستوى العالم.

حيث تمتلك السعودية موارد ضخمة من الغاز الطبيعي. ففي عام 2020، احتلت السعودية المركز السادس عالميًا كمنتج للغاز الطبيعي بعد روسيا وإيران وقطر والولايات المتحدة، و تركمانستان.

وتشير الدراسة التي تمّ تنفيذها بتكليف من مركز الملك عبد الله للدراسات والبحوث البترولية (كابسارك)، أنه  بأسعار الغاز المحلي الحالية، وبالنظر إلى متوسط ​​سعر المزاد لمشاريع الطاقة المتجددة الممنوحة في عام 2020، تقدر تكلفة إنتاج الهيدروجين الأزرق والأخضر بمبلغ 1.34 و2.16 دولارًا للكيلوجرام الواحد.

وستتراوح تكلفة تسليم الهيدروجين من المنطقة السعودية إلى ميناء روتردام، عبر قناة السويس، بين 3.50 و4.50 دولارًا للكيلوجرام الواحد. وذلك يعتمد على ناقل الهيدروجين المستخدم.

ويهدف استثمار المملكة البالغ 110 مليارات دولار لاستغلال موارد الغاز الطبيعي، في البلاد، إلى توفير جزء من الكهرباء المستهلكة محليًا من خلال محطات كهرباء جديدة.

وستُستَعمَل موارد الغاز الطبيعي لإنتاج الهيدروجين. ويُقدّر أن حقل الجافورة يحتوي على 200 تريليون قدم مكعبة من الغاز. وتتوقع شركة أرامكو السعودية أن تبدأ الإنتاج هناك في عام 2024.

ويوجد لدى السعودية خطط لتصدير الهيدروجين الأخضر. والذي يُنتَج عادةً باستعمال الطاقة الشمسية وطاقة الرياح. نظرًا لانعدام انبعاثات الكربون في عملية إنتاجه.

استخدام الغاز الطبيعي لانتاج الهيدروجين في السعودية
استخدام الغاز الطبيعي لانتاج الهيدروجين في السعودية

توليد الهيدروجين في السعودية من مشاريع الطاقة البديلة

في المقابل، دشّنت المملكة، الصيف الماضي، أكبر محطة لطاقة الرياح في المنطقة. والتي تنتج أرخص طاقة رياح في العالم.

ودُشِّنَت هذه المحطة التي تبلغ قدرتها 400 ميغاواط باستثمار 500 مليون دولار فقط. وبالنظر إلى وجود 99 توربينًا، فإن المحطة قادرة على إمداد 70 ألف منزل بالكهرباء.

وتبلغ تكلفة إنتاج كل ميغاواط ساعة من الكهرباء من محطة دومة الجندل لطاقة الرياح، التي بُنِيَت بالتعاون مع تحالف بقيادة شركة كهرباء فرنسا (إي دي إف) للطاقة المتجددة وشركة مَصْدر الإماراتية، أقلّ من 20 دولارًا، وهو مستوى قياسي منخفض.

وتجدر الإشارة إلى أن الهيدروجين الأخضر، الذي يُنتَج من خلال التحليل الكهربائي، يُعدّ مَحَطّ اهتمام، وتُستَعمَل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح لتوفير التغذية اللازمة للتحليل الكهربائي.

الاستثمارات في قطاع الهيدروجين في السعودية

تعمل دول الخليج المصدّرة للنفط، بما في ذلك أرامكو وشركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك)، في مجال إنتاج الهيدروجين الأزرق لبيع أنواع جديدة من الطاقة. وتفكّر كلتا الشركتَين في استعمال علاقاتهما التجارية مع مستهلكي النفط الخام لبيع الهيدروجين.

في أكتوبر/تشرين الأول 2021، أعلنت شركة أرامكو السعودية، في ظل ابتعاد العالم عن الوقود الملوِّث، خططها للاستثمار في الهيدروجين الأزرق. وأكّدت أن تطوير سوق الهيدروجين العالمية سيستغرق حتى نهاية هذا العقد على الأقلّ.

وفي سبتمبر/أيلول 2021، أرسلت أرامكو (أكبر شركة نفط في العالم) أول شحنة من الأمونيا الزرقاء إلى اليابان. وكان الغرض من هذا المشروع الرائد إظهار إمكان تصدير الوقود المذكور.

وفي أكتوبر/تشرين الأوّل 2023، قالت شركة أرامكو السعودية، إنها تعمل على توقيع اتفاقية هندسية مع شركة توبسو الدنماركية الرائدة في تقنيات كفاءة الطاقة لبناء محطة تجريبية للهيدروجين منخفض الكربون في منطقة الشيبة بالمملكة. والمصنع سيستخدم الكهرباء المتجددة في التهذيب البخاري الكهربائي الخاص بالمواد الهيدروكربونية لإنتاج هيدروجين منخفض الكربون. وسيتم استخدامه في توليد الطاقة مع استخلاص وعزل ثاني أكسيد الكربون الناتج عن ذلك. وذكرت الشركة أن المشروع، الذي ستبلغ طاقته الإنتاجية ستة أطنان من الهيدروجين يوميا، سيمهد الطريق لمحطة تجريبية أكبر تتمتع بقدرة على استخلاص نحو 1,250 طنا سنويا من ثاني أكسيد الكربون.

الاستثمارات في قطاع الهيدروجين في السعودية
الاستثمارات في قطاع الهيدروجين في السعودية

أكبر مصنع في العالم للهيدروجين الأخضر

وكانت قد أعلنت شركة نيوم للهيدروجين الأخضر، (وهي عبارة عن شراكة لتنفيذ مشروع مشترك بين “أكوا باور” و”إير برودكتس” و”نيوم”)، عن نيّتها انتاج أكبر مصنع في العالم للهيدروجين الأخضر (الأمونيا الخضراء)، على نطاق واسع بحلول عام 2026.

وأبلغت الانتهاء بنجاح، من اتفاقيات التمويل لمنشأة إنتاج الهيدروجين الأخضر. وتبلغ القيمة الاستثمارية الإجمالية للمحطة، التي يتم بناؤها في أوكساغون، في منطقة نيوم بالمملكة، 8.4 مليار دولار.

قطارات هيدروجينية في السعودية

على مقلب آخر، أعلنت الخطوط الحديدية السعودية (سار)، عن اطلاقها أولى تجارب القطارات الهيدروجينية في السعوديّة، في أكتوبر/تشرين الأوّل الحالي. وذلك عقب توقيعها اتفاقية مع شركة ألستوم الفرنسية، بهدف إجراء التجارب التشغيلية والدراسات اللازمة للعمل على تجهيز هذا النوع من القطارات ليتلاءم مع بيئة المملكة وأجوائها. وذلك تمهيداً لدخولها الخدمة مستقبلاً.

في المحصّلة يبدو أن المملكة لم تدخل سباق التصنيع الهيدروجيني وحسب، بل احتلّت الخطوط الأماميّة فيه. فهل تتمكّن من تحقيق مستهدفاتها في هذا القطاع مع حلول عام 2035؟

أنقر هنا للمزيد من أخبار الاستدامة.