جاء أحدث تقرير صادر عن شركة “مايكروسوفت” حول الأرباح الفصلية للشركة أدنى بكثير من توقعات المحلّلين. وأدت التقارير التي أشارت إلى تسجيل عملاق التقنية أبطأ نمو في المبيعات منذ أكثر من نصف عقد، إلى انخفاض أسهم الشركة بأكثر من 3 في المئة، في حين هبطت أسهم أقرانها من كبار التكنولوجيا، ولا سيما مجموعة FAANG (التي تتألف من شركة “ميتا”، الشركة الأم لـ”فيسبوك” و”آبل” و”أمازون” و”نتفليكس” و”غوغل”، الشركة الأم لـ”ألفابيت”) بنسبة 4 في المئة.
نشرت كذلك العديد من هذه الشركات مؤخرًا أرقامًا لافتة في قطاع آخر: تسريح العمال. فهل هذه الأوقات العصيبة التي تمرّ بها عمالقة التقنية، مرحلة عابرة أم مدعاة للقلق؟
يقول مايكل آشلي شولمان، الشريك المؤسس وكبير المسؤولي الاستثماريين في شركة Running Point Capital Advisors، إنه لا يمكن تجاهل الأرقام نظرًا لأن “مايكروسوفت” تعتبر رائدة على المستويين الوطني والدولي في مجال الإنفاق على تكنولوجيا الشركات، والذي يعدّ بدوره مؤشراً رئيساً للنمو العالمي.
يعتقد شولمان أن “الانزلاق الصباحي لأسهم مايكروسوفت والهبوط المالي لمجموعة FAANG كان بمثابة رد فعل مفاجئ على الأرقام المصرّح عنها، والتي كانت ستكون ممتازة بالنسبة لمعظم الشركات، لكنها جاءت مخيبة للآمال إلى حدّ ما بالنسبة للمحللين التابعين لمايكروسوفت، الذين توقعوا تحقيق نمو وإيرادات أفضل وأكثر ارتفاعاً”.
ديناميّات السوق
يوضح شولمان أن أسعار الأسهم تستند إلى التوقعات المستقبلية، مشيراً إلى أنه في المتوسط ، تأمّل المحللون تحقيق عائدات تزيد عن 52 مليارات دولار في الربع المقبل، إلا أن الإدارة توقعت انخفاضًا طفيفًا في الإيرادات من 50.5 مليارات دولار إلى 51.5 مليارات دولار.
ويردف: “في حال جرى تسعير الأسهم لبلوغ قيمتها الكاملة، فيمكن اعتبار القصور أحد أبرز العثرات أمام تحقيق ذلك. في المقابل، هبطت بالفعل القيمة السوقية لمايكروسوفت بحوالي 30 في المئة عن أعلى مستوياتها في نوفمبر/تشرين الثاني 2021. وعليه، بالنسبة لشركة تبلغ قيمتها السوقية 1.8 تريليون دولار، تم بالفعل تضمين قدر كبير من التخلّي والعسر في الأسعار”.
يوافق بابار خان جافيد، مدير الشؤون العامة في Z2C Limited، وهي شركة سنغافورية لتنشيط الشركات الناشئة MarTech، مضيفًا أن أسعار الأسهم التابعة لـ Amazon و Meta و Google و Microsoft قد شهدت انخفضات خلال الأشهر الستة الماضية.
“عند مقارنة متوسط معدّل الأسعار بالنسبة لمضاعِف الأرباح على مدار خمس سنوات مقابل معدل الأسعار بالنسبة للمضاعِف الحالي للأرباح، بتبيّن أن Meta عانت ما هو أسوأ، حيث انخفض مضاعِف السعر بالنسبة إلى الأرباح إلى 50 في المئة من متوسط مضاعِف السعر بالنسبة إلى الأرباح لخمس سنوات”، بحسب جافيد.
علامة نهاية الأزمان
وفي محاولة لتفسير وتحليل الأجواء التي تخيّم على السوق، يشير جافيد إلى أن قوى السوق القائمة على اتجاهات الاقتصاد الكلي كما يظهر في الإصدار التجريبي للأسهم، يبدو أنها تقود تقلبات الأسعار في السوق اليوم أكثر مما كانت عليه في الماضي.
يعتقد جافيد أنه “في ظل عدم اليقين الجيوسياسي، فإن الخوف يؤثر على التقييمات بقدر ما يؤثر على التحليل المالي”، مضيفًا أن “التوقعات غير المنطقية تدفع الأسعار إلى الارتفاع أو الانخفاض بناءً على الخوف أو الرغبة في المخاطرة”.
وخلال تقييمه الأرباح، قال الرئيس التنفيذي لشركة Microsoft، ساتيا ناديلا، إن الشركة ستركز على تقنية الذكاء الاصطناعي، مشيدًا بها باعتبارها الموجة التي سترسم المرحلة القادمة في مجال الحوسبة. يتماشى هذا مع الاستثمارات الأخيرة بمليارات الدولارات التي تقوم مايكروسوفت بضخّها في OpenAI، الشركة الناشئة المسؤولة عن تطوير تقنية ChatGPT، والتي تمولها منذ العام 2019.
إقرأ المزيد: لأسباب وجيهة.. تقنية ChatGPT تنجح في لفت الأنظار
هذا يجعل شولمان يضاعف تأكيده أن الأرقام التي نشرتها Microsoft ليست مثيرة للقلق على الإطلاق. “بل على العكس تماماً؛ بمجرد أن نتجاوز أي ركود اقتصادي، فإن التوقعات طويلة الأجل تبدو مواتية لمضاعفة اعتماد التكنولوحيا والذكاء الاصطناعي التوليدي لتحسين الإنتاجية”، يشير شولمان.
التعرّض لضغوط
لكن جافيد لا يوافق على أيّ منها. في المقابل، يعتقد الأخير أن السوق قد أعربت بالإجماع عن إعجابها بالمبادرات الأخيرة التي قامت بها كبرى الشركات التقنية مثل “الميتافيرس” والسيارات بدون سائق أو المساعدين المعززين بالذكاء الاصطناعي، حيث فشلوا جميعًا في تحقيق عوائد على الاستثمار. وإثباتاً لكلامه، يشير جافيد إلى حقيقة أن معظم عمليات التسريح في الآونة الأخيرة حدثت في الأقسام التجارية المذكورة أعلاه.
يعتقد جافيد أن تراجع سوق الأسهم يجب أن يكون بمثابة جرس إنذار للشركات، التي يتوجّب عليها أن تدرك أنه من مصلحتها إبلاغ مستثمريها بإيجابيات وسلبيات الانخراط في مبادرات جديدة، وتحديد التوقعات المناسبة.
وغالباً، تنتهج الشركات أسلوب المغالاة بغية دعم أسعار أسهمها. عندما لا تؤتي هذه المبادرات ثمارها، فإنها تتعرض لضغوط من المستثمرين لتقليل التكاليف، مما يؤدي إلى تسريح اعتباطي للعمال يتعارض مع مزاعم الاستدامة”، يختم جافيد.