جاء الدمج … وذهب. إن الحدث الذي كانت انتظره عالم التشفير بفارغ الصبر قد دخل في غياهب التاريخ، لينضمّ إلى سلسلة العمليات التي فشلت في إخراج السوق من الركود الذي يعاني منه.
مع ذلك، إن وصف الحدث بالـ”فاشل” قد تنطوي على ظلم وإجحاف كبيرين، بحيث لا يختلف في الواقع عن الضجة المفرطة التي صاحبت إطلاق الحدث.
والواقع أن عملية الدمج نجحت في انتقال “إثريوم” من بروتوكول إثبات الحصة، وبالتالي إلغاء التعدين على الشبكة، وتقليل من مخاطره البيئية إلى حدّ كبير. في المقابل، لم تحدث أي تغييرات إيجابية كان قد توقعها خبراء عدّة، على صعيد الأسعار. بل أكثر من ذلك، فإن عملة “إثريوم” على نحو خاص وسوق التشفير عموماً، قد شهدا تدهوراً كبيراً جرّاء عملية الدمج.
في الفترة التي سبقت إتمام هذه العملية، أعرب ماتي، أحد المؤسسين في شركة الاستثمار الخاص، Zee Prime Capital ، عن شكوكه بشأن تأثير الحدث بشكل كبير على سعر العملة المشفرة.
كما حذّر الملياردير مارك كوبان، وهو أحد المستثمرين في “إيثريوم”، من هذه العملية، واصفاً إياها بـ”المناسَبة التي لا ترتقي إلى مرتبة الحدث”. وأكد كوبان أن قوة عملة “إثريوم” وقيمتها الحقيقية تكمن في قدراتها على صعيد العقود الذكية.
في الواقع، يعتقد قلّة أن “إثريوم” تتعدّى كونها عملة مشفرة، بحيث تكمن قوتها في كونها منصة باستطاعة المطوّرين استخدامها لإطلاق الرموز غير القابلة للاستبدال، بالإضافة إلى مجموعة كاملة من التطبيقات اللامركزية، التي تمثّل القوة الداعمة لاقتصاد التمويل اللامركزي.
ونطراً لهذا السبب بالذات، فإن أي شخص لا يقوم باتباع أساليب ملتوية للتداول، سيخبرك لماذا يراهن على عملة “إثريوم” على المدى الطويل. قد تكون عملية الدمج قد فشلت في إحداث أي تغيير فوري، لكنها دونما شك ساهمت بانتقال ناجح على صعيد الآلية، ممّا يصون العملة ويضمن الحفاظ عليها على المدى الطويل.
في هذا السياق، وضمن تقريرها الصادر في أوائل الشهر الماضي، لم تنمّق شركة FSInsight المتخصصة في الأبحاث المشفرة، كلماتها، عندما ذكرت أن الدمج يمكن أن يساعد العملة المشفرة على تجاوز “بيتكوين” من حيث القيمة السوقية على مدار الـ 12 شهرًا القادمة.
يعي جيّداً أي شخص لم يعمِه الضجيج الواهي، أن الدمج سينعكس سلبًا على سعر العملة المشفرة. وبحسب البيانات التي جمعتها OKLink، فَبعد فترة وجيزة من الدمج، بدأ عمال مناجم إثريوم” في التخلص من مَخزونهم، مما أدّى إلى انخفاض سعر العملة المشفرة.
لكن النظام البيئي الغني والمبني على أساس العقود الذكية، هو الذي سيؤدي إلى نموّ “إثريوم” على المدى الطويل. وعليه، فإن عملية الدمج لم تمنح “إثريوم” سوى المزيد من الأجنحة نظراً لارتفاع الإنتاجية وانخفاض تكاليف التداول، ممّا سَيساعدها على التوسع على المدى الطويل.
إلى ذلك، قال مؤسس “إثريوم”، “فيتاليك بوتيرين”، ضمن مكالمة فيديو مباشرة أمام العامّة، تمّ إجراؤها خصيصاً لتّتبع التقدم لعملية الدمج من قبل المطوّرين: “إنها الخطوة الأولى في رحلة إثريوم الكبيرة نحو التحول إلى نظام ناضج للغاية، ولكن لا تزال هناك خطوات من الواجب إتمامها”. وأضاف: “أرى أن الدمج لا يمثل سوى نقطة الفصل بين بداية إثريوم والمرحلة التي لطالما طمحنا لبلوغها”.