Share

189% معدل التضخم في لبنان ومصير قرض “الصندوق” مجهول

ارتفاع تكاليف المياه والكهرباء والغاز بأكثر من أربعة أضعاف
189% معدل التضخم في لبنان ومصير قرض “الصندوق” مجهول
أزمات لبنان

يدخل لبنان العام 2023 مثقلاً بالعديد من الملفات التي عجز عن إيجاد مخارج لها في العام 2022، في وقت تزداد حياة اللبنانيين صعوبة مع تفاقم معدلات التضخم وبلوغها مستويات لم يقترب منها منذ الحرب الأهلية.

فقد ارتفع معدل التضخم في لبنان بمعدل 189.4 في المئة في الأشهر الأحد عشر الأولى من هذا العام، مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، وفقاً للبيانات الصادرة عن إدارة الإحصاء المركزية.

وأظهر مؤشر أسعار المستهلك أن التضخم الجامح استمر للشهر التاسع والعشرين على التوالي، حيث ارتفع سنويًا إلى حوالي 142.4 في المئة في نوفمبر/تشرين الثاني مقارنة بالشهر نفسه من العام السابق. وارتفع المؤشر بنحو 3.74 في المئة عن أكتوبر/تشرين الأول 2022.

وكانت وكالة “فيتش سولييوشنز” توقعت أن يسجل لبنان ثاني أعلى معدل تضخم في العالم هذا العام بعد السودان.

ويعاني هذا البلد الصغير الذي يستضيف عدداً كبيراً من النازحين السوريين، أزمة اقتصادية مركبة وصفها البنك الدولي بأنها واحدة من أسوأ الأزمات في التاريخ الحديث، ولا يزال يتعين عليه تطبيق إصلاحات هيكلية ومالية ضرورية للحصول على قرض من صندوق النقد الدولي بقيمة 3 مليارات دولار.

ولكن هذه الإصلاحات تتوقف اليوم على تشكيل حكومة جديدة وانتخاب رئيس للبلاد مع ضرورة التوافق بين القوى السياسية على هذه الاصلاحات التي لطالما عُرفت عناوينها من دون اتفاق حولها.

فصندوق النقد الدولي كان حدّد سلسلة مطالب لإطلاق القرض، لكن السياسيين عرقلوا معظمها لا يزالون. فمشروع تقييد السحوبات من المصارف أو ما يعرف بالكابيتال كنترول لا يزال يناقش في اللجان المعنية في مجلس النواب منذ ثلاث سنوات حين اندلعت الازمة من دون أن يتوصل الافرقاء المعنيون الى تمريره، فيما تضيق المسارات أمام المودعين للحصول على أموالهم المحجوزة في المصارف بلا سند قانوني.

ومن أبرز الإصلاحات أيضاً، إعادة هيكلة القطاع المالي والمصرفي، وإصلاح قطاع الطاقة، ومكافحة الفساد والمساءلة.

وأعلن البنك الدولي في عدد خريف لعام 2022 من تقرير مرصد الاقتصاد اللبناني أن الوقت “حان لإعادة هيكلة القطاع المصرفي على نحو منصف”. وأضاف أنه مع زيادة الخسائر المالية عن 72 مليار دولار (بات الرقم اليوم أعلى)، أي ما يعادل أكثر من ثلاثة أضعاف إجمالي الناتج المحلي في عام 2021، فإن تعويم القطاع المالي بات أمراً غير قابل للتطبيق نظراً لعدم توفر الأموال العامة الكاقية لذلك.

كما أن لبنان يعاني من تعدد لأسعار للصرف أثقل عملته المحلية التي تدهورت بشكل دراماتيكي (145 في المئة خلال الأشهر العشرة الأولى من عام 2022) وأفقرت اللبنانيين في جهنم ارتفاع الأسعار. في حين استنزفت الاحتياطيات بالعملات الاجنبية لموجوجة لدى المصرف المركزي ولم يتبق منها الا حوالي 10 ملياارت دولار من 38 ملياراً قبل الأزمة.

ومن المقرر أن يعدل لبنان في فبراير/شباط 2023 سعر الصرف الرسمي للدولار، من خلال رفعه من 1500 ليرة الى 15 ألف ليرة لبنانية.

ومن المفترض أن يساعد تأمين دعم صندوق النقد الدولي على إطلاق 11 مليار دولار أخرى من المساعدات التي تم التعهد بها في مؤتمر باريس للمانحين في عام 2018، والذي يرتبط أيضاً بسلسلة من الإصلاحات.

وكان لبنان توصل في أبريل/نيسان 2022 إلى اتفاق مع صندوق النقد على مستوى الخبراء، إلا أن الصندوق أعلن في سبتمبر / أيلول أن التقدم في تنفيذ الإصلاحات يسير ببطء شديد.

بالأرقام

 

ويُعد لبنان من أكثر البلدان تضرُّراً من التضخم الذي طرأ مؤخراً على أسعار المواد الغذائية التي تتأثر بها بشكل خاص الأسر الفقيرة والمحتاجة، إذ تشكِّل نسبة كبيرة من نفقاتها في ظل التآكل الشديد لقوتها الشرائية.

ووفقًا لآخر قراءة لمؤشر أسعار المستهلك، ارتفعت أسعار السلع والخدمات المتنوعة في نوفمبر/تشرين الثاني بخمسة أضعاف، بينما ارتفعت تكلفة المياه والكهرباء والغاز وأنواع الوقود الأخرى بأكثر من أربعة أضعاف.

وزادت تكاليف الاتصالات أكثر من أربعة أضعاف بينما ارتفعت أسعار التعليم والنقل أكثر من ثلاثة أضعاف لكل منهما.

وزادت الأسعار في المطاعم والفنادق وأسعار المواد الغذائية والمشروبات غير الكحولية بأكثر من ثلاثة أضعاف.

يتوقع البنك الدولي أن ينكمش الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للبنان بنسبة 5.4 في المئة في عام 2022 ، بافتراض استمرار الشلل السياسي وعدم وجود أي إجراء لوضع استراتيجية للتعافي الاقتصادي.

وجاء الانكماش هذا العام بعد انكماش الاقتصاد بنحو 58 في المئة بين عامي 2019 و 2021 – وهو أكبر انكماش بين 193 دولة، حسبما قال البنك في تقرير له في يناير/كانون الثاني 2022.