تثير الرموز غير القابلة للاستبدال، أو ما يُعرف بالـ NFTs، غضباً عارماً مؤخراً. في منتصف شتاء التشفير السائد، يعدّ هذا التصريح بحد ذاته دليلاً دامغاً على التأثير الذي تمتلكه هذه الرموز على مجال العملات المشفرة.
وفي حين تستمرّ أسعار العملات المشفرة في السقوط الحرّ، جرى إتمام صفقة لبيع رموز تابعة لمنصة Bored Ape مقابل حوالي مليون دولار. كما أدى فوز المملكة العربية السعودية على الأرجنتين في كأس العالم إلى زيادة قيمة مجموعة الـ NFT الخاصة بالفريق.
هل يمكن أن تكون الرموز غير القابلة للاستبدال المنقذ العفوي للعملات المشفرة؟ هل تملك هذه الرموز ما يكفي من التأثير لإخراج السوق من الركود، أم أنهم لا يتعدّون كونهم أدوات جديدة ومبتكرة؟
حقيقة أم بدعة؟
يعتقد أليكس ماكّوري، الرئيس التنفيذي لشركة “سوليديتي” التي أطلقت مؤخراً مجموعة لا مركزية ومستقلة من رموز ApeCoin غير القابلة للاستبدال أنه: “تشكّل عملية البيع الأخيرة مؤشراً واضحاً بالطبع على الحفاظ على القيمة التي يحتفظ بها هذا النوع من الأصول”.
في مقابلة مع “إيكونومي ميدل إيست”، يقول ماكّوري إنه مع تآكل أسعار العملات المشفرة، قد تبرز توقعات بانهيار القيمة غير السائلة (ذات قيمة غير مضمونة) للرّموز غير القابلة للاستبدال. لكن عوضاً عن ذلك، شهدت سوق هذه الرموز بعضاً من أكبر الصفقات في الأشهر الأخيرة.
يؤكد ماكّوري: “مع الإصدار الأخير للرموز الخاصة بـ ApeCoin، لم نشهد سوى زيادة طفيفة في الاهتمام بالـ NFT ومبيعاتها، والتي أعتقد أنها ستؤدي بدورها إلى ارتفاع في الأسعار والقيمة السوقية عبر القطاع برمّته”.
يشاطر تري سميث، الرئيس التنفيذي لـ Mech، محرّك الألعاب القائم على تقنية الـ Web3، ماكّوري رأيه، بحيث يقول خلال حديث لصالح “ايكونومي ميدل إيست”: “من المحتمل أن تكون الرموز غير القابلة للاستبدال هي الأقرب لكونها قيمًا شاذة في سوق العملات المشفرة”. وهو يعتقد أن هذه الرموز تستخدم في الغالب لأغراض فنية أو في مجال الألعاب، وأنه في خضمّ السوق الهابطة، لن يستخدم معظم الناس صناديق السيولة أو منصات الإقراض والاقتراض، كما سيبتعدون عن الانخراط باستثمارات ضخمة. لكنهم في المقابل لن يتوقفوا عن الإنتاج الفني وممارسة الألعاب.
إقرأ المزيد: الرموز غير القابلة للاستبدال تُكسب المبدعين 2 مليار دولار من الإتاوات
يؤكد سميث: “بما معناه، إذا كان ثمة فرصة لبعض الأجزاء التي تنضوي تحت لواء قطاع التشفير للانفصال عن السوق، فإن ذلك سيكون حليف قطاع الألعاب ورموز الـ NFT”. في المقابل، يعتقد الرجل أنه لا يزال يُنظر إلى NFT على أنها حديثة العهد وبعيدة عن اعتبارها استثماراً رائجاً وآمناً، حتى من قبل العديد من عشاق التداول بالعملات المشفرة.
يشاطر ريتشارد غاردنر، الرئيس التنفيذي لشركة Modulus، سميث رأيه. من وجهة نظر غاردنر، هناك سوق مميز لمعظم رموز الـ NFT بما في ذلك تلك الموجودة في قطاعي الفن والرياضة، والتي تتكون بمعظمها من الأفراد أصحاب الثروات الضخمة حصراً.
بالنسبة للسوق السائدة، فإن رموز الـ NFT لا تمثل سوى أدوات استثمارية مستجدّة، بينما بالنسبة لمجموعة قليلة، فهي تعدّ استثمارات طويلة الأجل، لا تختلف عن الرهانات المضاربة على تماثيل Beanie Babies أو Hummel، يوضح غاردنر.
يؤكد الأخير: “بالإضافة إلى فكرة التجميع، هناك بالطبع استخدامات جادّة أخرى لهذه الرموز تنطبق على مختلف القطاعات”. “ومع ذلك، تفتقر هذه الرموز الارتباط إلى حدّ كبير بسوق التشفير يِمعناه الواسع، بخلاف أنها دلالة على أن التشفير لا يزال حياً ينبض”.
الجيل القادم من الرموز غير القابلة للاستبدال
في المقابل، يعتقد سكوت براون، المؤسس والرئيس التنفيذي لمنصة VRYNT لِتداول وشراء رموز الـ NFT، أنه سيكون من قصر النظر اعتبار رموز الـ NFT على أنها مجرد عناصر وأدوات جديدة نظراً لكونها تتسم بدقة أكبر من تلك التي توفّرها المقتنيات الرقمية البسيطة.
يخبر براون “إيكونومي ميدل إيست” أن منصته، VRYNT، تساعد في بناء نظام بيئي حول رموز الـ NFT من خلال إعادة توظيفها كمخزن فعّال مع وقابل لإعادة البرمجة لخلق اتصال على الدوام بين المستهلكين والعلامات التجارية.
“بمجرد تكريس ذلك، سيشرع المؤثّرون غير المتمرسين في مجال التشفير وَقواعدهم الجماهيرية في تبنّي هذه الآليات الحديثة، وستبدأ بيانات الاعتماد الرقمية الجديدة بدورها في عدم التأثر بنزوات فصول الشتاء المشفرة ببساطة بسبب التحول في جمهورهم”، يقول براون.
يروق هذا التحليل لـ”لارس سيير كريستنسن”، رئيس مجلس إدارة “كونكورديوم” ومؤسس “ساكسو بنك”. يقول كريستنسن لـ “إيكونومي ميدل إيست”: “أعتقد أن رموز الـ NFT تتمتع بمستقبل رائع، لا سيّما أنها تتجه إلى خلق المزيد من المحتويات المفيدة والمتميزة”.
وبحسب كريستنسن، على المدى الطويل، يجب تصنيف مشاريع الـ NFT الجيدة اعتماداً على قيمتها المضافة التي تقدمها للمشترين وهواة اقتناء المجموعات، كما بقدرتها على مساعدة العلامات التجارية على تنظيم عروض أفضل للمعجبين. في نهاية المطاف، كل ما يهم هو خلق وإنشاء قيمة حقيقية ودائمة لهواة اقتناء وتجميع رموز الـ NFT.
إلى ذلك، يعتقد كريستنسن أنه على المدى الطويل، لن ترتبط رموز الـ NFT حتى بالعملات المشفرة بالطريقة نفسها التي هي عليها اليوم، بحيث يقول: “إن حجم تداول رموز الـ NFT صغير نوعاً ما مقارنةً بالتداول على صعيد العملات المشفرة، لذا سيكون العكس هو الصحيح – قد تؤدي المشاعر الإيجابية في قطاع التشفير إلى إحداث زيادة في تداولات NFT، وليس العكس”.
يوافق كذلك على هذا الرأي دانييل سيرفادي، الرئيس التنفيذي والمؤسس المشارك لشركة Sellix. “أعتقد أنه مع مرور الوقت، ستظهر المزيد من الاستخدامات المناسبة لرموز الـ NFT،” يقول سيرفادي في حديث لـ”إيكونومي ميدل إيست”. “إذا ما تمّ استخدامها وتسويقها بالطريقة الصحيحة، فإن هذه الرموز ستنعكس بالإيجاب العملات المشفرة على نحو لا يدع مجالاً للشك. ومع ذلك، لن يكونوا منقذها”.