تتأرجح حكومة رئيسة الوزراء البريطانية ليز تراس على وشك الانهيار رغم بيان التحدي الذي أطلقته الأربعاء حين وصفت نفسها بأنها “محاربة” بعد مواجهتها معارضة كبيرة وغضب حزبها المحافظ بسبب خطتها الاقتصادية الفاشلة.
الزعيمة المحافظة التي تدهورت شعبيتها، أكدت أنها تريد البقاء في المنصب رغم تخليها عن برنامجها الاقتصادي الذي سبّب عاصفة في الأسواق المالية، ورغم تسارع التضخم الى 10.1 في المئة في أيلول/سبتمبر، وهو أعلى مستوى منذ 40 عاماً.
لكن يبدو أن موقفها صار أضعف مع رحيل وجه بارز آخر من حكومتها بعد أقل من أسبوع من اضطرارها لإقالة وزير المالية وصديقها المقرب كواسي كوارتنغ.
فقد أعلنت وزيرة الداخلية سويلا برافرمان استقالتها بعد انتهاك القواعد بإرسال وثيقة رسمية من حساب بريدها الإلكتروني الشخصي. واستخدمت خطاب استقالتها لتوجيه اللوم إلى تراس، قائلة إن لديها “مخاوف بشأن توجه هذه الحكومة”.
وفي خطاب إلى تراس نشرته برافرمان عبر موقع “تويتر”، قالت “الوزيرة المقالة” إنها أرسلت وثيقة رسمية من بريدها الشخصي، مشيرة إلى أنها أبلغت أعضاء البرلمان بمحتوى الوثيقة.
وسرعان ما أعلن داونينغ ستريت استبدالها بغرانت شابس (54 عاما) وزير النقل في عهد بوريس جونسون.
كما أفاد بعض المشرعين أن رئيسة حزب المحافظين ويندي مورتون، المسؤولة عن الانضباط الحزبي، ونائبها قد استقالتا. لكن مكتب تراس قال في وقت لاحق إن كلاهما ظلا في وظيفتهما.
مساءلة
وكانت تراس دافعت مساء الأربعاء في مجلس العموم عن نفسها في مواجهة سيل من الانتقادات ودعوات الاستقالة من المعارضة العمالية بعدما اضطرت للتراجع عن برنامجها الاقتصادي.
وقالت تراس بنبرة تحدي “أنا محاربة ولست شخصا ينسحب”.
وتساءل زعيم المعارضة العمالية كير ستارمر “ما فائدة رئيسة وزراء لا تصمد وعودها أسبوعاً؟ معدداً كل الاجراءات التي اضطرت تراس للتراجع عنها بضغط من الأسواق ومعسكرها.
وحض خمسة نواب من حزب تراس، رئيسة الحكومة على الرحيل. وبسبب عدم وجود شخصية تخلفها بشكل واضح، يبدو المحافظون مترددين في خوض عملية تعيين جديدة وطويلة ويسعون الى توافق على اسم. وبالتالي، فان المشكلة تدور حول من سيخلفها وليس ما إذا كان يجب أن تستقيل.
ورغم تحديها البرلمان، إلا أن تراس تواجه تحدياً آخر في إقناع الرأي العام وحزبها بأن يمكنها التصدي لأزمة تكاليف المعيشة مع ارتفاع أسعار الفائدة على الرهن العقاري وعودة التضخم إلى أعلى معدل في 40 عاما.
وتُظهر استطلاعات الرأي تراجع شعبية حزب المحافظين بنحو 30 نقطة عن حزب العمال المعارض، وأن شعبية تراس في وضع كارثي.
أسباب الأزمة
تعود الأزمة إلى تقديم “الموازنة المصغرة” في نهاية سبتمبر/أيلول من قبل وزير مالية تراس آنذاك كواسي كوارتينغ والتي تضمنت خفض ضرائب بشكل كبير ودعماً قوياً لفواتير الطاقة، الأمر الذي أثار مخاوف من تراجع الحسابات العامة.
وسجل الجنيه الاسترليني تراجعاً الى أدنى مستوياته وارتفعت معدلات الاقتراض الحكومي الطويل الأجل. واضطر مصرف انكلترا للتدخل لمنع الوضع من التدهور إلى أزمة مالية.
وفي محاولة لتهدئة العاصفة الاقتصادية والسياسية، اضطرت رئيسة الوزراء لتعيين وزير مالية جديد هو جيريمي هانت المكلف إصلاح برنامجها الاقتصادي وطمأنة الأسواق حيال خطة موازنة الحكومة.
وأعلن هانت العودة عن كل التخفيضات الضريبية التي وعدت بها رئيسة الوزراء.
إلى أين تتجه الأزمة ؟
بموجب قواعد حزب المحافظين، فإن تراس في أمان لمدة عام، ولكن يمكن تغيير القواعد إذا أراد عدد كافٍ من المشرعين ذلك. وهناك تكهنات محمومة حول عدد المشرعين الذين قدموا بالفعل رسائل تدعو إلى التصويت بحجب الثقة.
حتى الآن، لا يوجد متسابق أول. لدى ريشي سوناك، منافس تراس الذي هزمته في انتخابات رئاسة الحزب، وزعيمة مجلس العموم بيني موردونت ووزير الدفاع بن والاس، مؤيدون، وكذلك هانت، الذي يعتبره الكثيرون رئيس الوزراء الفعلي بالفعل.
حتى أن البعض يفضل عودة بوريس جونسون، الذي أطيح به في الصيف بعد أن تورط في فضائح الأخلاق.
وقال النائب المحافظ ذو الباع الطويل كريسبن بلانت للقناة البريطانية الرابعة: “اعتقد أن اللعبة انتهت، وأنه ينبغي الآن السؤال عن كيفية ادارة مرحلة خلافتها”.
فهل انتهت اللعبة فعلاً؟ الصورة ستتضح قريباً.