في وقت تترقب مصر الحصول على الموافقة النهائية من صندوق النقد الدولي لاتفاق الحصول على قرض بقيمة 3 مليارات دولار في الشهر الحالي، أظهرت بيانات مصرفها المركزي ارتفاعاً طفيفاً في صافي احتياطها النقدي الأجنبي إلى 33.5 مليار دولار في نوفمبر/ تشرين الثاني من33.41 مليار دولار في أكتوبر/ تشرين الأول.
وكشق صندوق النقد الدولي على موقعه الرسمي عن اجتماع لمجلسه التنفيذي في السادس عشر من ديسمبر/كانون الاول الحالي مخصص لمصر. وهو قرار اتخذه الثلاثاء بعد تأجيل أثار العديد من التساؤلات بشأن عدم إدراج مصر على قائمة أجندة اجتماعات الصندوق في الاجتماع الأول لشهر لديسمبر/كانون الأول.
ووقّعت مصر والصندوق اتفاقاً على مستوى الموظفين في 27 أكتوبر/تشرين الأول. وصرح الصندوق أن “الاتفاق يخضع لموافقة المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي، والذي من المتوقع أن يناقش طلب السلطات في ديسمبر/كانون الأول”.
وتأمل مصر الحصول على الدفعة الأولى من قرض صندوق النقد الدولي بنحو 750 مليون دولار، خلال الشهر الحالي. وهو ما يمثل 25 في المئة من إجمالي قيمة برنامج الدعم المالي الذي وافق عليه خبراء الصندوق مؤخراً.
إصلاحات وشروط
لكن السؤال اليوم هو ما اذا كان المجلس التنفيذي سيوافق على منح مصر قرضاً في وقت لم تصل بعد الاصلاحات التي قامت بها مصر الى المستوى الذي يريده الصندوق. فالأخير يطلب اتخاذ مزيد من الإجراءات قبل موافقته على تقديم القرض، فيما لم يتبق للحكومة سوى القليل من الخيارات.
وفي حال حصول مصر على القرض، هل ستكون قادرة على إنقاذ اقتصادها بطريقة سحرية وحل مشكلاتها المزمنة؟
ومن بين الخطوات الاصلاحية التي قامت بها مصر مثلاً في طريق الحصول على موافقة صندوق النقد على التمويل الجديد:
- تحرير أسعار الصرف للمرة الأولى خلال العام الجاري في 21 مارس/آذار الماضي.
- تحرير أسعار الصرف للمرة الثانية خلال العام الجاري في 26 أكتوبر/تشرين الاول الماضي.
- القضاء على تشوهات الفائدة عبر إلغاء 5 مبادرات تمويل ذات فائدة منخفضة ونقلها إلى جهات حكومية ووزارات.
لكن في المقابل، ما زال الصندوق يطالب مصر بمزيد من الإجراءات، بحيث انه ان يصرف القسط الأول إلا بشروط، منها:
- الوصول لسعر صرف مرن وحقيقي.
- حصول الاشخاص بسهولة على العملة الاجنبية.
- حل أزمة تكدس البضائع في الموانئ المصرية والبالغة قيمتها 6 مليارات دولار.
- إلغاء القيود على الإيداعات الدولارية واستخدامها في عمليات الاستيراد.
الفجوة التمويلية
كما انه من بين النقاط التي أخرت ابرام اتفاق نهائي بين مصر وصندوق النقد الدولي، الفجوة التمويلية الكبيرة لتغطية خدمة الدين والواردات الاستراتيجية.
ولدى مصر فجوة في التمويل الخارجي تبلغ 16 مليار دولار على مدى أربع سنوات تقريباً، وهي تعتقد أنها ستؤمن أموالًا كافية لتغطية احتياجاتها بالكامل وترى أن قرض صندوق النقد الدولي يمكن أن يفتح التمويل من الخارج.
وكان وزير المالية محمد معيط قال في مقابلة سابقة إن صفقة صندوق النقد الدولي البالغة قيمتها 3 مليارات دولار “ممولة بالكامل”، مما يعني أن متطلبات التمويل لمصر ستُلبى خلال مدة البرنامج البالغة 46 شهراً. وأوضح أن بعض المستثمرين اتصلوا بالوزارة لطرح خاص لسندات إسلامية، وهو خيار درسته الوزارة.
وقال معيط في منتجع شرم الشيخ المصري مكان انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي هذا العام “نتعامل مع الظروف الصعبة للسوق الدولية من خلال تنويع مصادر تمويلنا.. نرى إمكانات في أسواق السندات الصينية واليابانية والصكوك ونعمل على إصدار سندات مستدامة”.
يعكس العجز الذي يواجه الاقتصاد البالغ حجمه 400 مليار دولار عمق الأزمة التي لحقت بمصر نتيجة التداعيات الناجمة عن الحرب الروسية – الأوكرانية. و أثرت أسعار النفط والسلع المرتفعة بشدة على أحد أكبر مستوردي القمح في العالم، حيث سحب مستثمرو المحافظ الأجنبية حوالي 22 مليار دولار مما كان في السابق سوقًا مفضلة للديون.
وتكثف مصر جهودها لتوسيع إصدار السندات، وتأمل في تحسين الوصول إلى أسواق رأس المال في النصف الثاني من العام المقبل.
ويوم الاحد، قال نائب وزير المالية المصري، أحمد كوجك، إن مصر تسعى لطرح أول سندات باندا بحلول نهاية السنة المالية الحالية التي تنتهي في 30 يونيو/حزيران 2023. وأضاف أن البلاد تنتظر فقط اللحظة المناسبة.
يذكر أن برنامج الاتفاق مع صندوق النقد الدولي يتيح لمصر إمكانية الحصول على تمويل إضافي قدره مليار دولار عبر “صندوق المرونة والاستدامة” الذي تم إنشاؤه حديثاً من قِبل صندوق النقد الدولي، وعلى حزمة تمويلية خارجية إضافية تبلغ نحو 5 مليارات دولار من عدّة مؤسسات تمويل دولية وإقليمية بشروط ميسرة.