أجبرت شعبية ChatGPT العديد من عمالقة التقنية على الخوض في مشاريع الذكاء الاصطناعي الخاصة بهم وإنتاجها من أجل استثمار هذا الاتجاه والإفادة من إمكاناته.
نجحت تقنية ChatGPT بخطف الأنظار إليها، بحيث تمكنت من اجتذاب ملايين المستخدمين النشطين بوتيرة أكثر سرعة، مقارنةً بالمنتجات التقنية عبرالتاريخ. وتشير تقارير صحفية إلى امتلاك روبوت المحادثة ما يزيد عن 100 مليون مستخدم نشط على أساس شهري، كما أنه تفاعل في يناير/كانون الثاني مع ما معدّله 13 مليون زائر فريد يوميًا.
إقرأ المزيد: لأسباب وجيهة.. تقنية ChatGPT تنجح في لفت الأنظار
بينما يكاد ينتفي وجود شركات تقنية لم تضخّ بعد استثمارات في مجال الذكاء الاصطناعي، فإن نجاح ChatGPT قد سلّط الضوء على فرع معين من الذكاء الاصطناعي يسمى الذكاء الاصطناعي التوليدي، والذي يمكنه إنشاء محتوى جديد بناءً على تفاعلاته مع المستخدمين.
الجميع يرغب بالمشاركة
ليست “غوغل” دخيلة على عالم الذكاء الاصطناعي التوليدي. في الواقع، أثار أحد مهندسيها الجدل حينما زعم إن LaMDA، وهو أحد مشاريع الذكاء الاصطناعي التوليدية التابعة للشركة، قد تسبّب برفع الوعي الذاتي للمستخدمين.
بينما أشاد بعض الأشخاص بـ ChatGPT باعتباره تفوق على “غوغل”، لم يبدِ عملاق البحث أي قلق بهذا الشأن. في البداية كأدنى تقدير. ومع ذلك، فإن النجاح الذي حققه ChatGPT قد لوى ذراع “غوغل”.
إقرأ المزيد: وفر الوقت والجهد مع ChatGPT
أعلن مؤخراً سوندار بيتشاي، الرئيس التنفيذي لشركة Google، أن الشركة ستطلق قريبًا خدمة AI للمحادثة التجريبية تسمى Bard. إن ردّ Google على ChatGPT يستند إلى تقنية LaMDA. وبحسب “بيتشاي”، يمكن لـ Bard البحث في الويب لتقديم ردود جديدة وذات صلة لاستفسارات المستخدمين، مشيراً إلى أن التطبيق بات متاحاً اليوم لشريحة معينة من المستخدمين، على أن يتم إصداره على نطاق أوسع خلال الأسابيع المقبلة.
ناهيك عن ذلك، بدأت Microsoft – التي تمتلك بالفعل علاقة مالية وثيقة مع OpenAI، وهي الشركة التي تقف وراء انشاء ChatGPT، تشمل صفقة استثمارية حديثة بقيمة 10 مليارات دولار – بدمج الخدمات القائمة على الذكاء الاصطناعي في منتجاتها.
في أوائل فبراير/شباط الجاري، أعلنت Microsoft عن طرح إصدار متميز من برنامج Teams Groups الخاص بها، والذي يستخدم ChatGPT لتوليد وظائف ذكية خلال الاجتماعات، وذلك من خلال تضمينه مهام يشتمل بعضها على تلخيص ملاحظات الاجتماع، وإجراء ترجمات مباشرة من 40 لغة منطوقة، وغيرها.
وإذا صدقت الشائعات، فسيتم قريباً أيضاً تضمين Word و PowerPoint و Outlook لوظائف الذكاء الاصطناعي التوليدية.
إقرأ المزيد: الرقمنة والـ AI يهيمنان على الاتجاهات الاستثمارية خلال الثلاثين عامًا القادمة
إلا أن ذلك ليس كل شيء، بحيث أعلنت الشركة مؤخراً عن قيامها بدمج ChatGPT في محرك بحث Bing الخاص بها. وبخلاف Bard من Google، يتوفر Bing المدعوم من ChaptGPT لجميع المستخدمين. في الوقت الحالي، لا يتلقى Bing سوى عددًا محدودًا من الاستفسارات، لكن الشركة تعِد بإطلاق العنان لاستخدامات غير محدودة في المستقبل القريب.
على الهامش
لم تظهر Meta، الشركة الأم لشركة Facebook، بطاقاتها الكاملة بعد، ولكن يتردد أن عبارتَي “الذكاء الاصطناعي” و”الذكاء الاصطناعي التوليدي” قد تفوقت بأشواط على كلمة “ميتافيرس” لناحية التداول بها خلال تقريرها الأخير حول بياناتها المالية.
وفي حين أشار كبير علماء الذكاء الاصطناعي في الشركة إلى أن ChatGPT ليس بالتقنية الجديدة والمبتكرة والفريدة من نوعها، إلا أن Meta لم تتمكن من إحراز أي تقدم على صعيد مشاريع الذكاء الاصطناعي التوليدية حتى اللحظة.
وفي السياق، أثار روبوت الدردشة Blenderbot الشبيه بـ ChatGPT انتقادات عديدة لضعفه على مستوى ضبط الجودة. ولم تشمل الانتقادات تبني نظريات المؤامرة وحسب، بل طالت أيضًا شركة Facebook نفسها. في المقابل، اضطرت Meta لإيقاف العمل بـ Galactica، الذي جرى تمصمميمه لمساعدة الباحثين، بعد مرور ثلاثة أيام فقط على إطلاقه.
على نحو مماثل، وخلال مناقشة مؤخراً لأرباح Apple، أشاد تيم كوك، الرئيس التنفيذي للشركة، بتقنية الذكاء الاصطناعي. كما وصل إلى حد القول إنها تقنية ستنعكس أخيراً على جميع منتجات الشركة وخدماتها. ومع ذلك، فإن أمثلة AI Cook التي أتى على ذكرها أثناء المناقشة لا تندرج في نطاق الذكاء الاصطناعي التوليدي.
إقرأ أيضا: هل يشير انخفاض أسعار الأسهم إلى أوقات عصيبة تمرّ بها عمالقة التقنية؟
كذلك، لا يبدو موقع أمازون، الذي يضمّن أيضاً الذكاء الاصطناعي في منتجاته – كما هو الحال مع Alexa – مسحوراً بـ ChatGPTعلى الإطلاق.
وفي تغريدة لكبير موظفي التكنولوجيا في الشركة “وارنر فوغلز”، أعرب الأخير عن انزعاجه من طريقة ChatGPT في التعامل مع أمان خدمات أمازون ويب. وقال فوغلز إن روبوت الدردشة المدعوم بالذكاء الاصطناعي “لا يهتم بتداول معلومات دقيقة، بل فقط بتجميع الكلمات معًا على نحو يبعث على الإقناع”.
وبعيداً من وادي السيليكون، يتردّد أن شركة Baidu ، عملاق التكنولوجيا الصيني ، تستعد خلال الشهر المقبل لإطلاق روبوت محادثة شبيه بـ ChatGPT.
وبالرغم من عدم اقتناع الجميع بالمزايا والقيمة المضافة التي يقدمها الذكاء الاصطناعي التوليدي، إلا أن نجاح ChatGPT سوف يضمن أن هذا الفرع من الذكاء الاصطناعي سوف يكون قادراً على التفوق على فروع أخرى لفترة أطول من الزمن.