لقد أثّر المسار الحالي في سوق العملات المشفرة، ليس فقط على مستثمري التجزئة، إنماً أيضًا على ربحية تعدين البتكوين. يُعتقد أن الارتفاع الصعودي في العام الماضي، والذي شهد ارتفاع أسعار البتكوين بما يزيد عن 60 ألف دولار، حقق أرباحًا صافية بلغت 90 في المئة تقريبًا، وتوقعات بمزيد من المكاسب في عام 2022. لسوء الحظ، لم يتحقق ذلك. فقد أدى مزيج مؤسف من ارتفاع تكاليف التشغيل، بفضل مشكلات سلسلة التوريد، وارتفاع تكاليف الكهرباء، إلى أنه خلال الأشهر القليلة الماضية، كانت أسواق العملات المشفرة هبوطية بشكل مفرط. وأدى ذلك إلى انخفاض أسعار البتكوين على طول الطريق إلى حوالي 20000 دولار، كما هو الحال في الوقت الحالي.
إلى جانب ارتفاع التكاليف، هناك عامل آخر أثر بشدة على ربحية عمليات التعدين، وهو زيادة عدد عمال المناجم الذين انضموا إلى الشبكة خلال السباق الصعودي للعام الماضي، مما أدى إلى مزيد من الانكماش في إنتاج التعدين المشفر. في الواقع، تسبب العدد المتزايد من المعدنين في أن يصل معدل تجزئة البتكوين، والذي يعكس قوة الحوسبة للشبكة، إلى أعلى مستوى له على الإطلاق في وقت سابق من هذا الشهر. وعلى العكس من ذلك، انخفض سعر تعدين البتكوين، الذي يقيس أرباح المعدنين بالدولار الأميركي، بأكثر من 50 في المئة منذ مارس/آذار 2022.
باختصار، يدفع المُعدِّنون المزيد مقابل سك عدد أقل من عملات البتكوين، والتي لم تعد في حد ذاتها ذات قيمة كما كانت من قبل. وقد وضع هذا مستثمري التعدين المشفر في موقف صعب. تقريبًا جميع شركات التعدين الرائدة مثل Riot و Marathon، قد فاتتهم تقدير إيراداتهم، وكان عليهم إعادة صياغة خططهم التوسعية. علاوة على ذلك، اضطر البعض إلى بيع عملات البتكوين من أجل مواصلة العمل. على سبيل المثال، وفقًا لمذكرة صحفية، من بين 466 عملة بيتكوين تم تعدينها في مايو/أيار 2022، كان على شركة Riot بيع أكثر من نصفها (250) لجمع حوالي 7.5 ملايين دولار لبث بعض رأس المال العامل الذي تمس الحاجة إليه.
ومع ذلك، نظرًا لأنهم يكافحون من أجل الاستمرار في العمل، يدرك مستثمرو التعدين المشفر اقتراب حدث رئيسي سريع في عمليات تعدين البتكوين المعروفة بالنصف. عندما بدأت البلوكتشين في عام 2008، كانت مكافأة التعدين 50 بتكوين. ظلت المكافأة كما هي حتى تمت إضافة 210 ألف قطعة، وبعد ذلك تم تخفيضها إلى النصف إلى 25 بتكوين. تتكرر عملية تخفيض المكافآت إلى النصف كلما تم تعدين 210 ألف قطعة. يستغرق تعدين 210 ألف كتلة تقريبًا أربع سنوات، وكانت هناك ثلاثة أحداث لخفض البتكوين إلى النصف في الماضي (في 2012 و 2016 و 2020)، ومن المتوقع حصول الحدث التالي في وقت ما في أوائل عام 2024.
مع كل نصف، يفقد مستثمرو التعدين المشفر 50 في المئة من حوافز معالجة المعاملات الخاصة بهم. ومع ذلك، فإن كل نصف يقلل من معدل إطلاق عملات البتكوين الجديدة، مما يزيد من الندرة. يؤدي هذا إلى تفعيل ديناميكيات العرض والطلب ويكون لانخفاض العرض تأثير إيجابي على السعر. تاريخياً، أدى كل حدث الى النصف إلى سباق صعود طويل. لكن هل يمتلك جميع مستثمري التعدين المشفر أرجلًا للصمود حتى العشرين؟
