من المؤكد أن أحداث العام الجاري سيكون لها تأثيرٌ عميق على النظام البيئي للعملات المشفرة. وكما تحدثنا فيما مضى، فإن التوسع في الإطار التنظيمي سيشكل أحد أكبر تهديد لشتاء التشفير السائد.
على الرغم من أن العديد من الدول تبحث في إمكانية توسيع الإطار التنظيمي لِلعملات المشفرة، فقد بدأت دول أخرى عدّة في دراسة منصات العملات المشفرة.
فعلى سبيل المثال، قامت الهند بالتقصي حول عشرات البورصات المشفرة، بالإضافة إلى تجميد أصول شركة WazirX. وقالت مديرية الإنفاذ الهندية في بيان صحفي، إن المنصة وُجهت لها اتهامات بالتواطؤ مع “حوالي 16 شركة تعمل في مجال التكنولوجيا المالية لتنفيذ عمليات غسل الأموال غير المشروعة المحصّلة عن طريق التشفير”.
وفي الوقت نفسه، في الولايات المتحدة الأمريكية، أفادت تقارير صحفية أن لجنة الأوراق المالية والبورصات (SEC) ولجنة تداول السلع الآجلة (CFTC)، تستعدان لتقديم طلب رسمي إلى صناديق التحوّط العملاقة للكشف عن أي عمليات احتيال بواسطة العملات المشفرة.
وصوتت الهيئتان مؤخرًا على تقديم اقتراح يتضمن إضافة سؤال حول الأصول الرقمية إلى متطلبات إعداد التقارير الحالية الخاصة بصناديق التحوط.
على صعيد المنطقة، باتت دولة الإمارات العربية المتحدة تطلب من وكلاء العقارات إبلاغ هيئات مكافحة غسل الأموال بأي صفقات مدفوعة بالعملات المشفرة. وجاء ذلك بعد أن أعلن بعض المطوّرين العقاريين في المنطقة عن استعدادهم لقبول مدفوعات “بيتكوين” و”إيثيريوم”.
لكن هل سيكون لهذا التوسّع التنظيمي، والتلويح باتخاذ إجراءات قاسية وإنزال عقوبات صارمة، تأثيرات سلبية على القطاع الحديث العهد نسبيًا؟
في هذا الإطار، تشير كارولين مالكولم، رئيس السياسة العامة الدولية والبحوث في منصة “تشيناليسيس” المتخصصة في الـ”بلوكتشين”، إلى أنه خلافًا للاعتقاد الشائع، فإن قطاع العملات المشفرة يتطلع للتعاون مع الهيئات التنظيمية.
وأوضحت مالكولم في مقابلة أجرتها لصالح “إيكونومي ميدل إيست”: “يؤمن قطاع العملات المشفرة بضرورة المساءلة في ظل قوانين تنظيمية عملية ومدروسة”، مشيرةً إلى أن حاجة القطاع لمبادرات تنظيمية ذكية لضمان استمرار التداول الآمن بالعملات المشفرة”.
وأضافت أن العملات المشفرة تمثل تحديًا فريدًا للهيئات التنظيمية، معربةً عن سعادتها بالتفاعل الذي تبديه الجهات الرقابية إزاء القطاع للتعرف أكثر على هذه التقنية الجديدة.
توضح مالكولم أن “تقنية العملات المشفرة تتميز بأنها جديدة ومختلفة ومتسارعة للغاية”، لافتةً إلى أن الهيئات الرقابية تواجه تحدّياً لخلق توازن بين إرساء قوانين من شأنها تنظيم أمر بهذا التعقيد من جهة، وتعزيز التقنيات المبتكرة دون التعمّق في فهمها بالدرجة الأولى من جهة أخرى”.
وتعتقد مالكولم أنه على الرغم من صعوبة التنبؤ بتأثير الإجراءات التنظيمية على أسعار العملات المشفرة على المدى القصير، إلا أنها واثقة من أهمية تنظيمات مماثلة لتحقيق نمو على صعيد قطاع التشفير في المستقبل.