Share

تعرفة الخلوي تحرق اللبنانيين ولا تداوي قطاع الاتصالات

من أبرز التحديات التي تواجه الاتصالات عدم تطبيق قانون الـ431
تعرفة الخلوي تحرق اللبنانيين ولا تداوي قطاع الاتصالات
قطاع الاتصالات في لبنان

لم يكن ينقص اللبنانيين من قهر إلا تعرفة الاتصالات الجديدة التي بدأ العمل بها منذ مطلع يوليو (تموز) الحالي.

فهذه التعرفة تفوق بأضعاف قدرتهم على الاستمرار في الحصول على هذه الخدمة الحيوية في ظل الظروف الإقتصادية الصعبة. كما أن هذه التعرفة تفوق قدرة الشركات على تحمل زيادة زيادة الأعباء التشغيلية بعد إرتفاع سعر صرف الدولار.

في جلسته الأخيرة في 20 مايو/أيار، قبل أن تتحول الحكومة الى تصريف الاعمال عقب اجراء الانتخابات النيابية، أقر مجلس الوزراء مرسومي تعديل تعرفة الخدمات الهاتفية الإنترنت والاتصالات الخلوية.

هذا الاقتراح الذي طرحه وزير الاتصالات جوني القرم من خارج جدول الاعمال، لم يكن مفاجئاً. إذ سبق أن سوّق له الوزير ولوجوب إقراره نظراً لأهميته على استمرارية قطاع الاتصالات الذي سيتعرض الى مخاطر كبيرة في حال الاتسمرار بالاسعار الحالية.

ويعاني لبنان من ازمة اقتصادية حادة أدت الى تدهور عملته المحلية بأكثر من 90 في المئة في مقابل الدولار، ومن تعدد لأسعار الصرف في وقت لا يزال سعر الصرف الرسمي يستوفى على أساس 1515 ليرة فيما سعره في السوق المواية وصل الى حدود الثلاثين ألفاً، في وقت سمح للمواطن الذي يملك وديعة مصرفية بالدولار أن يسحب من وديعته مبلغاً بسقف محدد شهرياً على اساس سعر صرف 8 الاف ليرة. فيما الدولة لا تزال تجبي وارداتها لتعزيز موازنتها على اساس سعر الصرف الرسمي.

الاقتراح الذي تم إقراره الأول يخفّض سعر الاتصالات 66.7 في المئة بالدولار المحتسب على سعر منصة صيرفة (وسعرها اليوم 25 ألفاً و400 ليرة). وهذا يعني انه باتت الفاتورة تحتسب وفقاً لدولار “صيرفة” فيما كانت تحتسب سابقاً على أساس سعر الصرف الرسمي. وهذا من شأنه أن يزيد التكلفة على المشتركين، لكن في المقابل يتيح للشركتين اللتين تشغّلان الهاتف الخولي في لبنان، وهما “ألفا” و”تاتش”، قدرة أكبر على مواجهة الضعوبات المالية التي تعترضها، بحسب وزير الاتصالات.

ومما تقدم، فان هذا يعني ان الفاتورة الشهرية التي سيستوفيها المواطن ستكون متحركة كونها رُبطت بالسعر الذي يتم تداوله عبر منصة “صيرفة”.

على سبيل المثال، من كان يدفع 50 دولاراً شهرياً وفق سعر الصرف الرسمي، بدأ يدفع اعتباراً من الأول من يوليو/تموز 16.7 دولاراً، ولكن وفق سعر “صيرفة”. بمعنى آخر، فان المواطن الذي كان يدفع سابقا بما يعادل بالليرة اللبنانية 75 ألفاً، بات اليوم مضطراً الى ان يدفع حوالي 400 ألف ليرة عند احتساب الفاتورة على اساس “صيرفة”.  وهي زيادة تفوق الـ530 في المئة.

وقد سجلت عمليات احتكار واسعة كان بطلها أشخاص نافذون اشتروا مسبقاً كميات كبيرة من بطاقات للتشريج المسبق على أساس سعر الصرف الرسمي، وهم اليوم يستفيدون من الهامش الكبير بين السعر السابق والحالي.

وكشف عاملون يف القطاع عن بعض اسماء المحتكرين خلال مقابلة تلفزيونية مع وزير الاتصالات الاسبوع الماضي ويفترض ان يكون هذا الامر بمثابة إخبار يتحرك القضاء على اساسه.

ويبرر مصدر في وزارة الاتصالات إقرار المرسوم، قائلا في تصريح لـ”إيكونومي ميدل إيست” إنه كان يجب إتخاذ قرار تغيير الأسعار لتتمكن “الفا” و”تاتش” من تغطية مصاريفهما التي ارتفعت بشكل جنوني بسبب سعر الصرف، حيث أن مصاريف شراء مادة المازوت باتت تستأثر على أكثر من 60 في المئة من نفقاتهما التشغيلية. ومن هذا المنطلق، و”بعد دراسات عدة كان قرار تقسيم الأسعار الحالية على ثلاثة وضربها على سعر منصة صيرفة، وتبيّن أن هذا هو الخيار الأنسب لزيادة الإيرادات”.

إصلاح القطاع

 

قطاع الاتصالات الذي وصف يوماً ما انه نفط لبنان، يعاني من مخاطر جسيمة تهدد بقاءه. علما انه اكثر من يدخل الايرادات الى خزينة الدولة. فبين 2011 و2020 دخل الى الخزينة 13 مليار دولار من هذا القطاع، لكنه اليوم بات يشكل عبئاً كبيراً على الدولة في وقت يحتاج الى الدولارات الطازجة غير المتوافرة لاستكمال المشاريع واجراء عمليات الصيانة.

فمن أبرز التحديات التي واجهت قطاع الاتصالات ولا تزال، عدم تطبيق قانون الاتصالات 431 ومنع تفعيل الهيئة المنظمة للقطاع. لسبب بسيط، وهو أن الوزراء المتعاقبين على هذه الوزارة كانوا يريدون الاستئثار بالقرارات من دون العودة الى الهيئة التي يفترض أن تكون العين الساهرة القوية والمستقلة والتي تضمن تساوي فرص المنافسة العادلة بين المشغّلين من جهة، وتضمن حقوق المستهلكين بجودة الخدمة وأفضل الأسعار واحترام خصوصيتهم من جهة أخرى.

وبالتالي، فان مرسوم زيادة أسعار بعض الخدمات التي توفرها الوزارة ليس بالحل الناجع لاستعادة القطاع عافيته. فالاموال التي ستجبى هي حل مؤقت لفرملة تدهور القطاع في وقت يجب توفير تمويل من أجل تحسين خدمة الانترنت شديدة الرداءة في لبنان والتي تعتبر اليوم عصب نهوض الاقتصاد.

علما ان لبنان كان من أوائل الدول العربية التي أطلقت خدمة التخابر الخلوي، وأول دولة في الشرق تقدم لمواطنيها خدمة الإنترنت في العام 1996.

كما يفتح هذا الأمر على باب الانترنت غير الشرعي الذي يشكل نسبة 62 في المئة من اجمالي المشتركين، وفق تصريح وزير الاتصالات نفسه، والذي يتوقع أن يكون المردود من مكافحته ألف مليار ليرة في السنة.