على وقع إقفال المصارف في لبنان بسبب تعرضها لاعتداءات مسلحة من قبل عدد من المودعين لسحب ودائعهم، كان وفد من صندوق النقد الدولي برئاسة أرنستو راميريز يجول على المسؤولين في لبنان لإبلاغهم برسوبهم في امتحان تمرير الاصلاحات التي يحتاج إليها البلد، مبقياً الباب موارباً على عدم تخليه عن نيته الوصول الى اتفاق نهائي مع لبنان.
وكان صندوق النقد الدولي وقّع في أبريل/نيسان الماضي، إتفاقاً أولياً على مستوى الموظفين مع لبنان شمل مطالب وشروطاً للانتقال إلى المرحلة النهائية من التوقيع.
من هذه المطالب تمرير موازنة العام 2022، وإقرار تعديلات على قانون السرية المصرفية (أقر مؤخراً) لمواءمته مع المعايير الدولية لمكافحة الفساد وإزالة العقبات أمام إعادة هيكلة القطاع المصرفي؛ ووضع قانون لإعادة هذه الهيكلة كي تستعيد المصارف مقومات الاستمرار؛ وموافقة مجلس النواب على تشريع طارئ لتسوية الأوضاع المصرفية لتنفيذ استراتيجية إعادة هيكلة المصارف؛ وإقرار مشروع قانون فرض قيود على التحويلات (الكابيتال كونترول)، وقيام مصرف لبنان بتوحيد أسعار الصرف لمعاملات الحساب الجاري المصرح بها.
إلاّ أن الغالبية الكبرى من هذه المطالب لم تنفذ بعد. فمشروع موازنة العام 2022، ورغم التأخر الكبير في درسه، لا يزال عالقاً في مجلس النواب. وتم تحديد جلسة جديدة للمجلس يوم الاثنين المقبل في 26 سبتمر/أيلول الحالي من أجل إقراره وذلك بعد فشل الاجتماع السابق في تمريرها نتيجة غياب النصاب في الجلسة.
الخلاصات الأولية التي يمكن استنتاجها بعد يومين من اللقاءات التي أجراها وفد صندوق النقد الدولي، وبناء على تصريحات المسؤولين الذين التقوه، أن الصندوق لا يزال حريصاً لا بل متمسكاً بالتوصل الى اتفاق نهائي مع لبنان يمنحه قرضاً بقيمة 3 مليارات دولار يسدد على أربع سنوات.
وهو ما عبّر عنه وزير الاقتصاد اللبناني أمين سلام الذي قال إثر لقائه وفد الصندوق “كانت رسالة إيجابية من الصندوق اليوم أنه ما زال ملتزماً التزاماً كاملاً بالاتفاق الذي بدأنا به من قرابة الخامسة أشهر ولديه كامل النية بالوصول إلى اتفاق نهائي مع لبنان”.
لكن الصندوق في المقابل أكد أن لا مجال للإنتقال الى المرحلة النهائية من التوقيع في حال لم ينفذ لبنان الحد الأدنى من الشروط المسبقة.
مع العلم أن رئيس مجلس النواب نبيه بري أبلغ وفد الصندوق “إصرار المجلس النيابي تكثيف عمله لإنجاز ما هو مطلوب منه على صعيد التشريعات الإصلاحية والتعاون مع السّلطة التّنفيذية في هذا الإطار وحفظ حقوق المودعين”.
و”الحد الأدنى” من الشروط المقصود قد يشير الى احتمال تساهل صندوق النقد في بعض النقاط التي يطالب بها، وذلك من أجل المساعدة في إنقاذ اقتصاد لبنان المتهالك ودعم اللبنانيين الذين بات بمعظمهم في خانة الفقراء بعد ملامسة الدولار لعتبة الـ40 ألف ليرة (فيما سعر الصرف الرسمي لا يزال عند 1500 ليرة).
ونُقل عن الوفد قوله إنه في حال إقرار القوانين المطلوبة وإبرام الاتفاق النهائي مع الصندوق “فسيحصل انفتاح مالي غزير على لبنان من جانب المؤسسات الدولية، أما اذا لم تتحمّلوا مسؤوليتكم فلا نستطيع أن نفعل لكم شيئاً وهناك دول كثيرة في العالم تنتظرنا”.