Share

لأوّل مرّة.. الصين تسجل عجزاً فصلياً بـ 11.8 مليار دولار في الاستثمار الأجنبي

من أسباب الضعف في الاستثمار الأجنبي إعادة الشركات متعددة الجنسيات أرباحها إلى الوطن
لأوّل مرّة.. الصين تسجل عجزاً فصلياً بـ 11.8 مليار دولار في الاستثمار الأجنبي
لدى الصين عدد سكان يتجاوز 1.4 مليار نسمة ومجموعة متوسطة الدخل يبلغ عددها أكثر من 400 مليون شخص

تبدو الصورة الاقتصادية شديدة التباين في الصين حالياً، وسط محاولات حكومية لتأكيد سلامة الوضع في الأسواق وقوة الاقتصاد وانفتاحه لاستقبال الاستثمارات، وبين بيانات تظهر تدفقات مالية واسعة النطاق إلى الخارج.

وسجلت الصين أول عجز فصلي على الإطلاق في الاستثمار الأجنبي المباشر وفقاً لبيانات ميزان المدفوعات. مما يسلط الضوء على التحدي الذي تواجهه بكين في جذب الشركات الأجنبية في أعقاب خطوة “تقليص المخاطر” التي اتخذتها الحكومات الغربية ضد الصين.

وسجلت التزامات الاستثمار المباشر – وهي مقياس للاستثمار الأجنبي المباشر – عجزاً قدره 11.8 مليار دولار خلال الفترة من يوليو/تموز إلى سبتمبر/أيلول، وفقا للبيانات الأولية لميزان المدفوعات الصيني.

وهذا أول عجز ربع سنوي منذ أن بدأت هيئة تنظيم الصرف الأجنبي في الصين في تجميع البيانات في عام 1998، والتي يمكن ربطها بتأثير “إزالة المخاطر” من قبل الدول الغربية تجاه الصين وسط توترات جيوسياسية متزايدة.

أسباب متعددة

وكتب بنك غولدمان ساكس في مذكرة أن “بعض الضعف في الاستثمار الأجنبي المباشر الداخلي للصين قد يكون بسبب قيام الشركات متعددة الجنسيات بإعادة أرباحها إلى الوطن”. وأضاف أن “فروق أسعار الفائدة في الصين مع الدول المتقدمة لعبت أيضا دوراً. ومع استمرار انخفاض أسعار الفائدة في الصين مقارنة بخارجها لفترة طويلة، فمن المرجح أن تستمر ضغوط تدفق رأس المال إلى الخارج”.

ونتيجة لهذا فقد سجل التوازن الأساسي للاستثمارات في الصين – والذي يشمل أرصدة الحساب الجاري والاستثمار المباشر وهو أكثر استقراراً من استثمارات المحافظ المتقلبة – عجزاً بلغ 3.2 مليار دولار، وهو العجز الفصلي الثاني على الإطلاق.

وكتب تومي شيه، رئيس الأبحاث في “أو سي بي سي”: “بالنظر إلى هذه الديناميكيات المتكشفة، والتي تستعد لممارسة الضغط على اليوان الصيني، نتوقع استجابة استراتيجية مستدامة من السلطات الصينية”.

وأظهرت بيانات رسمية أن تداول اليوان خارجياً مقابل الدولار سجل أيضاً حجماً منخفضاً قياسياً في أكتوبر/تشرين الأول، مما يسلط الضوء على الجهود المكثفة التي تبذلها السلطات للحد من بيع اليوان.

ويتوقع شيه أن يواصل البنك المركزي الصيني التدخلات لمواجهة التقلبات الدورية، بما في ذلك التثبيت اليومي لليوان وإدارة سيولة اليوان في السوق الخارجية، لدعم العملة في مواجهة هذه الرياح المعاكسة.

وتظهر أحدث البيانات أن حجم تداول اليوان المحلي مقابل الدولار انخفض إلى مستوى قياسي بلغ 1.85 تريليون يوان (254.05 مليار دولار) في أكتوبر/تشرين الأول، بانخفاض 73 في المئة عن مستوى أغسطس/آب الماضي.

وقالت مصادر لـ”رويترز” إن “بنك الشعب الصيني حث البنوك الكبرى على الحد من التداول وإقناع العملاء باستبدال اليوان بواسطة الدولار. وأظهرت بيانات غولدمان ساكس أن تدفقات النقد الأجنبي من الصين ارتفعت بشكل حاد في سبتمبر/أيلول، إلى 75 مليار دولار، وهو أكبر رقم شهري منذ عام 2016.

اقرأ أيضا: الصين تضخّ أكبر دعم نقدي منذ 2020 لانتشال اقتصادها

تركيز على الرقائق

وفي إطار يتصل بالاستثمارات والأمن القومي معاً، جمعت شركة أشباه الموصلات الصينية الناشئة “شانجين شينشياو ميموري تكنولوجيز” تمويلات جديدة بقيمة 39 مليار يوان (5.4 مليار دولار) من مستثمرين مدعومين من الحكومة الصينية. ما يشير إلى مضاعفة الصين جهودها لتحقيق الاكتفاء الذاتي من تكنولوجيا أشباه الموصلات والرقائق الإلكترونية، في مواجهة القيود التي تفرضها الولايات المتحدة على صادرات الرقائق المتطورة إلى الصين والعقوبات المفروضة على كثير من الشركات الصينية.

وذكرت وكالة “بلومبرغ” أن الشركة الموجود مقرها في مدينة خفي بمقاطعة أنهوي الصينية حصلت في دورة جمع التمويلات الأخيرة على 14.6 مليار يوان من صندوق الاستثمار الثاني في صناعة الدوائر المتكاملة المدعوم من الحكومة في أواخر أكتوبر/تشرين الأوّل الماضي، وتمويلات من مستثمرين آخرين مرتبطين بالحكومة المحلية للمقاطعة.

ويذكر أن هذا الاستثمار في شركة “شانجين” هو أحد أكبر الاستثمارات التي يقوم بها صندوق الاستثمار في صناعة الدوائر المتكاملة منذ التحقيقات التي أجرتها السلطات الصينية مع رؤسائه السابقين بتهم الفساد.

وأُسست الشركة في عام 2021، وتستهدف إنتاج رقائق ذاكرة قادرة على منافسة الشركات العالمية مثل “ميكرون تكنولوجي” و”سامسونغ إلكترونيكس”. وتستهدف طرح أسهمها في البورصة بالصين على أساس وصول قيمتها السوقية إلى 14.5 مليار دولار.

قواعد جديدة

وفي الشهر الماضي فرضت الولايات المتحدة قواعد جديدة لبيع الرقائق الإلكترونية إلى الصين تستهدف بشكل خاص مبيعات الرقائق التي تنتجها شركة “نفيديا كورب” خصيصا للسوق الصينية، في إطار الجهود الأميركية الرامية إلى منع الصين من الحصول على التكنولوجيا المتطورة وبخاصة في مجال أشباه الموصلات.

وتستهدف القيود المتشددة الجديدة الرقائق من نوع “إيه 800″ و”إتش 800” بشكل خاص، والتي تنتجها الشركة الأميركية بغرض التصدير للصين بعد فرض إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن قيوداً أولية على تصدير هذه الرقائق في أكتوبر/تشرين الاوّل من العام الماضي. وتستهدف القيود الجديدة، بما في ذلك القواعد المحدثة لبيع الرقائق الإلكترونية الصادرة يوم الثلاثاء، منع الصين من الوصول إلى التكنولوجيا المتقدمة ذات الاستخدامات العسكرية.

وتفرض القيود الجديدة على الشركات إبلاغ الحكومة الأميركية قبل بيع الرقائق الأقل تقدما من الرقائق التي يشملها الحظر الأميركي. وقال مسؤول رفيع المستوى في إدارة الرئيس الأميركي إن الأصل هو استخدام أحدث الرقائق في تشغيل نماذج الذكاء الاصطناعي، لكن مع ضخ مزيد من المال يمكن استخدام عدد أكبر من الرقائق الأقل تطوراً في تشغيل نماذج الذكاء الاصطناعي أيضاً بما يشكل تهديداً للأمن القومي الأميركي.

تأكيد على الانفتاح

قال رئيس الوزراء الصيني لي كه تشيانغ إن “الصين سوف تستمر في تعزيز فرص انفتاح أكبر على السوق”.

وذكرت وكالة أنباء الصين الجديدة “شينخوا” أن لي،أدلى بهذه التصريحات في كلمته الرئيسية التي ألقاها خلال مراسم افتتاح معرض الصين الدولي السادس للاستيراد، ومنتدى “هونغتشياو” الاقتصادي الدولي.

وأضاف أن “لدى الصين عدد سكان يتجاوز 1.4 مليار نسمة. ومجموعة متوسطة الدخل يبلغ عددها أكثر من 400 مليون شخص، مما يمثل إمكانات هائلة من حيث طلب السوق”.

وأشار لي إلى أن “الصين ترغب دائماً في مشاركة فرصها السوقية. والبلاد ستوسع نشاط الواردات، وتعزز التنمية المنسقة للتجارة في السلع والخدمات. وستنفذ الصين القوائم السلبية لتجارة الخدمات عبر الحدود، وتدعم الابتكار في أشكال ونماذج التجارة الخارجية، وتعزز التجارة الرقمية.

وتوقّع لي أن “تصل واردات الصين من السلع والخدمات إلى 17 تريليون دولار، من حيث القيمة التراكمية في غضون الخمس السنوات القادمة”.

ومن جانبه، ذكر وزير المالية الصيني، لان فوان، أن “بلاده ستواصل تنفيذ سياسة مالية استباقية مع تركيز متزايد على فعاليتها”.

وقال لان، الذي تم تعيينه حديثا، في مقابلة مع وكالة “شينخوا”، إن “الوزارة ستسرع من إصدار واستخدام سندات حكومية إضافية، لضمان كثافة معقولة للإنفاق. وأضاف أن “إدارة الأموال المالية، سيتم تشديدها، من خلال انضباط أكثر صرامة، من دون الكشف عن تفاصيل.”

ويشار إلى أن لان، حل محل ليو كون، في أواخر أكتوبر/تشرين الاوّل الماضي، وزيرا للمالية، حيث يأتي تعيينه في وقت حاسم للنظام المالي الصيني.

تحسن بطالة الشباب

وفي سياق منفصل، ذكرت وكالة “شينخوا” أمس الاثنين نقلاً عن مقابلة مع وزير الموارد البشرية والضمان الاجتماعي وانغ شياو بينغ، أن معدل توظيف الشباب في الصين مستقر بشكل عام ويستمر في التحسن.

وأظهرت بيانات رسمية أن البلاد أضافت 10.22 مليون وظيفة جديدة في المناطق الحضرية في الأشهر التسعة الأولى، محققة 85 في المئة من الهدف السنوي.

انقر هنا للاطلاع على المزيد من أخبار الاقتصاد.

مواضيع ذات صلة: