في وقت كانت مصر منهمكة بالمؤتمر المتعلق بمكافحة تغيرات المناخ، وفيما أشادت رئيسة صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجيفا بالتزام مصر بسياسات قوية لحماية اقتصادها من الصدمات العالمية المتتالية، أعلنت وكالة “فيتش” خفض نظرتها المستقبلية للاقتصاد المصري من “مستقرة” إلى “سلبية”، وثبتت التصنيف الائتماني للبلاد عند B+.
وبهذا الخفض، تكون “فيتش” لحقت بنظيرتها “موديز” التي عدّلت، في شهر مايو/أيار، نظرتها المستقبلية لمصر من “مستقرة” إلى “سلبية”، بينما أبقت على تصنيفها الائتماني عند مستوى B2.
وعزت “فيتش” مراجعة التوقعات إلى “سلبية” للتدهور الحاصل بوضع السيولة الخارجية لمصر، وتراجع إمكانية الوصول إلى أسواق السندات الدولية، ما يجعل البلاد عرضةً لظروف عالمية معاكسة، في وقتٍ تشهد الموازنة ارتفاعاً بعجز الحساب الجاري، فيما تقترب آجال استحقاق ديون خارجية مرتفعة.
وبحسب ما ذكرته “فيتش”، فإن الاحتياطيات الأجنبية لدى المصرف المركزي المصري انخفضت إلى أقل من 32 مليار دولار بحلول أكتوبر/تشرين الأول 2022، من 35 ملياراً في مارس/آذار، و40 ملياراً في فبراير/شباط.
وبالتالي، فإن تغطية الاحتياطيات لما يزيد قليلاً عن ثلاثة أشهر من الدفعات الخارجية الحالية، هو أضعف من المتوسط (B) والذي يضمن تغطية الاستيراد لمدة 4 أشهر.
إقرأ أيضاً: هل يحل الاتفاق مع صندوق النقد الدولي مشكلات مصر؟
وكالة التصنيف أشارت إلى أنه رغم ارتفاع أصول المصرف المركزي بالعملات الأجنبية غير الاحتياطية، ومعظمها ودائع في المصارف المحلية، إلى 2 مليار دولار بحلول أكتوبر/تشرين الأول، من 1.5 مليار دولار في مارس/آذار، إلاّ أنها لا تزال أقل بكثير من مستواها في فبراير/شباط البالغ 9 مليارات دولار.
وكان لافتاً حجم الاستثمارات التي خرجت من مصر. فبحسب “فيتش”، انخفضت استثمارات غير المقيمين في الديون الحكومية الصادرة محلياً، إلى حوالي 13 مليار دولار بحلول سبتمبر/ايلول 2022، من أكثر من 17 مليار دولار في مارس/آذار وأكثر من 30 مليار دولار في عام 2021. و”من المحتمل حدوث بعض الانتعاش بسبب خفض سعر الصرف في الآونة الأخيرة، ورفع أسعار الفائدة، والاتفاق على تسهيلات صندوق النقد الدولي الجديد الممدد بقيمة 3 مليارات دولار لمدة 46 شهرًا”.
الوكالة الدولية أشارت إلى أن اعتماد سعر صرف مرن للعملة المحلية، في نهاية أكتوبر/تشرين الأول، أدّى إلى ضعف الجنيه مقابل الدولار الأميركي بنحو 30 في المئة مقارنةً بمستويات عام 2021، متوقعةً أن يؤدي ذلك لارتفاع التضخم، على أساس سنوي، إلى 17 في المئة في السنة المالية 2023، وإلى 12 في المئة في 2024.
عجز الحساب الجاري
وتوقعت “فيتش” أن يتقلص عجز الحساب الجاري إلى 3.1 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي (13 مليار دولار) في السنة المالية المنتهية في يونيو/حزيران 2023، من 3.5 في المئة من إجمالي الناتج المحلي في السنة المالية 2022 و4.4 في المئة من إجمالي الناتج المحلي في السنة المالية 2021.
وعزت هذا التحسن في السنة المالية 2022 إلى النمو في الشحن عبر قناة السويس، وانتعاش إيرادات السفر واتّساع الفائض في تجارة المواد الهيدروكربونية.
وسيكون التحسن الإضافي في السنة المالية 2023 مدفوعًا بشكل أساسي بارتفاع رسوم الشحن في قناة السويس وزيادة نمو السياحة.
تحديات التمويل
وتتفاقم تحديات التمويل في مصر بسبب استحقاقات الديون الخارجية العامة التي تبلغ حوالي 6 مليارات دولار في السنة المالية 2023 و 9 مليارات دولار في السنة المالية 2024، باستثناء الديون الثنائية مثل ودائع دول مجلس التعاون الخليجي، والتي من المرجح أن يتم تجديدها.
كما حددت الحكومة المصرية 6 مليارات دولار في شكل تمويل خارجي غير سوقي للسنة المالية 2023. و”سيغطّي هذا احتياجات مصر التمويلية في السنة المالية 2023، بافتراض بعض العائدات من تدفقات المحافظ لغير المقيمين و10 مليارات دولار من الاستثمار الأجنبي المباشر المدعوم بخطة الحكومة للخصخصة، ومعظمها من دول مجلس التعاون الخليجي” وفق “فيتش”.